رئيس جهة لبراكنه لـ"السفير": الولاية تمتلك مقومات زراعية كبيرة ومخزون هائل من الفوسفات | صحيفة السفير

رئيس جهة لبراكنه لـ"السفير": الولاية تمتلك مقومات زراعية كبيرة ومخزون هائل من الفوسفات

جمعة, 18/09/2020 - 12:59
رئيس المجلس الجهوي للبراكنة: محمد المصطفى ولد محمد محمود

ضمن سعيها لإنارة الرأي العام، حول التعريف بالمجالس الجهوية، باعتبارها مرحلة متقدمة من سياسة اللامركزية، وأهميتها التنموية في التحسين من ظروف المناطق الداخلية، تواصل "السفير" لقاءاتها برؤساء الجهات، لتحطً الرحال ـ هذه المرة ـ  في لبراكنة، وتحاور رئيس مجلسها الجهوي، الخبير المالي: محمد المصطفى ولد محمد محمود.

تحدث رئيس الجهة، في هذه المقابلة، عن خصوصية لبراكنة والآفاق التنموية والإقتصادية الواعدة للولاية، وكذلك الخطوات الكبيرة التي قطعت فيما يخصٌ استكمال الإجراءات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالمجالس الجهوية، قبل أن يخلص لاستعراض حصيلة سنة من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

نص المقابلة:

سؤال: كيف تقيّم عمل المجالس الجهوية، وهل تعتقد أنها قادرة على لعب دورها كاملاً؟

جواب: في البداية اغتنم الفرصة لأشكر صحيفة "السفير" العريقة، على الاهتمام بالشأن العام، وبموضوع المجالس الجهوية خصوصاً، وذلك بهدف تسليط الضوء على هذه التجربة الفريدة، من خلال سلسلة المقابلات المتميزة مع زملائي رؤساء الجهات؛ والتي تابعتها باهتمام كبير..

بالعودة إلى ما تفضلتم به، فإن هذا السؤال يردًني للتذكير بنشأة هذا المستوى من اللامركزية الذي أنشئ بتعديلات دستورية وتم إقراره بقانون عضوي شهر فبراير 2018، (القانون رقم: 010ـ 2018)، وعليه تعتبر المجالس الجهوية مرحلة أو مستوى ثاني من اللامركزية قررت الدولة أن تصل إليه، بعد المستوى الأول وهو البلديات التي خُضنا تجربتها منذ ثمانيات القرن الماضي، وللتذكير فالصلاحيات كلها صلاحيات الدولة تقرر أن تتخلى عن مستويات منها، بعضها لصالح هيئات اللامركزية والتي بدأت كما قلت في الثمانيات عندما قررت الدولة منح بعضها للبلديات واكبتها صلاحية الإشراف على المدارس الابتدائية و النقاط الصحية والآبار الارتوازية، وخدمات النظافة، ولا شك أنها تفاوتت في الأدوار والأنشطة والعمل الميداني، وفي المقابل عجزت أخرى نتيجة ضعف الإمكانيات وما شابه، ونحن على يقين بأن المستوى الآخر من اللامركزية أي المجالس الجهورية والتي صوت عليها الشعب الموريتاني قبل عامين سيكون إضافة نوعية وتجربة جديرة بتحقيق الأهداف التي رسمت لها..

وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي أعقبت إنشاء تلك الهيئات، فقد شرعت الدولة في كل الترتيبات، من نصوص قانونية وتنظيمية وتوفير الموارد الضرورية لبدإ عملها، ومع أن السنة الماضية كانت حبلى بالإحداث انطلاق من تنظيم الانتخابات الرئاسية والتناوب على السلطة، وصولاً إلى ظهور جائحة كورونا، إلاً أن الاهتمام الرسمي بهذه التجربة ظلً قائماً وذلك ما أعلنته السلطات العليا للبد، في أكثر من مناسبة  من خلال خطابات رئيس الجمهورية، و الوزير الأول السابق، والتي حثًت كلها على ضرورة الإسراع في عملية تحويل الصلاحيات والموارد اللازمة من أجل أن تقوم المجالس الجهوية بمهامها على أكمل وجه.

