الغاز لن يخلق الرفاه قبل مرحلته الرابعة وأزمة تيوان هي أسوأ أزمة عالمية تنعكس على موريتانيا الحلقة الأولى | صحيفة السفير

الغاز لن يخلق الرفاه قبل مرحلته الرابعة وأزمة تيوان هي أسوأ أزمة عالمية تنعكس على موريتانيا الحلقة الأولى

خميس, 25/08/2022 - 17:47
محمد محمود ولد بكار/ كاتب صحفي

الحلقة الأولى: منذ نهاية العقد الأول من القرن 21 كانت أسعار المعادن هي المسؤول الأول عن أرقام النمو في موريتانيا منذ 2019 ظل الحديد يمثل تقريبا 55٪ من صادرات البلد وتمثل الصين الزبون الأول لموريتانيا حيث تستورد 41،5٪ منه وقد جعل ذلك الارتباط الاقتصادي وطيد بين البلدين وجعل من الانعكاسات السلبية التي تدور في الصين ذات عواقب وخيمة على البلد وتظهر بصفة مباشرة على ميزانه التجاري .
صحيح أن أزمة تايوان ستصبح عالمية لأنها تقع في المنطقة الحساسة التي يمر عبرها 48٪ من الشحن البحري العالمي وتصدّر 65٪ من الرقائق الالكترونية للعالم، ويتحرك فيها قرابة ربع اقتصاد العالم.
الصراع حول تايوان هو الأعمق من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية لقوة أطرافه وذلك أن الولايات المتحدة لا تريد أن تنافسها الصين في تسير العالم ٬والصين تتقدم بسرعة وهدوء نحو ذلك الهدف الاستراتيجي بالنسبة لها ٬ تحت مراقبة امريكية مبالغ فيها منعا لعنصر المباغتة في تغيير النظام الدولي الذي ظلت تسيطر عليه منذ الحرب العالمية الثانية دون منافس (التنظيم والنظام الدوليين).
الولايات المتحدة هي أكبر دولة انتشارا في البحار والمحيطات وعلى الأرض وأكثرها قدرة وجاهزية عسكرية كما أنها تسيطر على النظام السياسي والاقتصادي العالمي من خلال الدولار والنظام الاقتصادي العالمي (سويفت) ومن خلال الاستغلال المفرط لورقة المجتمع الدولي ومفاهيمه ومؤسساته ومن خلال نشر ثقافة الرقص واللبس وموضة الشباب .
بينما تخطط الصين في ضوء خلفياتها الأيديولوجية وحماية أجيالها في إطار الثقافة الشرقية لمنافسة الاقتصاد الأمريكي على المستوى العالمي مع أنها أكبر مودع لدى الخزينة الأمريكية بما يقدر ب 2 ترليون دولار في الوقت الذي تملك فيه أكبر احتياطي للذهب وتملك تطورا عسكريا غير محدد لكنها ترسل صورا لتجلياته عبر حليفتها كوريا الشمالية وتخطط للانتشار العسكري والجاهزية الكبرى٬ إلا أنها ظلت بمنأى عن كل ما يجري في العالم التزاما بخطتها التي رسمتها لغضون 2050. الولايات المتحدة تسعى لأن تعرقل ذلك عبر منظمة التجارة الدولية وعبر سيطرتها على منابع الطاقة وعبر الضغوط الاقتصادية الدائمة .وقد عبر اترامب عن ذلك في عدة أحداث اتهم فيها الصين بالتعدي على براعة الاختراع الأمريكية ، كما أن نجاح الصين في التصدي لكوفيد 19 الذي قيل أنه " جرثومة اختبار أمريكية لقوة الصين " وحتى من غير ذلك الافتراض سرّعت من المخاوف الأمريكية على اعتبار أن الصين قد وصلت للمرحلة الخطيرة من القوة التي يمكنها معها قلب الطاولة على النظام الدولي ولهذا أصبحت تمثل تهديدا واقعيا للغرب وأضحت ساعة الوقوف الحازم في وجهها أمرا لا مفر منه .
لقد أظهرت أزمة أوكرانيا أن الصين أذكى من الجميع حيث امتنعت من إعلان موقف حاسم لمصلحة روسيا ولذلك دفعت أمريكا مباشرة إلى كشف نواياها اتجاهها والدخول في أزمة مباشرة مع الصين للوصول لهدف العرقلة.
المعطيات كانت تفيد أن انتظار 2050 بهذه الوتيرة سيجعل اعتراض الصين أمرا مستحيلا وستكتظ غمرة القيادة دفعة واحدة لأن ستقود تمردا ثقافيا ودوليا كبيرا على النظام الدولي الغربي سواء الأمم المتحدة "طريقة التمثيل والتصويت فيها" أو بالنسبة للنظام الاقتصادي العالمي وهيمنة الدولار والشروط الدولية للتعامل به التي تكرس غطرسة الاقتصاد الأمريكي على حساب باقي الدول وهو محل تذمر عالمي.
الصين الثانية اقتصاديا 18٪ من الاقتصاد العالمي ليست وحدها من تريد التحرر من هذا الوضع هناك روسيا الثانية نوويا وهناك تركيا الصاعدة بقوة وإيران النووية وهناك الارجنتين وجنوب افريقيا وعشرات الدول الأخرى. الحرب على الدولار وسويفت وعلى الأسواق وعلى الانحطاط الثقافي والفكري وعلى الثقافة الغربية الهابطة والذوق الوشيع والابتذال هي حرب هذا القرن التي تقف هذه المجموعة ضدها فهل هي حرب باردة أو نووية؟؟؟؟
.
الولايات المتحدة من جهتها تريد الإبقاء على هذا الوضع لذلك تسعى لتأخير وتيرة صعود "الشركاء" المحتملين في القيادة المنشودة للنظام العالمي الجديد وتريد إعادة حشد البلدان الغربية في كفتها داخل نفس مقاربة العدو المشترك. إنها تفجر حربين حربا من أجل "الديمقراطية" في تيوان وحربا من أجل السلم الأوروبي في أوكرانيا في إن واحد وستطيل أمدهما أو أمد تداعياتهما.
الحرب الأوكرانية لخصها كل من بوتن وميركل للصحافة فقد قال بوتن "إن الغرب لا يحب أن تبدي روسيا أي نوع من المنافسة" وميركل قالت "إن روسيا لا تحترم حقوق الإنسان." فهي حرب قيم أيضا. ومخاض تاريخي للهيمنة أيضا بالنسبة لأوروبا التي أصبحت أنكلو ساك سونية بدل إنكلو جرمانية والتي منحت قيادتها للولايات المتحدة التي وضعت على عاتقها حمل لواء مبادى الليبرالية للثورة الفرنسية وهي مستعدة للبقاء خلفها ألف عام .
روسيا تاريخيا هزمت كارل الثاني ونابليون بونابارت وهيتلر ومنعتهم من تحقيق طموحاتهم في إنشاء نظام أوروبي جديد.
يقول الكاتب الروسي ألكسندر رار " إن الحمض النووي الروسي يحتوي على عناصر رغبة شديدة في مواجهة عالم القطب الأوحد وأن روسيا ستناضل من أجل توازن عادل للقوى في العالم حتى إذا تسبب ذلك لها في خسائر فادحة.

