اتفاق داكار.. هل أعاد التاريخ نفسه؟ | صحيفة السفير

اتفاق داكار.. هل أعاد التاريخ نفسه؟

اثنين, 02/01/2017 - 19:01

تعيش موريتانيا اليوم على وقع أزمة متعددة الأوجه؛ سيما ما يتعلق منها بـ"الهوة" التي اتسعت في الفترة الأخيرة، ما بين الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي داخل البلد.

ويشبه مراقبون الوضع السياسي الراهن في موريتانيا بما كانت عليه البلاد، ما قبل اتفاق داكار منتصف العام 2009 ، بل يذهب بعضهم إلى أن هذه المرحلة تعد الأصعب في تاريخ البلد خصوصاً في ظل وجود "حكم" وطني تحتكم إليه الأطراف السياسية، وتفاقم التهديدات الخارجية المعلنة وغير المعلنة والتي تلبس في الغالب الطابع الحقوقي والإنساني.

وبالعودة إلى "اتفاق داكار" الذي أعاد المسار الدستوري لموريتانيا بعد انقلاب 2008، والذي يعد التحول الديمقراطي الأهم في البلاد، لا يزال الشارع الموريتاني ينتظر تطبيق بنوده التي تم التلاعب بها من طرفّ"لوبيات" متحكمة في الأطراف الرئيسية الثلاثة والتي عملت على إجهاضها مبكرا، رغم ما حظيت به من طرف الرأي العام المحلي والدولي.

ونحن اليوم في صحيفة "السفير" إذ نعيد نشر نص "اتفاق داكار" كمساهمة منا في حلحلة الوضع الراهن، فإننا ندعو كافة الأطراف السياسية في البلد إلى إبعاد تلك "اللوبيات"، وترك الفرصة أمام الخيرين من أبناء الوطن كي ننعم جميعا بدولة تسع الجميع لا غالب فيها ولا مغلوب، يسعى الكل فيها من جانبه إلى أن تكون المصلحة العليا للوطن فوق الجميع.

اتفاق داكار بين الأقطاب السياسية الثلاثــة الكبرى في موريتانيا

1 – اتفقت الأطراف السياسية الثلاثة الكبرى في موريتانيا ووقعت هذا الاتفاق وأجمعت على ضرورة مرحلة انتقالية منظمة بشكل توافقي يحـددها هذا الاتفاق السياسي .

وعليه يلتزم كل الأطراف بالتسيير التشاركي للمرحة عن طريق المشاركة في الانتخابات ( لمن يرغبون في ذلك) وبإنشاء حكومة وحدة وطنية انتقالية وبتشكيل لجنة وطنية مستقلة للانتخابات .

2 - لقد فضلت الأطراف فترة انتقال قصيرة بدلا من أخرى طويلة وذلك استجابة ،بالأساس، لإلحاح الاتحاد الإفريقي ، إثر حالات التغيير المنافية للدستور على تحديد فترة انتقالية وعلى العودة للحياة الدستورية في غضون ستة أشهر.

إن المجموعة الدولية تدعم الاتحاد الإفريقي في خياره لمرحلة انتقالية تكون قصيرة لكن أيضا محكمة التنظيم ممكنة من العودة إلى الحياة الدستورية .

3-نتيجة مثل هذا الخيار تثير مشاكل متعلقة بشفافية الانتخابات شكلا ومضمونا ، أي الثقة في الأدوات الانتخابية ومصداقيـة الاقتراع في مجمله وتساوي كافة المترشحين أمام وسائل الإعلام العمومية وحياد الإدارة الإقليمية والمتابعة الدقيقة لمجمل المسلسل الانتخابي من طرف المجوعة الدولية تحت رعاية الاتحاد الإفريقي وبمساعدة شركاء أمثال جامعة الدول العربية ( ج د ع) ومنظمة المؤتمر الإسلامي ( م م إ) وهيئة الأمم المتحدة ( هـ أم) والمنظمة الدولية للفرانكفونية ( م د ف ) والاتحاد الأوروبي ( اأ) والأعضاء الأفارقة والأعضاء الدائمي العضوية في مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة .

-4 يتفق الأطراف الثلاثة على الإجراءات التوافقية الثلاثة التالية  بهدف الخروج من الأزمة :

أ – عن المرحلة الانتقالية التوافقية :

طبقا للمادة 40 من الدستور، ستبدأ المرحلة الانتقالية بثلاث فقرات أساسية هي :

توقيع الرئيس سيدي محمد ولد الشيوخ عبد الله لمرسوم يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية وذلك تتويجا للتوافق الحاصل جراء التشاور بين القوى السياسية الموريتانية على أن لا يكون لذلك مساس بالقرارات الحكومية الموقعة من قبل .
الإعلان عن قراره الاستقالة بمحض إرادته من مأموريته رئيسا للجمهورية .
ونتيجة لهذا القرار يتولي رئيس مجلس الشيوخ شغل منصب رئيس الجمهورية بالنيابة .

