الفيفا والإيسيسكو : شراكة واعدة وضرورية | صحيفة السفير

الفيفا والإيسيسكو : شراكة واعدة وضرورية

جمعة, 03/07/2020 - 11:21

من المبادرات الجميلة التي هدفت إلى تشجيع الأطر الطبية الساهرة على الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم خلال أزمة جائحة كوفيد-19، إطلاق مقطع فيديو يعبر فيه لاعبو كرة القدم السابقين والحاليين عن شكرهم وتقديرهم للعاملين في مجال الرعاية الصحية على عملهم المتميز. وكان وراء هذه المبادرة منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) التي يوجد مقرها بالرباط والاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) .وهي تكتسي أهمية بالغة لأنها تؤكد من جهة الارتباط الوثيق بين الممارسة الرياضية والمحافظة على الصحة، كما تعكس من جهة أخرى تطورا نوعيا في خطط وبرامج عمل الإيسيسكو في قطاع الشراكة والتعاون الدولي .
إن مبادرة منظمة الإيسيسكو التي ينتمي إليها 54 دولة من العالم الإسلامي تعكس رؤية جديدة مبتكرة أتى بها مديرها العام الدكتور سالم بن محمد المالك والتي تشمل إجراءات متطورة من بينها البحث عن شركاء جدد ممن لهم علاقة باختصاصات الإيسيسكو ولديهم قاعدة جماهيرية واسعة ، مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا) بحجمها الكبير وقوتها المالية والإقتصادية الضاربة ، ووزنها الإعلامي الثقيل، وتخصصها في نشاط رياضي شعبي هو كرة القدم ، اللعبة الأكثر متابعة ومشاهدة على مدار السنة ، ناهيك عن تنظيم الفيفا للعرس الكروي الباهر، بطولة كاس العالم ، كل أربع سنوات والتي يتابعها بحماس منقطع النظير ملايين البشر في كل بقاع المعمور.
ومن شان إقامة شراكة تعاون بين الإيسيسكو والفيفا مستقبلا ، المساهمة الفعالة في تطوير ممارسة لعبة كرة القدم في المؤسسات التعليمية بالدول الأعضاء ,وتحقيق عدد كبير ومهم من الأهداف الصحية والتربوية والثقافية والاجتماعية ، في إطار برامج التربية البدنية والرياضة المدرسية التي أصبحت في رأي الخبراء "تشكل مجالا خصبا للتربية المتوازنة للمتعلمات والمتعلمين وذلك بالمساهمة في تفتح الشخصية والتواصل الإيجابي؛مع تعزيز قيم التعاون، واحترام الآخر والمنافسة الشريفة؛إضافة إلى ترسيخ الروح الجماعية البناءة، الداعمة للحد من السلوكات والظواهر المنافية للأخلاق والقيم والمعايير المؤثرة بشكل سلبي على كل من العقل والجسم، وعلى التوازن النفسي والاندماج الاجتماعي." .
كما ستتيح ممارسة كرة القدم في المؤسسات التعليمية وخارجها بشكل مؤسساتي ومنظم الفرصة لاكتشاف مواهب واعدة في هذه اللعبة تطعم الفرق المحلية والمنتخبات الوطنية بلاعبين ماهرين يستطيعون لاحقا الاحتراف في النوادي العالمية الكبرى وتامين مستقبلهم المعيشي والارتقاء بوضعهم الاجتماعي والاقتصادي ، كما يتحولون إلى مؤثرين في الرأي العام ، ومساهمين في حملات التوعية من أجل تحقيق التنمية محليا ودوليا.
إن الأطفال اليوم يقعون ضحايا الألعاب العنيفة على الأنترنيت ويعانون من تغييرات خطيرة في السلوك بفعل الإدمان المؤدي إلى اضطرابات نفسية ، كما لا يستطيعون التمييز بين اللعب والواقع ، بالإضافة إلى تعرضهم لمشاكل صحية نتيجة السمنة والبدانة بسبب قلة الحركة ، وآثار وخيمة لضوء شاشة الحاسوب على الجهاز العصبي و على صحة الأعين . ولذلك فإنهم يحتاجون إلى أنشطة رياضية حركية تحافظ على صحتهم البدنية والنفسية ، وتعزز لديهم قيما نبيلة من قبيل التعاون والتآزر بروح الفريق ، والتفاهم والتسامح مع الآخر ، واحترامه وقبول العيش معه. وهي قيم تحفظ أطفالنا من مخاطر التطرف الفكري والغلو والتعصب ، ومن مظاهر العنف في الملاعب التي تقلق اليوم المسؤولين على اختلاف درجاتهم وتخصصاتهم. ويتفق كثير من الخبراء في علم الرياضة وعلم النفس التربوي أن لعبة كرة القدم تقوم بدور مهم في بناء شخصية الطفل وفي الرقي بسلوكه الاجتماعي الطفل، بالإضافة إلى فوائدها على مستوى اللياقة البدنية وتحسين المزاج وتنشيط الذاكرة وتحقيق المتعة والتسلية للطفل مع أقرانه داخل المدرسة أو في الحي الذي يسكنه.
من هنا تزايد إنشاء مدارس كرة القدم في السنوات الأخيرة ، سواء في إطار الأندية المحلية لتعزيز خزانها من المواهب ، او في إطار الأنشطة المدرسية الموازية ذات الصلة بالتربية البدنية والرياضة المدرسية. وفي ضوء ذلك سيكون التعاون مع الإيسيسكو والاتحاد الدولي لكرة القدم تعاونا استراتيجيا يستند على الخبرات في التنظيم المؤسسي ، والتأطير البيداغوجي ، خاصة وأن هذا الاتحاد يسعى إلى تحسين وضع كرة القدم باستمرار ونشرها في جميع أنحاء العالم، مع الأخذ بعين الاعتبار تأثيرها العالمي والتربوي والثقافي والإنساني بتنفيذ برامج للشباب والتنمية. من خلال هذه الشراكة الاستثنائية ستعزز الإيسيسكو حضورها الدولي، وتسوق صورتها الجديدة على أوسع نطاق ، داخل أوساط الرياضيين ولدى أطفال العالم الذين هم رجال المستقبل ، وذلك هو الأهم والأكثر نفعا واستدامة.
********************
الوادنوني محمود