الصين اليوم تملك 1500 طن من الذهب وحققت أكبر نجاح في تاريخها في معركة دخلتها مع كل بلدان العالم وهي معركة كوفيد 19وخرجتها محققة المقعد العالمي الأول بالتسبة للجاهزية وتسعى للمزيد وتريد الضلوع في خلق عُملة حيادية وتنافسية مثل الذهب وهذا هو كل الشر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وقد ساهمت في نهاية القذافي مباشرة .

هذه حروب طويلة الأمد لا نهاية لها وتأخذ اشكالا ومظاهر مختلفة لأنها تخدم أهدافا استراتيجية عميقة وترتبط بلاعبين أقوياء ليست مثل الحرب على الإسلام التي لم تدم طويلا والتي تستهدف أمة هينة رخوة مثل الأمتين الإسلامية والعربية بعدما تم ابتلاع كل المدخرات والودائع العربية والإسلامية في البنوك الغربية ووضعت التوجهات الرسمية لها في حالة سلم استراتيجي مع إسرائيل وتمت تصفية أعداء هذا المشروع من الزعماء والقادة العرب ووضع النظام العربي في تبعية تاريخية للغرب وتم الحفاظ على شعار الحرب على الإرهاب لدعم استمرار تلك السيطرة……

يتواصل