بسبب خلاف على تقاسم المواقع: مؤسسة المعارضة على حافة الانفجار! | صحيفة السفير

بسبب خلاف على تقاسم المواقع: مؤسسة المعارضة على حافة الانفجار!

جمعة, 31/03/2017 - 17:40

يبدو أن الصفاء والود اللذين أنتجتهما الانتخابات الرئاسية الأخيرة بين خمس من التشكيلات السياسية المعارضة الداعمة للمرشح الرئاسي أحمد ولد داداه.. باتا في طريقهما إلى الأفول مفسحين المجال للخلاف وشيء –ربما- من الجفاء.

الخلاف الذي بدأت بوادره تطفو على السطح منذ أيام قليلة بين أحزاب المعارضة الخمسة: تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم والاتحاد من أجل التغيير الموريتاني (حاتم) والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) وحزب العدالة والمساواة، تفجر إثر خلاف على تقاسم المواقع في مؤسسة زعيم المعارضة التي استحدثها المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية في الفترة الانتقالية.

مصادر تدعي الإطلاع أفادت "السفير" بأن الخلاف نشب بعدما رفض حزب التكتل -أكبر الأحزاب المعارضة في البرلمان، والذي ينتمي إليه زعيم المعارضة- التنازل عن منصبي الأمين العام لمؤسسة المعارضة وسكرتاريتها الخاصة، باعتبارهما طاقم الزعيم الإداري، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتماد فيهما على طرف ثان.

هذا الموقف قوبل برفض حزب اتحاد قوى التقدم عضوية المؤسسة قبل تعديل النصوص المنظمة لها بحيث تصبح مؤسسة للمعارضة وليست مؤسسة لزعيم المعارضة، وبحيث تعكس القرارات الصادرة عنها إرادة المعارضة مجتمعة.

وأمام هذين الموقفين المتناقضين وجد مقترح ثالث -وصفه أصحابه بالتوفيقي- يقضي بإسناد منصب الأمين العام لرئيس حزب العدالة والمساواة صار إبراهيما وتقاسم المناصب الأخرى بين الأحزاب التي لا ينتمي إليها زعيم المعارضة.

إصرار كل من التكتل واتحاد قوى التقدم على التمسك بموقفيهما من هذه القضية دفع بالتجمع من أجل العدالة والتنمية (تواصل) إلى تقديم مقترح يقول بمراجعة النصوص المنظمة للمؤسسة كما يطالب اتحاد قوى التقدم، وفي انتظار تحقيق ذلك اقترح (تواصل) توزيع المناصب بين التشكلات السياسية المعارضة تنطلق بها المؤسسة قبل نهاية العام الجاري إلى حين التمكن من تعديل نصوصها.

مقترح "تواصل" رفض اتحاد قوى التقدم شقه الثاني (المتعلق بتوزيع المناصب) وقبل شقه الأول؛ فيما تحفظ حزب تكتل القوى الديمقراطية على شقه الأول (المتعلق بتعديل النصوص) وقبل الثاني؛ مطالبا بالاطلاع ميدانيا على تجارب مماثلة (في ابريطانيا وبوركينا فاسو مثلا) قبل الولوج إلى تعديل نصوص مؤسسة المعارضة.

اتحاد قوى التقدم يتهم التكتل بمحاولة "عسكرة" مؤسسة المعارضة والسيطرة التامة عليها حيث يحتكر القانون لزعيم المعارضة امتيازات كبيرة كما يعتبره الناطق الرسمي باسم المعارضة، في الوقت الذي لا يحدد فيه لبقية الأحزاب الأخرى أي امتياز.

وفيما تبدو كل الأطراف راغبة في مراجعة نصوص المؤسسة التي يرى بعض المراقبين أنها -بصيغتها الحالية- ليست سوى عربون مقدم من طرف العساكر لزعيم التكتل قصد إسكاته وإرضائه، فإن هذا الخلاف سيبقى أكبر خطر –إن لم تنجح المساعي المبذولة لاحتوائه- يتهدد وحدة المعارضة؛ كما أنه سيفتح الباب أمام الأغلبية للتأثير بشكل أو بآخر في مستقبلها.. خاصة إذا ما سارت الأمور في اتجاه تعديل نصوص القانون المنشئ لمؤسسة المعارضة.

وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا عن طريق البرلمان الذي يسطر عليه المستقلون (حزب "الأغلبية").

المرسوم الذي أيقظ الصراع..

نص المرسوم رقم 122/2007 الصادر بتاريخ 19 يونيو 2007 المطبق لأحكام المادة 8 من الأمر القانوني رقم 024/2007 الصادر بتاريخ 9 إبريل 2007 المتضمن نظام المعارضة الديمقراطية على:

"المادة الأولى: تطبيقا لأحكام المادة 8 من الأمر القانوني رقم 024/2007 بتاريخ 9 إبريل 2007 المتضمن نظام المعارضة الديمقراطية، يحدد هذا المرسوم القواعد المتعلقة بـ:

-الامتيازات المادية والترتيب البروتوكولي لزعيم المعارضة الديمقراطية.

-قواعد تنظيم وسير الإدارة التابعة لمؤسسة زعيم المعارضة الديمقراطية.

المادة 2: يتمتع زعيم المعارضة الديمقراطية بموجب وظائفه بالحق في العلاقات والامتيازات العينية والتسهيلات الممنوحة للوزراء.

يأتي زعيم المعارضة الديمقراطية ضمن ترتيب ابروتوكول الدولة بعد رئيس الجمعية الوطنية.

المادة 3: تتضمن إدارة المؤسسة التابعة لزعيم المعارضة الديمقراطية.

ديوان زعيم المعارضة الديمقراطية.
الأمانة العامة.

المادة 4: يتضمن ديوان زعيم المعارضة الديمقراطية:

مكلفين (2) بمهمة.
سكرتيرا خاصا.

ينفذ المكلفان بمهمة المهمات الدائمة والعارضة التي يكلفهما بها زعيم المعارضة الديمقراطية.

يسير السكرتير الخاص الشؤون الخاصة لزعيم المعارضة الديمقراطية.

المادة 5: تتضمن الأمانة العامة للمؤسسة التابعة لزعيم المعارضة الديمقراطية فضلا عن الأمين العام الذي له رتبة أمين عام في الوزارة:

مكتب العلاقات مع البرلمان.
مكتب العلاقات مع الحكومة.
مكتب العلاقات مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني.

يدير المكتب رئيس مكتب برتبة مدير.

المادة 6: يقوم الأمين العام ت-حت سلطة زعيم المعارضة الديمقراطية- بقيادة المصالح الإدارية للمؤسسة.

ويمكن أن يخوله زعيم المعارضة الديمقراطية التفويض لتوقيع كل -أو بعض- القرارات ذات الطابع الإداري.

المادة 7: تدرج اعتمادات تسيير مؤسسة زعيم المعارضة الديمقراطية ضمن ميزانية الوزارة الأولى بعد التشاور مع مصالح الوزارة المكلفة بالمالية.

زعيم المعارضة الديمقراطية هو الآمر بالصرف.

يوقع أوامر صرف ميزانية المؤسسة زعيم المعارضة الديمقراطية أو الأمين العام وفقا للمادة 6 الآنفة، مع احترام الاعتمادات المقررة بموجب قانون المالية.

تتضمن هذه المصروفات تلك المتعلقة بعلاوات وامتيازات زعيم المعارضة الديمقراطية ورواتب مختلف العمال ونفقات الإيجار والصيانة والتجهيز.

لهذا الغرض يعين لدى هذه المؤسسة محاسب من قبل الوزير المكلف بالمالية.

المادة 8: يمكن لزعيم المعارضة الديمقراطية أن يكتتب ويعين -في حدود الاعتمادات المفتوحة- العمال الضروريين لتسيير المؤسسة، ويمنح هؤلاء العمال رواتب وامتيازات تعادل تلك الممنوحة لوكلاء الدولة الذين يزاولون وظائف مماثلة.

