لا أحد يزايد على المغاربة حبهم لفلسطين | صحيفة السفير

لا أحد يزايد على المغاربة حبهم لفلسطين

أربعاء, 09/11/2016 - 12:13

في رمضان ما قبل الماضي، 2015 على ما أظن، في وقت كانت إسرائيل تقذف قنابلها الفوسفورية على الرضع، شاهدت ڤيديو لمجموعة شباب فلسطينيين داخل سيارة يطوفون شوارع إسرائيل فرحين منبهجين بصواريخ القسام التي كانت ترد بها حماس الضربات.. يسخروج من الإسرائيليين الذين اختبؤوا في منازلهم. ولكن هؤلاء الشباب يقطنون داخل إسرائيل بجوازات إسرائيلية يتحدثون العبرية لديهم ممثلين عنهم داخل الكينيسيت الإسرائيلي يطالب لهم بحقوقهم كمواطنين والتي تضمنها لهم إسرائيل كاملة.

قرأت أيضا عن شباب فلسطينيين يجتمعون كل يوم في شاحنات نحو المدن الإسرائيلية ليعملوا طيلة اليوم ويتقاضوا أجرا ثم يعودا إلى بيوتهم، التي يمكن في أي لحظة أن تنهار بقذيفة إسرائيلية. هناك فلسطينيون هدرت أراضيهم وشتت أهاليهم يشتغلون اليوم داخل إسرائيل إعلاميين وصحفيين ورجال أعمال وإداريين..

ففهمت حينها أن الحرب في جهة، حرب الاستعمار والإمبريالية والاستيطان.. .. وأن العلاقات الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية في جهة أخرى. إن كان الفلسطينيون كذلك يتعاملون، لِم ألوم المغرب؟

لم ألوم المغرب  الذي يخصص ضريبة على أسعار المواد الغذائية من أموال المغاربة جميعهم لمساعدة فلسطين، والذين أنشأ لجنة القدس يصرخ كل عام في وجوه العرب لدعمها بينما أهملها العرب والخليج ونسوا تمولها لأن آخر ما يهمهم هو فلسطين.. لِم ألوم المغرب على التزامه بشروط أممية تعترف بدولة إسرائيل كما يلتزم بشروط أممية تفرض عليه قبول مراقبين دوليين وبعثات المينورسو داخل أراضيه لحفظ السلام منه على صحرائه!!!

لم ألوم المغرب إن كان يحاول جاهدا التوفيق بين قضية إنسانية وقضية هوية، فلسطين القابعة في قلوبنا جميعا، قبلتنا الأولى وحرمنا الثاني وأرض الله المقدسة وأهلنا الذين يشترك معهم الله والرسول الكريم.. والتوفيق بينهم وبين يهوده المغاربة المشتتين في إسرائيل وفي كل بقاع الأرض لا يريد أن يتخلى عنهم ولا يقفل أبواب الوطن في وجوههم، لربما يعوضهم عن تاريخ أسود لما باعهم الحسن الثاني رحمه الله ب50 درهم للراس وقت كانت تحتاج إسرائيل اليد العاملة، وقت وضعت البولونيين على رأس المواطنين وجعلت المغاربة مواطنين درجة ثانية، وقت عانوا الأمرين حين رفضوا الذهاب إلى إسرائيل فتم تفريقهم غصبا عن عائلاتهم وذويهم وألصقت الصهيونية على جباههم.. هم الذين يناضلون ضدها أكثر من العرب أنفسهم، فبين العرب صهيونيون أكثر من إسرائيل يبكون وفاة قيادييها ويمولون رؤساءها ويحركون استثماراتها بالملايير!! كذلك يعوض المغرب عن يهوده وبعدهم عن بلدهم الأم بأن يخول تواصلهم مع الثقافة المغربية ويرسل لهم فنانيه أو إعلامييهم ليغطوا أوضاعهم هناك! ما الضرر؟

لن ألوم المغرب أبدا، لأن قضية فسلطين دائما من أولوياته، وفي قلوب المغاربة وأنفاسهم، نبكي آلامهم، وندعو في صلواتنا لهم، لا أذكر ليلة قدر فاتت دون أن يسبقهم الأئمة في دعواتهم على المغرب نفسه، ونعلم أن هذا أضعف الإيمان! وأن عمل المغرب مع إسرائيل أو رفعه لراية أو تعاملاته الديبلوماسية أو الاقتصادية تأتي في إطار ظروف فرضها الواقع السياسي العالمي.

بل إن المغرب يتعامل بالسلم مع أعدائه وأعداء وحدته، ويصطبر عليهم، ويتفاوض معهم داخل ردهات الأمم المتحدة، لم يمر يوم واحد على أزمة كانت على وشك الإندلاع بسبب خسة عميلة من مخيمات تندوف أرادت دخول مؤتمر الكوب 22 الذي خصص لأجله المغرب النفس والنفيس لإعادة الوحدة للقارة الإفريقية وجمعها في ظل مؤتمر أممي لغاية نبيلة ألا وهي البيئة، فهكذا هي حروبنا لأجل وحدة الوطن سلمية.. لكن السيدة سويلمة بيروك أرادت الدخول لتمثيل انفصاليي البوليزاريو.. داخل المغرب وخلق حالة من الهرج والمرج ومزيد من التفرقة والكراهية، أي نذالة؟

لو فتحت الحدود، وقامت حرب، وطولب المسلمون بإنصاف إخوانهم في القدس، أعلم علم اليقين أن لا مغربي سيكون من المخلفين! لكننا اليوم معهم في سلم، كما أننا مع أعدائنا في سلم، نفضل التفاوض على القتل وإهدار الدم.. إن كان محمد صلى الله عليه وسلم تعامل مع “العدو” في إطار اتفاقيات سلم.. لن يكون المغرب أفضل من رسوله ونبيه الكريم! فلا يزايد علينا أحد حبنا لفلسطين!

مايسة سلامة الناجي