الممرضة ولاعب الكرة.. | صحيفة السفير

الممرضة ولاعب الكرة..

أربعاء, 15/04/2020 - 12:33
فؤاد العروي/ كاتب مغربي

لنُصدِرْ قانونا لن يحصل بموجبه أي لاعب كرة قدم على سنتيم واحد أكثر في الشهر من صديقي  الاختصاصي في  التخدير الطبي.

هل تتذكرون؟ كان ذلك قبل بضعة أشهر، أي قبل قرون. كنا ونحن محشورون في المقاهي أو متكئون على الأرائك داخل بيوتنا، نتملى بطلعة رونالدو. من؟ لكن نعم، أنت تذكرون: هذا اللاعب البرتغالي المتعجرف والنرجسي الذي يحسب نفسه مركز العالم.

تقولون لي:

- نعم، ولكن لديه موهبة.

ما الموهبة؟ الشخص الذي يركض أسرع قليلاً من الآخر؟ الذي يملك قذفة رأسية أعلى ببضعة سنتيمترات من ابن عمه؟ رَكْلَ كرة مطاطية مثل رجل أصم؟

لقد كان يجذب انتباه الجميع – ويجذب الدولار بينما في الوقت ذاته، كان الأطباء والممرضون والممرضات يضحون بأنفسهم يوميًا لإنقاذ الأرواح. لقد أنجز صديق لي  اختصاصي التخدير الطبي من مراكش عملية حسابية أظهرت أنه حصل في عام واحد على ما تلقاه رونالدو في نصف يوم. و ومع ذلك، يبدو أن لا أحدا يرى فظاعة في هذا الأمر.

هل تتذكرون؟ حصل هذا قبل بضعة أشهر، أي قبل قرون.  حين كانت الجماهير تشاهد جاحظة العينين في المنزل أو محشوة في مقاهي الإنترنت، جسد كيم كارداشيان، المشهورة بفضل شهرتها.  فهي لا تتمتع  بموهبة معينة، وليس في جعبتها ذرة إنجاز باهر، فهي تكاد تكون أميّة ولكنها غنية بالمليارات لأنها "مُتَّبَعَةٌ"، هي ومُؤخرتها، من طرف ملايين النساء الساذجات و الرجال الحمقى.

وفي الوقت نفسه، كان الباحثون وعمال المختبرات يعملون بجد لتطوير الأدوية واللقاحات والعلاجات. وقد تمت مكافأتهم براتب شهري يعادل فردتي حذاء من أحذية التفاهة الكارداشيانية (نسبة إلى كارداشيان).

هل تتذكرون؟ كان ذلك قبل بضعة أشهر، أي قبل قرون. لقد أعجبنا بمهرجي الدرجة الدنيا، ومستخدمي اليوتوب، والمقامرين، و"مول فيراري"، والنصابين باعة المياه السحرية ...

أثناء هذا الوقت…

لكن ما الفائدة من الاستمرار؟ كانت الصحوة قاسية. إن "رونالدو"، و"كيم كارداشيان" البلهاء، وإن الفنانة ذات المكياج البهلواني هم من سينقذون حياتنا؟ فلنأمل أن ترسي هذه الأزمة، للمرة الأخيرة وإلى الأبد، السلم الحقيقي للقيم.

على أي حال، إليكم هذا الاقتراح الملموس: أن يُسَنَّ قانون يقضي بعدم حصول أي لاعب كرة قدم، ولا أي مؤثر ، ولا رئيس بلدية على سنتيم واحد في الشهر أكثر من صديقي اختصاصي التخدير – الذي يكون ربما أنقذ حياته في هذه الأثناء.

لا يهم إذا لم نفز بكأس إفريقيا، أو إذا ارتدينا ملابس غير فاخرة، أو لم يركب رئيس البلدية سيارة مرسيدس.

ولكن، سنعيش، على الأقل، في مجتمع سيفهم أخيرًا من هم أبطاله الحقيقيين