أمًا عن تقييم عملها اليوم، فقد قدًم رؤساء الجهات تضحيات كبيرة من أجل أن يقدموا ما أمكن من مساعدات وتدخلات لصالح ولاياتهم، على الرغم من أنه لم تتجسد بعد الآليات التي تمكنهم من القيام بمهامهم، فعملوا على استكمال الترسانة القانونية الخاصة بتفعيل تلك الهيئات وهم الآن في مراحل متقدمة من أجل توجيه بعض الصلاحيات، والتحويل الفعلي لبعضها الآخر، مما تم الاتفاق عليه مع السلطات الإدارية، وظل جلً اهتمامهم منصب على "إرساخ" هذه الهيئات الجديدة، بكل ما أتيح لهم، واعتبر شخصيا أنهم نجحوا في الوصول إلى ذلك الهدف.

ومن ناحية قدرتها على لعب الأدوار المنوطة بها، فأنا من الذين يعتبرون أنه بدون لا مركزية شاملة لا يمكن فعل شيء، فمن غير المقبول اليوم أن ننتظر في إحدى الولايات الداخلية، الإدارة المركزية في نواكشوط، حتى تستكمل الإجراءات الضرورية من أجل إصلاح بئر ارتوازية مثلاً في "أكان" أو أي منطقة نائية أخرى، ومن غير اللائق كذلك أن تُقتل المدن الداخلية من أجل أن تحيى مدينة أو اثنتين، فهذا في الحقيقة بلا معنى، ويمكننا القول بأن الدولة الموريتانية ـ للأسف ـ منذ الاستقلال وهي تبني مدينة نواكشوط دون غيرها، فأغلبية المشاريع ممركزة في العاصمة، وإذا واصلنا في هذا النهج فإننا كمسؤولين لم يعد بإمكاننا أن نلومَ المواطنين على النزوح إلى العاصمة، ما دُمنا عاجزين عن توفير مقومات البقاء في مدننا الداخلية،..

من واجبنا خلق أنشطة تنموية تمكنُ المواطنين من البقاء في مناطقهم وجلب مشاريع تساهم في النمو الاقتصادي على كافة مستويات الحياة، "خدمات الماء والكهرباء منشآت ترفيه، خلق مشاريع تنمية اقتصادية ترفع الناتج القومي و تجلب المستثمرين، هذا هو دور المجالس الجهوية وهذا ما يتطلب التسريع في تحويل تلك الصلاحيات لكي تشرع المجالس في عملها.

سؤال: أية خصوصية لولاية لبراكنة يمكن أن تجعلها نموذجاً في التنمية المحلية؟

جواب: تتميز ولاية لبراكنة بأنها تعتبر ممرا أساسيا لثمانِ ولايات من الوطن، وبالتالي موقعها استراتيجي بالنسبة لموريتانيا، فلا يمكن أن تقوم تنمية في الشرق مثلاً بدون المرور بلبراكنة، وخصوصيتها تكمن في أنها تعبر موريتانيا مصغًرة حتى من ناحية التكونة الاجتماعية للبلد، والتميًز الجغرافي فهي تتموقع على ما يناهز 200 كيلومتر من نهر السنغال، ما يمنحها إمكانيات زراعية هائلة، إضافة إلى أنشطة سكانها في التنمية الحيوانية، والأهم من كل ذلك كونها ولاية سياحية إن استغلت مواقعها الاستغلال الأمثل.

فإذا ما تم الاستثمار الجيًد للمناطق المحاذية النهر من خلال دعم المزارعين، فإن ذلك سيكون مورد اقتصادي مهم للبد، وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الخضروات ومن ثم العمل على استكمال النواقص في مجال الحبوب وخاصة زراعة الأرز، وقد قطعنا خطوة كبيرة في هذا الصدد وبإمكاننا أن نصدره لدول الجوار، خاصة أننا على الحدود مع (المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا) والتي ستبدأ في القريب العاجل "السوق المفتوح" في المنطقة، وبلادنا لديها اتفاقية مع المجموعة، ومن أهدافنا الأساسية في المجلس الجهوي التركيز على الجانب الزراعي، وبإمكان لبراكنة إن توفرت الإرادة ووجدت الإمكانيات والاستثمارات المحلية، أن توفر جميع الحاجيات الغذائية لموريتانيا.

