من هو وكيف ولماذا مات زعيم القاعدة في المغرب الإسلامي؟ | صحيفة السفير

من هو وكيف ولماذا مات زعيم القاعدة في المغرب الإسلامي؟

سبت, 06/06/2020 - 13:00

عبد المالك دروكدال، قتل مساء الأربعاء 03 يونيو 2020 من قبل طائرات فرنسية مسيرة عقبها إنزال لقوات فرنسية خاصة محمولة بمروحية، وبدعم من الطيران الحربي لقوة برخان الفرنسية وبمعلومات استخبارية أمريكية.
مسرح العملية كان جبال ايفوغاس في منطقة حدودية بين الجزائر ومالي (80 كيلومتر من مدينة تاساليت المالية) وعلى بعد حوالي عشرين كيلومترا من الحدود الجزائرية.
حصيلة العملية ستة قتلى منهم عبد المالك وخمسة من مقربيه قد يكون من بينهم المسؤول الإعلامي للتنظيم توفيق شعيب، إضافة إلى استسلام أحد المرافقين دون قتال.
سابقة الموت غير الصحيح لحليف دروكدال وأحد خلفائه المحتملين في مالي إذا ما ثبت تعذر برء إياد أغ غالي من مرض مزمن يشاع عنه؛ تجعل وزيرة الجيوش الفرنسية في تغريداتها عن الحدث أنضج تجربة من كذبة مقتل أحمدون كوفا.
وعليه فإن تدقيقا في الهوية قد حصل قبل الإعلان لتجنب حرج إعلامي جديد، ولن تكتمل تزكية الخبر إلا بعد إعلان تنظيم القاعدة نفسه الخبر عبر وسائطه المعروفة بالصدق في مسالة النعي.
ما الذي جاء بهذا الرجل الخمسيني المتعلم (كلية الهندسة) إلى أرض مكشوفة ويوجد بها من أعدائه أكثر من جبال منطقة القبائل التي استقر به المقام فيها لأكثر من عقدين من الزمن أي منذ توقيف المسار الانتخابي في الجزائر يناير 1992؟
فهل إن عبد المالك دروكدال أرسلت إليه إشارات طرد واستدراج نحو الفرنسيين ليكونوا من يتولون كبر هدر دمه مثلا ؟ أم أن هاجس استحواذ أبي الوليد الصحراوي وهو زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى على معظم خيل ورجل تنظيم القاعدة وحلفائها في مالي، بمن فيهم من تسميهم القاعدة (الأنصار) وهاجس إيقاف التقاتل بين القاعدة وتنظيم الدولة هي أسباب قدومه أصلا إلى مالي ؟ أم أنه استرخى كثيرا في مالي ووجوده فيها ليس حديثا أصلا ؟
وجود الرجل وقت العملية في منطقة تلهانداك التي تعتبر السوق الحرة الثانية للتبادل التجاري بين الجزائر ومالي بعد معبر الخاليل على الحدود الثلاثية المالية الجزائرية الموريتانية، هو بحد ذاته انكشاف أمني فادح.
صحيح أن التنظيم تلقى ضربات أمنية وسياسية موجعة في مالي خلال السنتين الماضيتين كان آخرها القبض على محمد لمرابط مسؤول الاكتتاب فيه، من قبل عناصر القوات الفرنسية الخاصة في النيجر منتصف مايو الماضي. إضافة إلى اليد الممدودة للسلام من قبل إياد آغ غالي وأحمدون كوفا مع الحكومة المالية.
كما أن بروز أبو الوليد الصحراوي وهو ناشط سابق في تنظيم القاعدة (فرع تنظيم المرابطون) كزعيم لتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى (داصك) الموازي والمشاقق لتنظيم القاعدة في التكتيك والاكتتاب والخطاب الايديولوجي أذاب بعض ماكان لدى تنظيم القاعدة من جاذبية دينية و مشرب إيديولوجي وتنظيمي.
إعلان دول الساحل وفرنسا في قمتهم في مدينة بو الفرنسية في يناير 2020 تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى عدوا لدودا لهم كان أكبر انقلاب على تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وإقرارا بضعفه وبقوة خصمه اللدود.
وحتى اختيار مدينة بو الفرنسية للقمة كان رسالة غزل بطعم الرصاص لأبي الوليد الصحراوي، حيث أن المدينة تضم الكتيبة الفرنسية للقوات المحمولة جوا والتي سقط من أفرادها قبيل القمة أكثر من عشرة جنود من بينهم ضابط في عملية في مالي تبناها تنظيم الدولة وليس تنظيم القاعدة.
العامل المتمثل في وجود أبو الوليد الصحراوي (لحبيب ولد عبدي ولد سعيد) إذن في منطقة الساحل سبب مباشر في مقتل عبد المالك دروكدال أو (أبو مصعب عبد الودود).
التحق عبد المالك دروكدال بسعيد مخلوفي أمير حركة الدولة الإسلامية التي كانت ردة فعل على تدخل الجيش في المسار الانتخابي سنة 1992. وكان حينها ابن ثلاثة وعشرين ربيعا وبالكاد تجاوز السنة الثالثة من كلية الهندسة (شعبة التكنولوجيا) في جامعة البليدة، وكان شابا من أسرة متدينة في قرية زيان التابعة لبلدية مفتاح بولاية البليدة.
وبحكم تخصصه العلمي تحول الشاب الغض إلى مُصنع للمتفجرات مما مكنه من الانتقال سريعا إلى أمير كتيبة ثم عضو في مجلس الأعيان، ثم أمير للجماعة السلفية للدعوة والقتال ثم عضو في قيادة تنظيم قاعدة الجهاد العالمية في يناير 2007 وقائد لفرع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي تغيرت العناوين التنظيمية والنفسية والوظيفية للرجل وبقي الثابت هو هو حتى بعد قانون الوئام المدني في الجزائر .
ولد في 20 إبريل 1970 وبعد سنوات الابتدائية والثانوية التي كان متفوقا فيها ونجيبا حيث حصل على الباكلوريا شعبة الرياضيات، حدثت الهزة العظمى في الجزائر مابعد الاستقلال.
تدخل الجيش لإيقاف المسار الانتخابي فبدأت العشرية السوداء، وكان الشاب عبد المالك أحد الذين تركوا مقاعد الدرس ليعبروا عن خيبة أملهم في الدولة الناظمة للعملية الانتخابية، فحمل السلاح في وجهها وفي وجه العالم.
حكم القضاء الجزائري بالإعدام أكثر من مرة على عبد المالك دروكدال دون الاقتدار عليه.
وهكذا وبسبب أزمة سياسية لبوسها ظلم الدولة، تحول شاب وديع متفوق في دراسته إلى قاتل شرس طريد تتعاوره أجهزة الاستخبارات العالمية وتهاجمه أحدث أسلحتها في عز نومه ليموت في أرض طالما طمح لقتل قاتليه فيها.

 

إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا