فاز بالنسخة السابعة من "شاعر الرسول": من مطاردة الحمام..إلى مصارعة القوافي الشعرية | صحيفة السفير

فاز بالنسخة السابعة من "شاعر الرسول": من مطاردة الحمام..إلى مصارعة القوافي الشعرية

اثنين, 31/05/2021 - 16:14

فاز بالنسخة الأخيرة من شاعر الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام - يعرف نفسه بأنه جزء من الكون حاملا لهمومه ويمارس الإنسانية..بدأ مسيرته في الحياة بمطاردة الحمام؛ قبل أن يتبوأ مقعده في خدمة وطنه كمدرس..يحلق في عوالم الكلمات التائهة وشطحات الخيال منذ المرحلة الإعدادية؛ حيث عرفه القلم والقرطاس فكان نديما لهما على كأس الأرق.
-----------------

1- كرّمتم ليلة البارحة في حفل بهيج بلقب "شاعر الرسول" صلى الله عليه وسلم وهي مناسبة سارة لتعريف القراء بكم.
........
أهلا وسهلا.. أتشرف بالتواجد بين سطور جريدة الشعب النيرة.. 
إنني جزء من الكون.. أتحرك بقلبي حاملا للسماء هموم الأرض.. أمارس الإنسانية منذ ولادتي عام تسعين وتسع مائة وألف بمدينة روصو حيث يهمس النهر في آذان الصغار بمدى شهوق أحلامهم وهم يخطون بحقائبهم المدرسية.. وهناك واصلت مطاردة الحمام حتى كشفت لي الحياة عن مقعدي في خدمة الوطن فإذا بي معلم أطفال في التعليم الأساسي.

2- متى اكتشفت موهبتك الشعرية؛ وهل كان للبيئة التي ترعرعت فيها دور في ذلك؟
.........
بدأت أشعر بهمزات الكلمات الدافئة منذ أولى شطحات التوله الإعدادي فعرفني القرطاس والقلم نديما على كأس الأرق طوال تلك الفترة التي تخللتها تنهدات تختلف باختلاف الأحزان.. من وفاة أبي الشاعر الذي وددت لو استفدت من توجيهاته في بداية كتابتي قبل أن يتركني يتيما.. إلى الحياة بحضن أسرتي الصغيرة مع أمي الحنون وإخوتي الصبية.. لتتشكل ملامحي الشعرية.

3- يرى البعض أنكم لم تكونوا تحت الأضواء؛ فهل من تفسير لذلك؟ 
..........  
بقعة الضوء الإعلامي مطمح للشاعر الراغب في الهمس أو الصراخ بما يكنه للعالم من حروف معتقة بأشياء كثيرة.. وقد كنت من أولئك الذين آثروا أن يعكفوا على أوراقهم ليملؤوها بما يلائم جمال الطبيعة وعظم القضايا قبل أن يقفزوا إلى المشهد.. وهيأتْ لذلك ظروفُ عملي التي تقتضي كثرة الترحال.. حيث ألقت بي الحياة في أعماق الوطن الحبيب للتدريس في قرية "عرش الزريبة" قبل أن يتم تحويلي إلى مدينة "النعمة" ثم إلى مدينة "بتلميت" ومنها إلى مدينة "روصو" حيث أستقر اليوم.. فلم تكن العاصمة لي إلا محل استراحة وجيزة لحقائب السفر. 

4- ليس من السهل الفوز بلقب "شاعر الرسول" في بلد المليون شاعر ؛ فهلا أوضحتم للقراء أسباب تميز قصائدكم خلال أطوار المسابقة؟ 
..........
كانت المسابقة شرسة وثب إليها شعراء من خيرة شباب البلد المليوني ملوحين بنصوصهم البراقة المتدفقة شعرا.. وقد كنت في كل مرحلة من مراحلها المختلفة أدلي بدلوي تماشيا مع السياق الذي تضعه لجنة التحكيم بحثا عن المتميزين القادرين على التكيف مع المواضيع وتشعيرها.. فكنت أندس في الموضوع المطروح وأحاول كتابته شعرا بطريقتي الخاصة.. وكان التوفيق من الله تبارك وتعالى.

5- يرى العارفون بالساحة الأدبية أن لجنة تحكيم المسابقة ضمت جيلا متناغما من الشعراء، كما شكلت مدرسة نقدية فريدة، في الوقت الذي غاب فيه تصويت الجمهور؛ فهل تعتبر أن الكلمة الأولى كانت للشعر؟
.........
لجنة تحكيم مسابقة شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم.. لجنة متميزة تكونت من دكاترة وأساتذة كبار.. وقد راعى القائمون على المسابقة اختيار عناصر اللجنة من مدارس أدبية متنوعة حتى يتحقق التوازن الرؤيوي فتفحص القصائد من جوانب وزوايا متعددة تلامس أذواق الأدباء والشعراء بمختلف مشاربهم.. وغياب التصويت كان فرصة للمبدعين الساعين إلى الخروج بالقصيدة من الوجه الراكد إلى مدى يفتح آفاقا جديدة للكتاب.. وسارت المسابقة بهذا النهج الصحيح فكانت للشعر الكلمة الأولى والأخيرة.