هنالك مورد اقتصادي مهم وكبير بالنسبة للبراكنة، لكنه ظلً معطلاً لسنوات، ألا وهو "بوفًال" أي الفوسفات بحيث تتوفر الولاية على مخزون هائل منه، وهو معدن ذا قيمة كبيرة، خصوصا إذا ما علمنا أنه يعتبر أهم مورد معدني للشقيقتين تونس والمغرب، ولهما تاريخ طويل مع الفوسفات ومع استغلاله، كما أن الجارة السنغالية تستغله منذ سنوات، بواسطة شركة هندية كنًا نحن قد حاولنا التعامل معها لكنه –للأسف- تم التلاعب بهذا المشروع المهم؛

الفوسفات موجود في بابابي ببلدة تسمى "الفرع"، وبكميات هائلة جداً، وإذا ما تم استغلاله هو الآخر سيجعل من لبراكنة ولاية معدنية بامتياز.

من ناحية أخرى تمكن الاستفادة مما يعرف بالاستغلال التقليدي للذهب، حيث يوجد الذهب السطحي في الكثير من مناطق لبراكنة، وقد قام عشرات المنقبين برحلات استكشاف لمعظم تلك المناطق، وهنالك مؤشرات كبيرة على وجوده في مقطع لحجار وجونابة، وأعتبر أن استحداث شركة "معادن موريتانيا" سيمكن من تنظيم هذا القطاع الحيوي وتوفير الخدمات الضرورية للعاملين فيه، وسيكون له مردودية اقتصادية كبيرة إن استغلت هذه المقومات، ولكم أن تنظروا إلى مدينة الشامي التي أصبحت قطب اقتصادي مهم مكًن من خلق فرص العمل ومنح آلاف المواطنين دخلاً معتبراً ساهم في التخفيف من نسب البطالة.

لكن الأهم في نظري بالنسبة للبراكنة، هو الزراعة المطريًة، على الرغم من أن الدولة استثمرت المليارات في المجال الزراعي، لكنها تجاهلت الزراعة المطرية، ولبراكنة ولاية معروفة بكثرة السدود وارتباط سكانها بالأودية ونقاط المياه، فمن المهم جداً أن يتم التركيز على هذا المجال وأن ينصب اهتمامنا في هذا الجانب، خصوصا في الجزء الشمالي من الولاية،..

وعلاوة على ذلك ستزداد فرص الاستثمار الزراعي بالولاية إذا ما بدأ عمل القناة المائية التي تربط بين بوكى ومدينة ألاك، وقد تصل إلى صانكرافة، وهذا يعتبر رافد مائي مهم ليس للزراعة فحسب، بل للاستهلاك البشري وللتمنية الحيوانية..،

في المجال السياحي والبيئي لدينا بحيرات: آلاك، مال وجلًوار، وهي بحيرات جيدة لها غطاء نباتي معتبر، ويعيش في كنفها مجموعة من الطيور النادرة، لكنها نالت للأسف نصيبها من الإهمال فقد هاجرت الطيور لقلة اهتمامنا بهذا الجانب، وفقدنا التوازن البيئي لتلك المناطق الأخاذة.

أعود لأؤكد على أن خصوصية ولاية لبراكنة، زيادة على ما تقدم، هي أنها ولاية تنعم بالاستقرار والأمن، وهي كما ذكرت موريتانيا مصغرة ونموذج مهم في الوحدة الوطنية والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع، وعلينا "أن نساهم جميعاً في الوصول بولايتنا الحبيبة، إلى تكون نموذجا لثقافة وطن وثقافة جمهورية".

سؤال: انتم على بعد أشهر من تسلّم مقرات المجالس الجهوية، كيف تقيّمون تعاطي الجهات الرسمية معكم، وهل استكملت عملية نقل الصلاحيات؟

جواب: السلطات المحلية جزء من الدولة ونحن جزء منها كذلك، مهمتها الأساسية هي تمثيل الدولة من خلال كل مكوناتها وهي مكلفة بالتنمية في ظل غياب هيئات أخرى مكلفة بهذا الجانب، ودورنا في المجالس الجهوية كما هو الحال مع البلديات، يعتبر دورا تكميليا.. ويبقى للإدارة الإقليمية الجانب الأمني والأمور السيادية، لكن هنالك أدوار تنموية ستطلع بها المجالس الجهوية، غير أنه في المحصلة نعمل كلنا في إطار التنسيق المشتركة فنحن في النهاية في دولة واحدة،...