سيتم تشكيل حكومـة وحدة وطنيــة انتقالية في أجل أقصاه 6 يونيو2009 . تتوزع حقائب هذه الحكومة بالتساوي بين قطب الأغلبية البرلمانية الحالية الداعمة للسيد محمد ولد عبد العزيز من جهة وقطبي جبهة الدفاع عن الديمقراطية وتكتل القوى الديمقراطية من جهة ثانية. يعين الوزير الأول بناء على اقتراح من قطب محمد ولد عبد العزيز بعد التشاور مع قادة القطبين الآخرين .

تستند وزارات الداخلية والمالية والاتصال إلى شخصيات تقترحها جبهة الدفاع عن الديمقراطية ، وتكتل القوى الديمقراطية .

تسهر حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية على استمرارية الدولة وتتولي تسيير شؤون الوطن كما تشرف على تطبيق هذا الاتفاق عامة وتتخذ بالخصوص الإجراءات الضرورية لتنظيم وحسن إجراء الانتخابات الرئاسية مع العلم أن نشاط الحكومة الانتقالية وقراراتها يخضعان لمتطلبات التسيير العادي للمؤسسات ولاستقرار الإدارات العمومية ولاستمرار العلاقات التي تربط البلد علي الصعيد الدولي وأن أجهزة الدفـاع والأمن تقوم بأدوارها في إطار ما ينص عليه الدستور وقوانين الجمهورية .

ب – عن الانتخابات الرئاسية :

* حدد يوم 18 يونيو 2009 موعدا للشوط الأول من الانتخابات الرئاسية كما حدد فاتح أغسطس 2009 -عند الاقتضاء - موعدا للشوط الثاني.

* سيقدم أعضاء مجموعة الاتصال الدولية مساهماتهم للسلطات الموريتانية المختصة من اجل التنفيذ المحكم لهذا القرار .

ج – عن الجدول الانتخابي :

*ستحدد حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية تواريخ وفترات كافة العمليات المتعلقة بالمسلسل الانتخابي وخاصة منها المراجعة الاستثنائية للائحة الانتخابية وتصحيح الوثائق الانتخابية وتصديق ملفات الترشحات .

* ستجري الحملة الانتخابية وفق الشروط المحددة بالنصوص المعمول بها .

د – عن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات :

صادقت الأطراف الموقعة لهذه الاتفاقية على أن تكون مأمورية وتشكيلة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات منسجمة مع النصوص المعمول بها ومع التجارب الماضية ابتداء من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية .

ستتألف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات من خمسة عشر عضوا حيث يتولى كل من الأقطـاب الثلاثة اقتراح أربعة أعضاء .

أما الرئيس ونائبه وعضو آخر فهم يمثلون المجتمع المدني ويختارون على أساس كفاءاتهم على أن لا يعترض عليهم أي من ألأطراف السياسية الثلاثة .

هـ – عن إجراءات التلطيف وخلق

      الثقة أثناء المرحلة الانتقالية :

* تتعهد الأطراف الموقعة لهذا الاتفاق باتخاذ كل التدابير اللازمة لدي السلطات الحكومية المختصة بغية التحديد العاجل لإجراءات فعالة كفيلة بتلطيف الأجواء وخلق بث روح الثقة على مستوى الساحة السياسية . وفي هـذا السياق ، وخـلال الفتـرة الانتقالية، ستسهر حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية على أن لا تثار ملفات قضائية ضد شخصيات مهما يكن انتماؤهم السياسي وعلى احترام مبدإ مساواة المواطنين أمام  القانون .

*يلزم الموظفون السامون من مدنيين وعسكريين وكافة وكلاء الدولة بالاحترام الكامل لمبدإ الحياد وبتجنب كل ما من شأنه المساس بالمسلسل الانتخابي .

وستجرى متابعة ومراقبة كل هذه الالتزامات في إطار الهيئات والإجراءات الداخلية وبواسطة آليات دعم يوفر ها المجتمع الدولي سعيا إلى تعزيز شفافية ومصداقية المسلسل الانتخابي.

ويلزم كذلك الإسراع باتخاذ جملة من الإجراءات الكفيلة بخلق روح الثقة كالكف عن الحملات الإعلامية السلبية وتساوي كافة الأحزاب السياسية إزاء النفاذ إلى وسائل الإعلام العمومية مثلا . وفي هذا السياق ، ستقدم السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية ( هابا) مساهمتها الفعالة في تنفيذ هذا الاتفـاق وذلك في إطار صلاحياتها وفق مبدإ حياد أعضائها .

