سوريا .. وتوجهات لم تعد خفية ! | صحيفة السفير

سوريا .. وتوجهات لم تعد خفية !

ثلاثاء, 29/10/2019 - 22:36

ربما لم تكشف طبيعة التحالفات في المنطقة بعضها ببعض والصراع الدائر بينها مثلما كشفه هجوم الجيش التركي مدعوماً ببعض الفصائل السورية على الشمال الشرقي السوري.
فلم يكن خلال هذه الحرب ترف ادعاء الحياد أو إظهار مواقف غامضة. فكلٌّ كشر عن أنيابه وظهرت الكثير من الخلايا النائمة، خاصة تلك التي تعمل أو تحل ضيفة في القنوات الإخبارية العربية حتى الذي أثر الحياد والابتعاد عن الموضوع لا شك أن موقفه وضح وتوجهاته الحقيقية عرفت!
فقد أيد هذا الهجوم أو العدوان حسب تسمية كل تحالف جماعات الإسلام السياسي في المنطقة ومنها جماعة الإخوان المسلمين في سوريا التي وصفت هذه العملية بأنها تتقاطع ومصالح الثورة السورية !
وتكفلت دولة قطر راعية مشروع الإسلام السياسي في المنطقة مع تركيا بالدعاية اللازمة للعملية المسماة "نبع السلام " عبر قنواتها الإعلامية الإخبارية، وشرح أهميتها والأسباب التي دعت تركيا لخوضها. أهمها كما تدعي تركيا، إعادة توطين اللاجئين والنازحين السوريين على أراضيها حتى ولو في مناطق غير تلك التي هاجروا منها وحتى لو كان الثمن لاجئين ونازحين آخرين !
بالإضافة الي القضاء على تنظيم بي واي دي الكردي الذي يصفه دوماً الرئيس التركي بالتنظيم الإرهابي وتصف الميلشيات السورية التي تحارب بجانب الأتراك مقاتلاته من النساء بالعاهرات الخنزيرات !
وفي المقابل عارض وندد بهذه العملية ما يوصف بالتيارات المدنية في المنطقة المناهضة لمشروع الإسلام السياسي وهو ما تمثله مصر الرئيس السيسي والسعودية منذ تولي الأمير محمد بن سلمان زمام الأمور في المملكة بالإضافة الى دولة لإمارات، وتصدت هذه الدول لهذا العدوان عبر قنواتها الإعلامية من خلال "فضح " مخططات أردوغان في المنطقة وأطماع العثمانية الجديدة وتوثيق ما تقول إنه جرائم حرب للقوات التركية والميليشيات السورية التابعة لها. بالإضافة إلى النجاح في استصدار بيان موحد من الجامعة العربية يدين العدوان التركي ويصفه بالمحتل لأراضي عربية. ولم يعارض هذا البيان بطبيعة الحال سوى دولة قطر بالإضافة إلى دولة الصومال الموجود فيها قاعدة عسكرية تركية والتي لم يسبق لأي رئيس خارج القارة السمراء زيارتها سوى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان !
فيبدو أننا على بعد خطوات قليلة من إعلان الأهداف الحقيقية لهذه المعركة الدائرة بين التحالفين وهي إعادة إحياء الخلافة العثمانية، وتنصيب رجب الأول خليفة بلاد المشرق ويتم مبايعته من جماعات الإسلام السياسي في كل دولة ويخرج في مصر مصطفى كامل ويقول إن مصر تابعة للدولة العثمانية وعليها الرضوخ لها وينتفض ضد هذا التوجه أحمد لطفي باشا السيد ويقول مصر للمصريين وهكذا في باقي الدول العربية ...
لكن في النهاية توقف هذا الهجوم بطريقة مسيرة للسخرية رغماً عن الطرف الذي دعمه ودون دور يذكر للطرف الذي عارضه سوى التنديد!
فهذا الطرف أو ذاك يظل طرف غير مؤثر في الملعب الإقليمي حتى لو كان داخل منطقته. ويقتصر دورهما على المشاهدة لما تحيكه القوى العالمية لمواجهة بعضها البعض بحرفية عالية !

يوحنا أنور داود
[email protected]