هكذا نجحتْ قمًةُ "التحديات".. | صحيفة السفير

هكذا نجحتْ قمًةُ "التحديات"..

ثلاثاء, 03/07/2018 - 14:46

لم يكن أحسن المتفائلين ينتظر نجاح انواكشوط في استقبال أكثر من 4 ألاف شخصية إفريقية حتى ولو كانت الظروف أقل صعوبة مما هي عليه، ونحن نعيش على وقع تغييرات وتحولات إقليمية وقارية دقيقة وحساسة إلى أبعد الحدود.

كانت موريتانيا وهي تقبلُ احتضان الأشقاء برحابة صدر كعادتها، تدرك جيداً بأن التنظيم والضيًافة وتأمين الوفود ليس بالأمر الهيًن، خاصة وأن الفترة الزمنية القصيرة التي منحت للبلاد لم تتجاوز بضعة شهور، لكن الإرادة وقوة العزيمة وقبول التحدي كذلك عوامل من بين أخرى جعلت الرئيس محمد ولد عبد العزيز يؤمن بقدرة موريتانيا على تصدٌر المشهد الإفريقي بعد العربي بثقة واقتدار.

قصر "المرابطون" و الرًمز مانديلا

بعد منح موريتانيا شرف احتضان القمة الـ31 لرؤساء دول الإتحاد الإفريقي، شرع الرئيس محمد ولد عبد العزيز مباشرة في بناء وتجهيز قصر للمؤتمرات يليق بحجم الحدث التاريخي الذي كان بمثابة المكافأة على الصعود المتزًن والعقلاني لنجم الدبلوماسية الموريتانية في السنوات الأخيرة والتي عرفت تنظيم أول قمة عربية على أديم ارض المنارة والرباط..

أربعون مليار أوقية كانت كفيلة بتشييد صرح معماري، ومعلمة تسرٌ العيون بمشاهدتها وتزدان بها واجهة البلد لكل قادم، عبر صرح آخر هو مطار انواكشوط الدولي "أم التونسي".. ولأن معلمَة القصر تستحقٌ أن يقف عندها الحاضر فقد استحضرت تسميتها من تاريخ أرض الشناقطة وأول موطنِ لدولة المرابطين ليطلق عليه القصر الدولي للمؤتمرات "المرابطون".

الرمز مانديلا كان حاضراً هو الآخر وبقوة وأخذت الحكومة على عاتقها تخليد مئويته بتسمية شارع رسمي باسمه وفاءً للشعب الموريتاني الذي وقف مع مانديلا بحزم، وندد بتجاوز نظام "لابارتيد" الذي جثم على صدور شعب جنوب إفريقيا طيلة عقود مارس خلالها الظلم والاستبداد بأبشع صوره.

الحيًاد و الوقوف على نفس المسافة

استطاع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وهو يشرف على كل كبيرة وصغيرة في تحضيرات ملفات القمة، أن يجعل من موريتانيا بلد التصالح والتعاطي الايجابي مع الأخوة الأفارقة دون تمييز أو انحياز، بل وعمل على أن تتاح الفرصة للجميع، حتى يجد الكل ذاته في انواكشوط مهما تعقدت الملفات وتشعبت الأزمات، حيث كان ترحيب كل المشاركين بالبيان الختامي والملفات التي أثيرت أكبر دليل على إعطاء كل ذي حق حقه.

الأمن والفساد

لم يكن اختيار شعار قمة انواكشوط "محاربة الفساد" وحتى ما لاحظه الضيوف من قدرة موريتانيا على تأمين هذا الكم من الوفود، اعتباطياً بل كان شهادة حيًة على ما شهدته موريتانيا في السنوات الأخيرة من تطور في مجال الحكامة الرشيدة وما تميزت به مقاربتها الأمنية التي أصبحت مثالاً يحتذى حتى في أعرق الدول وأكثرها تمرساً على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

فعلاوة على التحديات الجمة التي وقفت في وجه موريتانيا قبل انعقاد القمة، والتي تمً التغلٌب عليها جميعا بفضل الله أولاً، وبالجهود التي بذلت على مختلف المستويات، فقد كان الهاجس الأمني واحداً من أهم الهواجس التي خالجت جميع الوفود بدون استثناء بسبب عوامل متعددة ومتشعبة منها الاقتصادي ومنها الاجتماعي، لكن المفاجئة الكبرى والتي ارتسمت على محيى كل المشاركين كانت في التأمين المحكم لجميع الوفود وما صاحبه من دقًة التنظيم وسلاسة الحركة في مختلف أحياء المدينة.

نجحت قمة انواكشوط بشهادة كل من حضر، ونجحت نواكشوط كذلك في تصدر المشهد الإعلامي ليس إفريقيا فحسب، بل في كافة أنحاء المعمورة بعد أن صنعت الحدث وجمعت الإخوة الأفارقة تحت سقف واحد، في واحدة من أكبر القمم الإفريقية حضوراً للرؤساء وأصحاب السمو والمعالي. فهنيئا لنا كموريتانيين وشكراً لفخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز.

 

السفير