مُرتاح جداً للتعاطي مع مختلف مكونات الإدارة الذين عملت معهم.. إدارة إقليمية ومندوبي القطاعات، والمدريرن الجهويين، و اعتبرهم إخوة و زملاء غيورين على وطنهم، يعملون بجد واجتهاد للمساعدة في تنمية الولاية، ولمستُ منهم الدعم الكافي وفهم أهمية الجهة ويعتبرونها بدون شك دعامة مهمة ستساعدهم في عملهم؛

أما بخصوص المقرات فستسلم بعد سنة تقريباً، وعن الصلاحيات فقد وقًع بالفعل على تحويل بعضها، ومازلنا نخطو بثبات نحو استكمال البقية، ضمن سلسلة إجراءات من بينها ميزانية 2021 والتي ستأخذ بالحسبان توفير بعض الإمكانيات والوسائل لانطلاقة فعلية ستكون ناجحة دون شك.

ولقد لمسنا من السلطات العليا في البلد إرادة قوية على إنجاح هذه التجربة، خاصة مع إصرار فخامة رئيس الجمهورية شخصياً على تدشين مقرات المجالس الجهوية، وهو ما يعني مستوى مهم من دعم الدولة واعتبار أن مجالسنا خيار استيراتيجي لا رجعة فيه، والدولة برهنت على التعويل عليها في تنمية الولايات من خلال تصريحات الوزير الأول في خطابه الأخير أمام البرلمان.

سبعة مليارات أوقية قديمة هي تكلفة بناء 12 مقراً ، وهو مبلغ ضخم يعكس قيمة تلك المنشآت، وقد تم بنائها وفقاً لتصاميم هندسية عالية الجودة، فهي تعبًر عن هيبة الدولة واحترامها لهذه المؤسسات، والأهم من كل ذلك أن آجال تسليمها قصيرة رغم استثماراتها الكبيرة، وسيواكب تسليم المقرات طبعاً، باستثمارات تأثيث كبيرة لأن هذه المقرات تضم أكثر من 60 مكتبا، والدولة أبدت استعدادها لتحمل كل ذلك.

سؤال: لا يفهم الكثير من المواطنين دور المجالس الجهوية، بل يعتقد بعضهم أن هنالك تداخل في الصلاحيات بينكم والإدارة الإقليمية من جهة، والبلديات من جهة أخرى، كيف تفسرون ذلك؟

جواب: بالعودة قليلا إلى  تحويل الصلاحيات، فإنني أرى في التدرًج سمة كل عمل يراد له النجاح، فأنا شخصياً لا يمكنني أن أستوعب صلاحيات المجالس الجهوية في سنة واحدة.. ولا اقبلها واقعياً، السليم برأيي أن تبدأ في مستويات معينة وخلال سنة وسنتين في أحسن الاحتمالات تستكمل أو يمنح أغلبها..

المُشكلة ليست في تحويل الصلاحيات، بل إن الخلل يكمن في أن يتم تحويلها ولا يطرأ شيء!.. علينا أن نتقرب من المواطنين وأن نلامس همومهم، ونعمل على تلبية حاجياتهم، فهنالك أولويات وهذا هو هدفنا المنشود، وبالتالي أرى بأن الدولة أخذت استيراتيجية سليمة بهذا الخصوص، وأظن أنه ستتم عملية تحويل اغلب الصلاحيات خلال المأمورية الأولى للمجالس الجهوية، على أن تستكمل البقية بسلاسة.

فمن الطبيعي أن لا تفهم الناس دور المجالس الجهوية لأنها ليست من تقاليدنا كمجتمع، وهي أسلوب جديد يمكن أن لا يفهم إلا مع الوقت، وهذا راجع بالأساس لفهم بعض المواطنين للبلديات؛ فهي أنشأت منذ أربعين عاما، وما زالوا مختلفين على نجاحها لأنهم لا يفهمون دورها أصلا، لكن مع الممارسة سيفهمون ما هو دور هذا المستوى من اللامركزية، إن نجحنا نحن في عكس فوائده على حياة المواطن وجعله يحسٌ بأهميتها، لكن لن يتأتى ذلك إلا بعمل مكتمل يلامس حاجيات المواطنين وتطلعاتهم..