6- مع انتشار مسابقات المديح النبوي في العالم العربي في ظل الهجمة الإلحادية والنيل من الجناب النبوي الطاهر؛ فهل ترى أن القصيدة استطاعت الذود عن حياض المقدسات الكبرى؟
..........
بالتأكيد.. مسابقات المديح النبوي تفتح الأبواب للصادحين بحب المصطفى صلى الله عليه وسلم في وجه المسيئين.. وتستقطب الأقلام المبدعة.. المجيبة بالكلمة المعاصرة المفعمة بأريج الشمائل النبوية.. المعيدة لكتابة السيرة النبوية العطرة بشعرية تواكب الحداثة.. إثباتا لتجدد بريق التاريخ النبوي الشريف وتمدد اللغة العربية وقابليتها لتوليد المفردات وخلق الصور الجديدة ومعاصرة كل الأجيال.. ردا على الداعين إلى الخروج عن النسق.

7- يلاحظ بعض المتتبعين أن قصائدكم تطبعها الصبغة الحديثة في كتابة القصيدة المديحية؛ في بيئة يكتب شعراؤها على النمط الكلاسيكي القديم، فهل من تفسير لذلك؟
.........
إن غرض المديح النبوي أشرف الأغراض وأنبلها.. وإن كان ثمة ما يستدعي الحرص على تطويره وتلميعه وتجديده وصناعة مادة منه تجذب القراء المعاصرين باختلافها.. فإنه المديح النبوي.. ولا شك أن بوادر ذلك بدأت قديما منذ عدول بعض الشعراء عن المقدمة الغزلية من البوصيري في همزيته إلى أحمد شوقي.. إلى الشاعر الموريتاني الأول ول رازگه في فائيته المفعمة بالحب النبوي الشريف.. إلا أنها ظلت تتواجد في قصائد البعض الآخر ومن بينهم الشاعر الكبير ولد محمدي في رائيته الشهير.. وقد كان من الضروري لفت الانتباه إلى ضرورة تجديد القصيدة المديحية شكلا ومضمونا تفاديا للرتابة.. وهي رسالة حاولت تبليغها من خلال القصائد المديحية التي شاركت بها في المسابقة. 

8- شاركتم ضمن 35 شاعرا في مسابقة احتدمت فيها المنافسة؛ فما هو تقييمك للساحة الأدبية الشبابية؟
.........
كان الشعراء المشاركون معي متميزين جميعا.. يغلب على الكثير منهم طابع الكلاسيكية الجميلة.. وبالتأكيد ليس ذلك نفورا من الحداثة وإنما هو تقديس للماضي.. وكلنا نقدسه ونتشرب من عطائه الفياض.. إلا أننا نختلف في التعامل معه.. فمنا من يعيد كتابته بكل أمانة.. ومنا من يكتبه بصيغة جديدة تظهره بوجه مختلف.. وهذا التجاذب في الكتابات هو شأن الساحة الأدبية الشبابية اليوم بشكل عام.. فتجد شاعرا يكتب بقلم امرئ القيس بن حجر وآخر يكتب بقلم محمود درويش وآخر يخرج من جلابيب الشعراء كلهم ليكتب بقلمه الخاص.. وهو اختلاف صحي يفتح المجال للحركة النقدية ويمكنها من أرضية أدبية خصبة تتشكل بها ذاتها وتتطور وتساهم في تطوير الفنون بما فيها الشعر. 

9- ختاما؛ يقول محمود درويش: لا أعرف من هو الشاعر، ولكني أعرف ما ليس شعرا هو ما لا يؤثر في ولا يهزني..
كيف ترون هذا الطرح؟ 

..........
ويقول كذلك إن "الشعر سر وإن السر هو ما يجعل الشعر مستمرا وليس هناك من اكتشاف شعري نهائي وكل كتابة هي محاولة إجراء تعديل على مفهوم عام للشعر".
إنه طرح منصف.. فالشعر هو المعنى الغامض للحياة نظل نطارده سعيا إلى اقتناصه بينما يظل يبتعد ويقترب وبهذا تستمر المطاردة الممتعة وتهتز القلوب عند الإحساس بمعنى شعري جديد ينبئ بشيء ما .. والشاعر بوصفه قائد المغامرة مطالب بخلق حياة جديدة موازية للحياة.. فإعادة كتابة الواقع مجرد هدر للحبر على الورق.
.......
حوار الكاتب الصحفي: محمد/ سيدناعمر
المصدر جريدة (الشعب)