مذكرات الأسير بسجون البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة الرابعة) | صحيفة السفير

مذكرات الأسير بسجون البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة الرابعة)

خميس, 24/10/2019 - 18:59

في مساء اليوم الثالث من إقامتنا في ذلك القفص (الغرفة) الذي ينقصنا فيه كل شيء إلا لسعات البعوض ، عاد إلينا الوسيط الذي لم يكن يجلس معنا إلا قليلا ، وأخبرنا بأننا سننتقل إلى مكان آخر حتى لا يرصد وجودنا من طرف الأمن السنغالي والذي – كما قال – إن اعتقلنا سيسلمنا للمخابرات المغربية كما حدث مع مجموعة سبقتنا وتم نقلهم بالطائرة مباشرة إلى الرباط ولم يسمع عنهم أي خبر بعدها ، وقد اكتشفنا فيما بعد أن هذا الكلام كله هراء ، وإنما فبرك هذه المسرحية للتغطية على أمرين أحدهما تأكدنا منه ، وهو أنه تسلم مبالغ مالية لتغطية مصاريف إقامتنا ، ولا يريد صرفها لذلك حشرنا في تلك الغرفة البائسة ، وقد علم أن الطالب الموريتاني الذي يسكنها قد عاد من عطلته ، وبالتالي لم يعد من الممكن بقاؤنا فيها ، أما الأمر الثاني فهناك قرائن واستنتاجات تدل على قوته وإن كنا لم نتأكد منه مائة بالمائة ، وهو أنه ربما كان يفكر في بيعنا من جديد ، وسنأتي على تلك القرائن والاستنتاجات لاحقا .

ولأن بعضنا حس بالخوف من التهديد "الأمني" المزعوم من المخابرات المغربية ، ولأنه ليس في تلك الغرفة البائسة ما يدعونا للبكاء على مغادرتها ، فقد كنا متحمسين لفكرة الانتقال إلى أي مكان ، وسرنا خلف "دليلنا" والدنيا لا تكاد تسعنا من الفرحة ، لكن تلك الفرحة لم تدم طويلا بعد أن وصل بنا إلى دار قال إنها لأحد أقاربه ، إذ لم نكمل السلام حتى عرفنا أنه غير مرحب بنا فما كدنا نجلس في احدى الغرف حتى نادى رب البيت على صاحبنا وانزوى به في ممر امام الغرفة حيث نجلس ودار بينهما حديث خافت استطعت ان اسمع صاحبنا وهو يقول انهم لن يمكثوا أكثر من ليلتين.وبعد ان اكملا حديثهما عاد الينا ليخبرنا بانه خارج وسيعود الينا قبل ان نكمل شرب الشاي ، وبالفعل لم يغب طويلا ثم طلب منا ان نرافقه في رحلة بحث جديدة عن مكان نأوي إليه وقد كان موفقا هذه المرة حيث انتقل بنا الى دار أحد أبناء العائلة الموريتانية المشهورة (أهل حرمه) والذي كان يومها يعمل ممثلا لمنظمة العالم الاسلامي في دكار وعرفنا خلال مقامنا معه أنه متعاطف مع البوليساريو فقد أطلعنا على مسودة كتاب يعكف على تأليفه بعنوان « الإسلام طريقنا إلى فلسطين » وخصص منه فصلا للحديث عن قضية الصحراء .

خلال الايام الثلاثة التي قضيناها في تلك الدار ظل صاحبها يبالغ في إكرامنا حتى كدنا ننسى أننا على سفر إلى أن حانت لحظة الهروب من المجهول.

يتواصل..