صفارات إنذار! | صحيفة السفير

صفارات إنذار!

خميس, 20/01/2022 - 18:18

ينقضي نصف المأمورية والنقاش ما يزال منصبا حول وجود "إرادة للإصلاح" يتوقع من حين لآخر أن يتم "الإفراج عنها" وعن تشكيلة حكومية مثالية قيد الإعداد وبشكل أخص عن مصفوفة مشاريع من شأنها إعطاء نتائج فائقة السرعة بطريقة سحرية على أمل أن تعكس الصورة المشوشة حاليا قبيل انتهاء المأمورية!

ينقضي نصف المأمورية إذا ونحن ما زلنا في مرحلة التخطيط والتفكير أو التأمل والتجريب، بينما دوي صفارات الإنذار يسمع في كل مكان ومن كل الاتجاهات، محذرا من صيف ساخن قد يكون طوله بحجم طول المتبقي من مأمورية باتت تثير من المخاوف قدر ما أثارته من آمال.
"حصيلة" بائسة تلك التي يتفرج عليها الموريتانيون اليوم بكل حنق: أداء حكومي مزر بفعل غياب الكفاءة والصراعات بين كبار المسؤولين، مشاريع منهوبة ومتوقفة إن وجدت، ارتجالية وارتباك وزبونية وتصفية حسابات، تصاعد صاروخي في الأسعار وفشل كارثي في التخفيف من وطأتها، تسيًب مُخيف في بعض مرافق الدولة وارتهان حد الانسحاق لمجموعات المصالح وعصابات الظلام والغوغائيين ..

وفي الأفق لا شيء غير شذرات من الوعود تصدر من حين لآخر بطرق استعراضية فجة عن مسؤولين نزقين يوزعون الفشل، أو خطابات خشبية تسترشد بأساليب "ابروبوغاندا" بدائية ومثيرة للاشمئزاز تماما مثل الوجوه المحنطة التي تصدر عنها والتي طالما رددتها في سياقات أخرى وللأسباب ذاتها.

هل يجوز لنا تصديق وهم إمكانية الاستمرار في الحكم من دون تحقيق إنجازات على الأرض أو خلق آمال بغد أفضل لدى نسبة من السكان مهما ضؤلت؟ هل من الحكمة أن نستمر في الاطمئنان إلى حالة "الإجماع" الخادعة التي لا تعدو في حقيقتها أن تكون تعبيرا عن حالة إنهاك شاملة وصلت إليها القوى السياسية التقليدية ومنعطفا لصعود قوى جديدة أكثر وعيا بالحقوق وبالتالي أكثر كفاحية؟

تشبيك السواعد بات أمرا خطرا، فقد حان وقت الحسم لمواجهة موجات الاستياء المتنامية ذات الارتدادات غير المأمونة. وإذا كانت ورقة الانجاز مستعصية في ظل تواضع الفريق الحكومي والتحدي الذي تظهره الإدارة لأمنيات الرئيس الإصلاحية، فبإمكان صاحب القرار على الأقل فتح نافذة أمل من خلال الدعوة لانتخابات نيابية ومحلية سابقة لأوانها، تلقي إلى الواجهة بشريحة جديدة من الأطر تشكل بيئة ملائمة لتشكيل فريق حكومي بناء على خريطة سياسية محيًنة ورؤية أكثر شمولية للمشهد الداعم للنظام.

فهل سيغتنم النظام مثل هذه الفرصة لضخ دماء جديدة في صفوفه هو في أمس الحاجة إليها؟ أم أنه لن يكترث لها إلا حين تسوء الأوضاع أكثر وتصبح تلك الانتخابات عبئا عليه واستحقاقا دستوريا لا مفر منه ومغامرة غير مضمونة النتائج على بعد مرمى حجر من انتخابات رئاسية ستصبح حينئذ مفتوحة على أكثر من احتمال؟

 

السفير