اقتراع 22 يونيو.. الانتخابات التي أعادت الأمل | صحيفة السفير

اقتراع 22 يونيو.. الانتخابات التي أعادت الأمل

ثلاثاء, 23/06/2020 - 16:23

شكًل اقتراع 22 يونيو 2019 حدثاً مفصلياً في تاريخ موريتانيا، حيث وصل إلى السلطة رئيس منتخب خلفاً لرئيس منتخب آخر، وهي سابقة لم يعهدها المسار السياسي للبلاد منذ تأسيس الدولة.

وأعطى وصول وزير الدفاع والقائد السابق للجيوش، محمد ولد الشيخ الغزواني إلى كرسي الرئاسة، منذ الشوط الأول دفعاً معنويا كبيرا لغالبية الشعب الموريتاني، بعد منافسة شرسة مع 5 مرشحين، ذلك أن الرجل أطلً على المواطنين بخطاب "جامع" حمل معه هموم الناس وتوقهم إلى بلد متماسك متصالح مع أبناءه دون غبن أو إقصاء، يمهد لموريتانيا جديدة قوية مزدهرة كاملة السيادة.
استقطب خطاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، مختلف الأقطاب السياسية والتوجهات الإديولوجية، وبات مرشح إجماع دون منازع، وتجنب خلال حملته الانتخابية كل الدعايات المغرضة ضد منافسه، بل كان يحرص في كل خرجاته على الإشادة بوطنيتهم وبتفانيهم في خدمة البلد.
 

نتائج متوقعة
 

اجمع المراقبون على أن كل المعطيات تشير إلى حسم الانتخابات لصالح المرشح محمد ولد الغزواني، ليس لأنه مرشح السلطة والأغلبية الحاكمة فحسب، بل للهبة الشعبية والسياسية التي رافقته منذ إعلانه الترشح للمنصب، وللطمأنينة والأمل الذي حمله خطاب فاتح مارس من العام الماضي وما تضمنه من إشارات واضحة على أن الرجل يريد بحق أن يخدم بلده مثلما نجح في جميع المهام التي أوكلت إليه وهو طيب الذكر داخل المؤسسة العسكرية والأمنية ومثال كذلك على الالتزام والجدية في العمل.
 

بيان اللجنة المستقلة للإنتخابات:
 

"تطبيقا للنصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية،
وعملا بالمرسوم رقم 185ـ 2019، الصادر بتاريخ 16 إبريل 2019 بشأن استدعاء هيئة الناخبين لانتخاب رئيس الجمهورية،
قامت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بتنظيم الشوط الأول من الانتخابات يوم 22 يونيو 2019، على أساس لائحة الترشحات المعتمدة من طرف المجلس الدستوري.
شارك في هذه الانتخابات من الناخبين967 594 موزعين على 3 861 مكتبا للتصويت، بينهم 45 لصالح جالياتنا المقيمة في الخارج.
وتشكل النتائج التي نحن بصدد الإعلان المؤقت عنها فيما يلي حصيلة لفرز محاضر عمليات التصويت التي جرت مركزة نتائجها على مستوى كل مقاطعة بحضور قاض منتدب من المجلس الدستوري.
وضمانا لشفافية هذه الانتخابات أتيح لكل مترشح أن ينتدب من يمثله لمواكبة مختلف العمليات الانتخابية، سواء داخل مكاتب الاقتراع لمتابعة عمليات التصويت والفرز، أو داخل مقرات اللجان الانتخابية على مستوي المقاطعات لمتابعة مركزة النتائج.
وقد أسفرت عملية تدقيق هذه النتائج على مستوى المصالح الفنية المختصة في اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات عن النتائج التالية:
عدد المسجلين 1 544 132
عدد المصوتين 967 594
عدد الأصوات اللاغية 28 800
عدد الأصوات المحايدة 9 484
عدد الأصوات المعبر عنها 929 310
نسبة المشاركة 62.66 %
و جاءت نتائج المترشحين التي نوردها حسب ترتيبهم المعتمد من طرف المجلس الدستوري كما يلي:
1 . محمد الشيخ محمد أحمد الشيخ الغزواني حصل على 483312 بنسبة52.01  %
2 . سيدي محمد بوبكر بوسالف حصل على 166058  بنسبة 17.87%
3 . بيرام الداه الداه اعبيد حصل على 172656  بنسبة 18.58 %
4 . محمد سيدي مولود حصل على 22695  بنسبة 2.44 %
5 . محمد الأمين المرتجي الوافي حصل على 3676 بنسبة 0.40 %
6 . حاميدو بابا كان حصل على 80916  بنسبة 8.71 %".
 