لا وجود لما يسمى تداخل "الصلاحيات"، فقد قلت آنفاً إن الصلاحيات كلها للدولة، أخذت منها بعض المستويات وأعطته للبلديات ومنحت مستوى فوق ذلك للمجالس الجهوية لا أقل ولا أكثر.. وإذا أخذنا التعليم مثالاً فإن التعليم الأساسي منح للبلديات، فيما كُلفت المجالس الجهوية بالتعليم الثانوي والتقني و بقي التعليم العالي للدولة، هذا هو معنى "التراتبية" في الصلاحيات ضمن هذه المرحلة المتقدمة من اللامركزية؛ فلا وجود لأي تداخل في الصلاحيات بين السلطات الإدارية مع المجالس الجهورية.

سؤال: كنتم من ابرز الداعمين لرئيس الجمهورية بولاية لبراكنة، كيف تقرأ التعاطي الايجابي مع الفرقاء السياسيين، وبم تقيّمون السنة الاولى من حكم الرئيس غزواني؟

جواب: فعلا آنا من أول الداعمين لفخامة رئيس الجمهورية منذ إعلان ترشه للرئاسيات، وما قمت به من أجل إنجاحه اعتبره من واجبي، وما زلت مستعد لأن ابذل أكثر، لأنني أرى بأن البلد بحاجه في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه، إلى رجل بهذا المستوى ويملك تجربة كبيرة في تسيير الشأن العام.

الرئيس لديه تاريخ يشهد عليه جميع الموريتانيين، التزم بالعمل الجاد والصمت وعدم الدخول في الصراعات، رغم أنه يعتبر أحد قادة البلد المهمًين منذ سنين، وله الفضل في الكثير من الإنجازات.

لقد كان وراء حلً العديد من الأزمات التي واجهت موريتانيا، سواءً كانت في الداخل أو في الخارج، وهو باني المنظومة العسكرية والأمنية لهذا الوطن، و التي يُشاد بها اليوم، ومجموعة دول الساحل تعرف ذلك من خلال قادتها العسكريين و الأمنيين اللذين واكبوا تلك الفترة التي كان يتولى فيها قيادة أركان الجيوش؛.. إذن هو إنسان على مستوى كبير من الثقة ومن الرزانة ومن الكيًاسة التي كانت الدولة وكنا جميعا بحاجة إليها..

هنا أعرج على الانفتاح السياسي، والذي كان البلد بحاجة إلى تهدئة الساحة السياسة، فخامة رئيس الجمهورية يرى أن من الأولويات "تهدئة الساحة السياسية" التي كانت تشهد غليانا منذ فترة بحكم الهوة الكبيرة بين الموالاة والمعارضة حدً القطيعة، الأمر الذي جعل المعارضة تبدأ في التلاشي، لأنه لم يعد هنالك جو للعمل السياسي. لكن اليوم أختلف كل شيء، وأصبحنا نعتبر هذا الجو مكسبا كبيرا وقطعت البلاد فيه خطوات كبيرة، فلم يعد هنالك مواطن ممنوع من العودة إلى بلده إلا باختيار شخصي منه، فلا يوجد حزب سياسي إلا وتم اللقاء بقياداته وتم الاستماع إليهم، ولآرائه، ورئيس الجمهورية يمتاز بخاصيًة الاستماع وأخذ كل الآراء بعيد الاعتبار، وشهادات أغلبية رموز المعارضة عن رضاهم لتلك الشراكة وهذا التقدير، خير دليل على ذلك.

كانت استراتيجية الدولة لمكافحة جائحة "كورونا" إشراكاً فعلياً لأقطاب المعارضة، حيث أشركت ومثلت في اللجان المشرفة وأشرك المجتمع المدني بكل مكوناته، وهذه درجة كبيرة من الشفافية والشراكة مع الطيف السياسي وقد أثنوا على ذلك في جميع تصريحاتهم.

فيما يخصٌ التقييم من الجانب الاقتصادي، أعطى الوزير الأول الأخير الكثير من المعلومات المهمة، حول نسبة النمو بالمقارنة مع دول كنا نتخذها نموذجاً، فقد سيطرنا على الأمور بما يلزم، رغم تأثر الجائحة الكبير على مستوى العالم، لكننا بحمد الله وشكره تمكنا من امتصاص الأزمة عن طريق خطة استباقية ناجعة وتسيير محكم لموارد الدولة.

