في إطار الرؤية الاستراتيجية الجديدة للمملكة: تعيين أستاذة جامعية لتسيير الملحقية الثقافية السعودية في الرباط | صحيفة السفير

في إطار الرؤية الاستراتيجية الجديدة للمملكة: تعيين أستاذة جامعية لتسيير الملحقية الثقافية السعودية في الرباط

أربعاء, 05/08/2020 - 13:17

أصدر وزير التربية والتعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ قرارا يقضي بتعيين ثلاث سعوديات ملحقات ثقافيات للملكة العربية السعودية في كل من بريطانيا وإيرلندا والمغرب. كما تضمن القرار تعيين ثلاثة ملحقين ثقافيين في كل من مصر، و الأردن، و الكويت. وتندرج هذه التعيينات في إطار خطة عمل تهدف إلى تعزيز الوجود التعليمي و الثقافي للمملكة العربية السعودية على المستوى العربي والإسلامي و الدولي.، و تفعيل مجالات التعاون المشترك، و تبادل الخبرات العلمية و البحثية، و تنسيق المنح الدراسية للطلاب الراغبين في الدراسة في الجامعات والمعاهد السعودية، والإشراف على الطلاب السعوديين الذين يدرسون في الخارج، ومؤازرتهم ومواكبتهم ودعهم خلال مسيرتهم التعليمية .
ويترجم تعيين ثلاث سعوديات في مناصب دولية ثقافية حرص خادم الحرمين الشريفين ، الملك سلمان بن عبدالعزيز، على تمكين المرأة السعودية وإتاحة الفرصة لها لخدمة بلدها في جميع القطاعات . كما تندرج تلك التعيينات في إطار تنفيذ أهداف رؤية 2030 المتمثلة في تمكين المرأة السعودية، وتوسيع دائرة نشاط عملها، لتساهم مع الرجل في دفع عجلة التنمية في المملكة، والتي تم بموجبها اتخاذ حزمة من القرارات الرائدة والمبتكرة لفائدة المرأة السعودية منذ شهر ديسمبر عام 2015 حيث انطلق مسلسل حصول المرأة السعودية على حقوقها .ومن ذلك على سبيل الذكر تعيين عدد من النساء في مجلس هيئة حقوق الإنسان ، وتعيين دفعة جديدة من النساء على مرتبة ملازم تحقيق في النيابة العامة السعودية، والقيام بالعديد من الإصلاحات القانونية مثل قيادة السيارة والمشاركة في الأنشطة الرياضية ودخول الملاعب والمطاعم مع الرجال من بوابة واحدة والسفر دون محرم ، و فوز عدد من النساء في انتخابات المجالس البلدية ، ناهيك عن نبوأ نساء سعوديات مناصب رفيعة في العمل الديبلوماسي ، والبحث العلمي، والتدريس الجامعي .
من ضمن النساء الثلاث اللائي تم تكليفهن بتسيير الملحقيات الثقافية للمملكة العربية السعودية في الخارج ، تم اختيار الدكتورة يسرى بنت حسين الجزائري، قائمة بأعمال الملحق الثقافي السعودي بالمملكة المغربية. وتمتلك الدكتورة يسرى رصيدا مهما وخبرة واسعة في التدريس الجامعي ، وحصلت على جوائز رفيعة منها جائزة عضو هيئة التدريس المثالي بجامعة الملك سعود ، وجائزة أبحاث التميز ، وجائزة أفضل بحث عن دراسة الزمالة ، وجائزة التميز للملحقية الثقافية في كندا لعامين متتاليين
ويكتسي هذا التعيين أهمية بالغة نظرا لعدد من الاعتبارات من بين أهمها : :
1- تعد الدكتورة يسرى أول امراة تعين في هذا المنصب بعد مرور 47 سنة على إنشاء الملحقية الثقافية السعودية بالرباط عاصمة الملكة المغربية التي تم تدشينها عام 1973 ، وتعاقب على تسييرها منذ ذلك التاريخ خمسة رجال من الأطر السعودية .
2- أهمية الملحقية الثقافية بوصفها إحدى الأجهزة المتخصصة التابعة إدارياً ومالياً لوزارة التربية و التعليم السعودية، والتي أنشئت لتكون ممثلة للمملكة العربية السعودية في الشؤون الثقافية والتعليمية وحلقة وصل ثقافية بين المملكة والدول الموجودة بها.