ما بعد انتخاب غزواني
 

إثر إعلان اللجنة المستقلة للانتخابات للنتائج المؤقتة لاقتراع 22 يونيو، اندلعت مظاهرات في بعض أحياء العاصمة، تنديداً بتلك النتائج في الظاهر، لكنها في الحقيقة مجرد محاولات يائسة للتأثير على الفرحة العارمة بتجاوز المرشح غزواني في الشوط الأول، بما يزيد على 52% من أصوات الناخبين، وبفارق مريح عن اقرب ملاحقيه، وكان يراد لتلك الأحداث أن تؤثر على مداولات المجلس الدستوري، رغم أن كل الطعون التي قدمت من بعض المرشحين افتقدت إلى الوقائع والأدلة، وفي خضم ذلك اعترف بعض المنافسين بنتائج الانتخابات وزكاها البعض الآخر لاحقاً، لفتح الرئيس المنتخب قنوات تواصل مع كافة الطيف السياسي دون تمييز، ومنحهم الأولوية في وضع التصورات والمقترحات التي تخرج البلد من عنق الزجاجة وتضع حداً لسنوات الجفاء والإبعاد المتعمًد عن المشاركة في صتع القرار، ذلك أن البلاد بحاجة إلى جميع أبنائها في مرحلة أقلٌ ما يقال إنها مرحلة عسيرة وخروج من النفق.
عاشت موريتانيا طيلة العشر سنوات الماضية حالة من الاحتقان السياسي، لم يسبق لها مثيل، وظلت اغلب المصالح معطًلة مع التركيز على محيط "ضيًق" أفلس قطاعات ومؤسسات حيوية وأهدر المال العام في مشاريع وهمية واتفاقيات مجحفة، وكان لزاما على الرئيس المقبل أن يعيد الأمور إلى نصابها، رغم عامل ضيق الوقت وإلحاح الرأي العام على الشروع في تطبيق برنامج "تعهداتي" دون مقدمات.
 

إرث العشرية
 

لا يختلف اثنان على أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، في وضع لا يحسد عليه، وهو يرثُ تركة ثقيلة حملت معها بقايا عشر سنوات من النهب المنظم والتمييع في مختلف المجالات، وليست قضية الإختلالات الاجتماعية التي عمًقها نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، بالأمر الهيًن خصوصاً وسط التأثيرات والضغوط الخارجية التي تسعى لوضع اليد على الأنظمة من خلال توسيع الهوة بين مكونات المجتمع ككل، ورغم ذلك أعطى الرئيس غزواني مؤشرات إيجابية على معالجة المشكل وإنصاف كل المتضررين من خلال تفعيل مشروع طموح "تآزر" أوكلت إليه مهمة مساعدة المواطنين الأقل دخلاً وتمكين أبنائهم من ولوج التعليم ودخول سوق العمل؛
استطاع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وهو يضع اللمسات الأخيرة على أولى حكوماته، أن يوازن بين الكفاءة والخبرة والقدرة على أداء المهام الموكلة إلى كل عضو على حدة، تماما كما أعطى تعليماته للوزراء بأن يسيروا قطاعاتهم حسب ما يرونه مناسباً وهي ربما للمرة الأولى التي يشعر فيها وزير بالتكليف دون التشريف.. كان كل هم الرجل أن يعيد للدولة سيادتها، ويعيد الحياة للدورة الاقتصادية، من خلال فتح الباب واسعا أمام رجال الأعمال والمستثمرين ومختلف الشركاء الدوليين، ويمنحهم الطمأنينة اللازمة لممارسة أنشطتهم من جديد، وفي هذا الصدد ألغى كل الأحكام التي صدرت بحق رجال أعمال وطنيين وراجع الدًين الخارجي، بعد أن نجح في جلب تمويلات كبيرة تجاوزت 6 مليارات دولار امريكي.
إن تسيير حكومة الوزير الأول اسماعيل ولد بدة ولد الشيخ سيديا، لجائحة كورونا، والقرارات الاستباقية التي اتخذتها قبل انتشار الوباء وبعده، تعكسُ وجود إرادة صادقة وحكومة بحجم المسؤوليات الموكلة إليها، والأهم من كل ذلك استجابتها السريعة للمواطينين وهمومهم وتدخلاتها في الوقت والمكان المناسبين، وكانت سيول سيليبابي خير دليل على مدى الاستجابة السريعة والجاهزية التي افتقدناها كثيرا.
يتفق كافة المراقبين على أن هنالك عمل مدروس تعكف عليه السلطات، ويزداد الأمل يوما بعد يوم في أن يكون الرئيس غزواني المنقذ والمخلص لهذا البلد الذي تكالبت عليه أيدي الغدر والخيانة واستبيحت ثرواته وجوعَ شعبه، لكن لن يحدث ذلك طبعا بين ليلة وضحايا، وليست اللجنة البرلمانية التي تمارس عملها اليوم بسلاسة، ولا تفعيل النظام القضائي إلا بداية موفقة بدأت تعطي المؤشرات الإيجابية بانتهاج سياسة إصلاح ناجعة تعيدُ الأمور إلى نصابها وتستعيد لموريتانيا هيبتها ولشعبها الأبي كرامته المسلوبة.

 

إعداد: سيدي محمد صمب باي

الموضوع الرئيسي لعدد "السفير" رقم: 1167 الصادر بتاريخ 23/06/2020