وفي نفس الوقت كان هنالك انطلاق مشاريع أخرى من أهمها مشروع "الإقلاع" الاقتصادي، وهو مشروع مهم لأنه ضخً 240 مليار أوقية قديمة، للسنوات الثلاثة القادمة، ستخصص لتمويل مشاريع مهمة تلامس اهتمامات المواطنين وحياتهم اليوم، مبعد الانتصار الكبير على معضل كوفيد19، الجائحة..

اليوم ربما بلادنا من البلدان القليلة التي تسجل فيها حالات يومية عادية مع نسب شفاء مرتفعة، بالمقارنة مع دول مجاورة، شهدت موجة ثانية من الفيروس، وهذا يعود للإستيراتيجية المحكمة التي انتهجتها السلطات الصحية وبالتالي التصدي لأزمة من هذا الحجم هو في حد ذاته إنجاز كبير يحسبُ للحنكة وحسن التدبير والتقدير.

ورغم كل ذلك واصلت الدولة مشاريعها دون توقف، واحترمت آجال التنفيذ في أغلب الأحوال.

إذا نظرنا إلى برنامج اولياتي1، سندرك أن كل الورشات التي تعمل تجاوزت 50 الى 60 بالمائة من تنفيذ مشاريعها وكل ذلك في صمت، أما عن عملية اكتتاب 5000 عقدويي لصالح التعليم الأساسي والثانوي، وهو ما يلامس حاجة التعليم في التكوين و التأطير وهو عدد كبير ستتخذ كافة الإجراءات لترسيمه، سيكون دعامة كبيرة لقطاع التعليم وسيساهم في أمصاص البطالة بشكل كبير سيسمح بولوج آلاف الشباب إلى الوظيفة العمومية، هنالك كذلك مشاريع كبيرة وتمويلات معتبرة،  بينها "مشروعي مستقبلي" للشباب، والعديد من التمويلات لصالح المرأة ومنها مشروع نظافة 33 مدينة بما فيها المدن الكبرى، والذي يحمل طابعين أساسيين: نظافة وتنمية المدن، وإعطاءها المظهر اللائق بها، وتوفير فرض عمل دائمة لعشرات المواطنين.

في المجال الزراعي يبدو أننا نسينا أن هنالك برنامج مهم أطلق العام الماضي، وهو برنامج يهتم بالزراعة المطرية، عن طريق بناء مجموعة من السدود، وتوزيع الآليات و المعدات الزراعية على المواطنين، و تسييج بعض الأراضي الزراعية، وتم خلاله التصدي لمشكلة المزارعين خاصة مزارعي الأرز الذين تأثروا مؤخرا بالأمطار الغزيرة التي شهدتها مناطقهم، وتعويضهم بغلاف مالي معتبر عن تلك الخسائر. 

هنالك إصلاحات كبيرة وجوهرية على مستوى الصيد البحري، واليوم لا توجد بواخر أجنبية ولا وطنية تسبح في المياه الموريتانية، إلا وأخضعت للقوانين الناظمة لهذا المجال وتم التأكد من احترامها لكل الشروط المطلوبة،..

طبعاً كان لجائحة كورونا تأثيرها الكبير وأثر ذلك جداً على أمانينا في بدأ عمل شركة "BP"  الذي تأخر إلى السنة القادمة،  وحقل الغاز الكبير "آحميم" الذي نتقاسمه مع الجارة الجنوبية السنغال، وتعلمون أن تعطل تلك المشاريع، يؤثر جداً على مستوى الإيرادات الضريبية والعمالة و بعض المؤسسات المتوسطة والصغيرة التي تعمل في مجال الخدمات، لكن كل ذلك سيعوض بحول الله فهنالك إرادة وعمل.

هنالك أفاق واعدة "إنشاء شركة معادن موريتانيا وتنظيم التنقيب التقليدي وحتى بالتقنيات المتوسطة، سيساهم في خلق فرص استثمارية كبيرة، إن نظًمت في إطار الشركة ووفرت للمنقبين الظروف الخدمية الضرورية، والعمل على تحريم المواد السامة والضارة بالبيئة .

تقييمي إيجابي تماما للسنة الأولى من حكم فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وإذا وضعنا في الحسبان التصدي للجائحة وما قيمَ به من استيراتيجيات ناجعة سنجد نتائج مهمة جداً.

 

 

حاوره: سيدي محمد صمب باي

عدد "السفير" رقم: 1172؛ الصادر الاربعاء 17 سبتمبر 2020