وهو يفصل العمال وفقا لذات الشروط.

المادة 9: يرفع زعيم المعارضة الديمقراطية إلى الوزير المكلف بالمالية تقريرا حول تنفيذ ميزانية المؤسسة عن السنة المالية المنصرمة.

المادة 10: يكلف وزراء الداخلية والشؤون الخارجية والتعاون والاقتصاد والمالية -كل فيما يعنيه- بتنفيذ هذا المرسوم الذي ينشر في الجريدة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية".

نظام المعارضة

وكان المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية قد صادق -قبيل انتهاء المرحلة الانتقالية- على الأمر القانوني المتضمن نظام المعارضة..

وينص الفصل الأول من هذا القانون على أنه يهدف "إلى وضع نظام قانوني للمعارضة السياسية من أجل ترسيخ وتوطيد التعددية وتشجيع مشاركة جميع القوى السياسية في عملية البناء الوطنية" وكذا إلى "احتواء الحوار السياسي ضمن حدود الشرعية والاحترام المتبادل".. وفق ما جاء في نص المادة الأولى من الأمر القانوني المذكور..

وتقول المادة الثانية من نفس النص بالحرف: "تعترف الدولة أن الخيارات السياسية مسألة شخصية بحتة" فيما تضمن المادة الموالية أن "حقوق المعارضة مضمونة وغير قابلة للتصرف"..

ويمنع قانون نظام المعارضة الموريتاني "إقصاء أي مواطن يتمتع بحقوقه المدنية والسياسية بسبب انتمائه لتشكيلة سياسية معارضة" ويحدد المعارضة السياسية بأنها "تشكلة -أو مجموعة مختلفة من التشكلات- أو ائتلاف التشكيلات السياسية الداعمة للعمل الحكومي"..

ويوضح في نفس المادة (الخامسة) أنه "يمكن للمعارضة أن تكون برلمانية أو خارج إطار البرلمان".. كما تشير الفقرة الأخيرة من المادة ذاتها إلى أنه "يُعترف لكل تشكلة سياسية بالحق في المعارضة.. كما يمكن لأية تشكلة معارضة اختيار المشاركة في مسؤوليات الحكومة حيث تتنازل -في تلك الحالة- عن صفتها المعارضة"..

المادة 6 من قانون نظام المعارضة السياسية في موريتانيا تتناول الحيثيات المتعلقة بصفة زعيم المعارضة الديمقراطية..

وطبقا لنص المادة فـ"للمعارضة زعيم يحمل لقب زعيم المعارضة الديمقراطية ويمثل أحزاب المعارضة في علاقاتها مع الحكومة، وهو الناطق الرسمي باسم المعارضة"..

غير أن نفس المادة تبين أنه "يجب على زعيم المعارضة الديمقراطية في مزاولته لوظائفه، أن يسهر على التعبير عن وجهة النظر الإجماعية لمختلف مكونات المعارضة".. وتوضح آخر فقرة من هذه المادة أنه "في حالة انعدام الإجماع بين تلك المكونات يجب على زعيم المعارضة الديمقراطية التمسك بعرض الآراء التي تعبر عنها كل واحدة من مكونات المعارضة"..

نص القانون يحدد -في مادته السابقة- صفة زعيم المعارضة الديمقراطية بأنه "رئيس الحزب الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية خلال آخر انتخابات تشريعية عامة" ويضيف نفس النص أن "المجلس الدستوري يعلن -بعد التدقيقات الضرورية- اسم ولقب زعيم المعارضة الديمقراطية"..

وطبقا للقانون المتضمن نظام المعارضة الديمقراطية في موريتانيا، فإن زعيم المعارضة يتمتع "بامتيازات تشريفية ومادية تحدد بموجب مرسوم"..

القانون يمنح تشكلات المعارضة حق التكتل ضمن كتلة واحدة "من أجل تنسيق نشاطها" لكنه -في المقابل- يمنع انتماء أي تشكلة "إلى أكثر من كتلة واحدة"..