و - عن مساهمات المجموعة الدولية :

تدعى المنظمات الدولية والشركاء الدوليون إلي تقديم الدعم والمساعدة اللازمين إلى السلطات الموريتانية المختصة بما في ذلك الخبرة القانونية والتكنولوجية والفنية والمساهمات المالية المعتبرة الضرورية لتغطية تكاليف كامل المسلسل الانتخابي كما يطلب من المجتمع الدولي ، بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي ، وضع آلية متكاملة وفعالة كفيلة بتوفير ما ينبغي من مساعدة ورقابة انتخابية للتأكد من إجراء انتخابات رئاسية منسجمة مع التشريعات الموريتانية ومع المعايير الدوليــة المتعارف عليها في هذا المجال   .

ز– عن مواصلة الحوار الوطني الشامل :

هذا الاتفاق لا يجعل حدا نهائيا لمتابعة الحوار الوطني حول النقاط الأخرى التي ربما يكون لها دور في تعزيز المصالحة الوطنية والديمقراطية وهكذا ، فبعد الانتخابات الرئاسية مباشرة  ، سيتواصل الحوار الوطني الشامل ما بين كافة القوى السياسية الموريتانية وذلك خصيصا من آجل :

 تعزيز قواعد الممارسة الديمقراطية المتعددة وكذا الحرص على تجنب تغيير الحكومة بشكل غير دستوري بما في ذلك إصلاح المؤسسات الوطنية للأمن .
 ترقية الحكم الرشيد سياسيا واقتصاديا وتشجيع دولة القانون واحترام حقوق الإنسان وإعداد آليات كفيلة بتعزيز جودة التسيير وتساوي هيئات الدولة والمصادقة عليها .
 إمكانية تسوية الخلافات الناجمة عن ممارسات السلطة عن طرق سياسية مشتركة وكذا احتمال إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.
معالجة كافة القضايا الأخرى التي من شأنها تعزيز الوحدة الوطنية وتوطيد المصالحة والاستقرار وتهذيب الأخلاق العامة  وبالتالي تنمية البلد اجتماعيا واقتصاديا .

5 – أثناء تنفيذ هذا الاتفاق والآليات القانونية التي تحكم النشاطات والعمليات المتعلقة بالمسلسل الانتخابي ، يتعهد كل من الأطراف الموقعة بالمبادرة بلعب الأدوار المنتظرة منه بكل نزاهة وإخلاص ، وعليه فلم يعد هناك ما يحول دون الإنجاز الفعلي لمختلف مراحل المسلسل الانتخابي وكذا الفترة الانتقالية في الآجال المحددة لها .

6 – تسجل الأطراف الموقعة لهذا الاتفاق بارتياح وامتنان أن تكون مجموعة الاتصال الدولية المنتظمة برعاية الاتحاد الإفريقي والمؤلفة من جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وهيئة الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للفرانكفونية والاتحاد الأوربي والأعضاء الأفارقة والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، قد دعمت بالكامل هذا الاتفاق وطالبت بتنفيذه كما هو ، وأوضحت استعدادها للمساهمة بالدعم اللوجستي والحضور الميداني وبالرقابة من اجل ضمان حسن سير الانتخابات ومصداقيتها كي تعود موريتانيا إلى النظام الدستوري .

7 – طلب الأطراف الموقعة لهذا الاتفاق معا ، من مجموعة الاتصال الدولية تحمل المتابعة الميدانية الدائمة كما دعوها إلى القيام ،عند الاقتضاء ، بما ينبغي من عمليات مصالحة وتسهيل بغية تذليل كافة الصعاب المحتملة في سبيل تنفيذ هذا الاتفاق .

 

                   صودق عليه في داكار يوم3 يونيو 2009

و

                 تم توقيعه في نواكشوط يوم 3 يونيو2009

يسري مفعول هذا الاتفاق ابتداء من توقيعه من طرف الشخصيات الممثلة للأقطاب السياسية الموريتانية

تم توقيعهم باعتبارهم قادة سياسيين موريتانيين :

تم توقيعهم باعتبارهم مسهلين :

ممثل الرئيس عبد الله واد ، رئيس الجمهورية السنغالية والأخ والجار وصاحب مبادرة الاتفاق السياسي ،
ممثل الأخ القائد معمر ألقذافي الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي 
ممثل الرئيس جان بينك ، رئيس بعثة الاتحاد الإفريقي باسم اللجنة وباسم مجموعة الاتصال الدولية
المبعوث الخاص للسيد بان كيمون ، الأمين العام للأمم المتحدة

وقعوا باعتبارهم شهودا ممثلو

جامعة الدول العربية
ومنظمة المؤتمر الإسلامي
والمنظمة الدولية للفرانكفونية
والاتحاد الأوربي

شارك في أعمال مجموعة الاتصال الدولية ودعم نتائجها بشكل كامل كل من :

بوركينافاسو - الصين - الولايات المتحــدة – الاتحـاد الروسي – فرنسا - مملكة أبريطانيا وايرلندا الشمالية.

 

السفير