3- الحضور القوي والفاعل للثقافة في العلاقات الدولية ودورها المتنامي في تعزيز الحوار والتفاهم والتآخي بين الشعوب والأمم وتقوية المشتركات الإنسانية ، والحد من الكراهية والصور النمطية المتبادلة. ولذلك تزايد اهتمام الحكومات بالديبلوماسية الثقافية ، ورصدت لها الموازنات المالية وأسندت مهام تنشيطها للكفاءات العلمية والثقافية من الرجال والنساء على حد السواء . كما أن الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة عملت على التوعية بأن تنوّع الثقافات لم يعد مبرّرا للتمييز الثقافي والعدائية والتصادم بل أصبح أساسا للاعتراف المتبادل والتعارف والتفاهم والثراء الثقافي.

4- تشهد اليوم العلاقات بين المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية طفرة جديدة وتطورا مهما في المسيرة الطويلة من التعاون بين المملكتين التي انطلقت منذ عام 1966 بالتوقيع على أول اتفاقية بين البلدين ، مما جعل منها علاقات ثنائية ممتازة واستثنائية قائمة على التطابق في وجهات النظر حيال مختلف القضايا الدولية والإقليمية، بما يخدم مصلحة البلدين في ظل توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وجلالة الملك محمد السادس .

5- تكتسي الملحقية الثقافية السعودية في المغرب أهمية بالغة بالنظر إلى الغنى الثقافي والحركية الثقافية المتعددة والمتنوعة في المغرب ، وبالتالي فإن من مهام هذه الملحقية العمل على مد جسور التواصل المعرفي والحوار الفكري بين مثقفي البلدين، وتعزيز التواصل الثقافي بينهم، وتمكين الباحثين السعوديين من متابعة الحركية الثقافية الغنية والمتنوعة التي يشهدها المغرب في بعدها العربي والإسلامي والإفريقي والدولي، وخلق نوع من التلاقح الفكري والثقافي بين الأكاديميين السعوديين والمغاربة ،خاصة في الظروف الحالية حيث تشهد المملكة العربية السعودية تحولا معرفيا وثقافيا كبيرا ، وانفتاحا حضاريا شاملا ، وحركية ثقافية نشيطة ومتعددة منفتحة على التجارب الفنية والثقافية الدولية ، واهتماما واسعا بالإبداع والتجديد والابتكار في مختلف الفنون في إطار رؤية 2030 .

متمنياتنا بالتوفيق لممثلة الثقافة السعودية في المغرب ، ودعواتنا لها بالنجاح في إعادة الروح والنشاط والحيوية للملحقية الثقافية السعودية في الرباط لتعود لعهدها السالف الزاهر خاصة حين كان يشرف عليها الأستاذ والإعلامي المتميز ناصر البراق الذي استطاع بنشاطه الغزير ودماثة خلقه وديبلوماسيته الراقية ، وحسه التواصلي والإنساني ، أن يجعل الملحقية ناديا للحوار والتلاقح والتواصل الإنساني والحضاري بين المثقفين في البلدين الشقيقين، وفضاء لبناء صور جديدة بين المثقفين والمبدعين متخلصة من النمطية وقائمة على الاحترام المتبادل والتعاون والتشاور لتحقيق الأهداف المشتركة المتمثلة في التعريف بالثقافة والحضارة العريقة للبلدين .

____________________
بقلم : محجوب بن سعيد