المادة 10 من النص تمنح المعارضة "الحق في انتقاد العمل الحكومي بصفة موضوعية وبناءة وبشكل يرسخ المشروع الديمقراطي، والتقدم؛ مع احترام القيم السامية للشعب الموريتاني".

لكنها تنبه في المقابل إلى أنه "يجب على المعارضة -على وجه الخصوص- تفادي كل نوع من التجريح والقذف بحق الشخصيات أيا كانت" وتوضح أن "الذي ينتقد هو تصرفاتها وأفكارها".

ومن الحقوق التي يكفلها للمعارضة الموريتانية "الحق في الإطلاع على جميع القضايا المهمة المتعلقة بالحياة الوطنية". وتنص المادة 11 المتعلقة بهذا الموضوع على أنه "من أجل ذلك تسهل لها حرية النفاذ إلى الأخبار من طرف الوزارات والإدارات العمومية في حدود النصوص المعمول بها".

ومنها أنه "عند الضرورة -وبطلب من المعارضة أو مبادرة من السلطات- يمكن استقبال قادة التشكلات السياسية المعارضة من طرف: رئيس الجمهورية، رئيس الجمعية الوطنية، رئيس مجلس الشيوخ، الوزير الأول، وزير الداخلية، والسلطات الإدارية والجهوية والمحلية" وتنص المادة 12 على أن رئيس الجمهورية يستشير -عند الضرورة- زعيم المعارضة حول المشكلات الوطنية، والمسائل المتعلقة بالحياة الوطنية".. وعلى أنه بموجب ذلك "يجب برمجة لقاء دوري كل ثلاثة أشهر على الأقل".

ويتيح القانون للتشكيلات السياسية المنضوية ضمن نظام المعارضة "حق التمثيل -حسب حجمها الانتخابي- داخل الهيئات أو المؤسسات التي تشارك فيها".

وتوضح المادة 12 أن "النصوص المسيرة لتلك الهيئات أو المؤسسات -وخاصة أنظمتها الأساسية والداخلية- تضمن هذا الحق عبر إجراءات عملية".. كما تبين أن بإمكان "ممثلي المعارضة الاستفادة من امتيازات مادية أو معنوية، مرتبطة بالوظائف التي يشغلونها في هذا الإطار".

حق أحزاب المعارضة في تغطية نشاطاتها السياسية من طرف وسائل الإعلام العمومية تضمنه المادة 14 من القانون المتضمن نظام المعارضة الديمقراطية في موريتانيا وذلك "طبقا للقوانين المعمول بها".. وتوضح هذه المادة أن "هيئات التنظيم المختصة تسهر على احترام مبدأ الشمولية والمساواة بالنسبة لهذه التغطية"..

القانون يلزم في مادته 17 زعيم المعارضة بتقديم تقرير سنوي حول "تطبيق هذا الأمر القانوني، وتوصيات من شأنها تفعيله" وتنص نفس المادة على أن "هذا التقرير يوجه إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية، ومجلس الشيوخ، ويتم نشره"..

يذكر أن الأمر القانوني المتضمن نظام المعارضة الديمقراطية في موريتانيا تم اقتباسه في المراحل الأخيرة من الفترة الانتقالية من نص مماثل يجري به العمل في جمهورية بوركينا فاسو.

فطبقا لمصدر إعلامي بوركينابي لجأت السلطات الانتقالية في موريتانيا إلى الدكتور أرسين بونيسان يي، الرئيس السابق للجمعية الوطنية في بوركينا فاسو، وطلبت منه مساعدتها في صياغة نظام المعارضة الموريتانية.. ويؤكد نفس المصدر أن نظام المعارضة السياسية في بوركينا فاسو تم استحداثه في ظل رئاسة نيسان يي للجمعية الوطنية لبلاده، وينص على أن هذا النظام ينشئ -ضمن أمور أخرى- منصب زعيم المعارضة الذي يعود لرئيس الحزب الحائز على أكبر عدد من النواب داخل الجمعية الوطنية..

 

السفير؛ العدد: 606

الصادر بتاريخ: 06 ديسمبر 2007