حركة الإخوان: نشأة مشبوهة وتاريخ أسود | صحيفة السفير

حركة الإخوان: نشأة مشبوهة وتاريخ أسود

أحد, 15/01/2017 - 20:17
محفوظ ولد أعزيز الأمين العام للحزب الوحدوي الديمقراطي الاشتراكي في موريتانيا

إن المتتبع للتاريخ السياسي لحركة الاخوان لن يجد كبير عناء في اكتشاف الارتباط والترابط الوثيق بين هذا الجسم السياسي الملبس بلبوس ديني وبين الغايات والأهداف الاستعمارية في المنطقة العربية والعالم الاسلامي.

فحين وصلت حركة الضباط الاحرار الى حكم مصر بقيادة جمال عبد الناصر وبدأت في مواجهة الارث الاستعماري الانجليزي والواقع الاقطاعي المتخلف الذي ورثته الدولة المصرية عن الاحتلال العثماني، تصدت حركة الاخوان لتوجهات عبد الناصر التحررية وحاولت في اكثر من واقعة اغتياله وتحالفت مع الاقطاع في محاولة لإجهاض مشروع تمليك الاراضي للفلاحين،

وحين أتجه عبد الناصر الى تأميم قناة السويس وتثبيت سيطرة الدولة المصرية على مجالها المائي اتجه الاخوان الى التحالف مع الادارة الاستعمارية للقناة وهيئوا الارضية للعدوان الثلاثي على مصر الذي كانت اسرائيل رأس الحربة فيه، والهدف طبعا هو اسقاط النظام التحرري المصري بقيادة عبد الناصر وإرجاع مصر الى بيت الطاعة الأنغلوـ سكسوني المؤسس والحامي للدولة الصهيونية في فلسطين المحتلة،

وعندما أتجه عبد الناصر الى دعم الثورة اليمنية اتجه الاخوان الى التحالف مع نظام الامام البدر آخر الحكام الزيديين المدعوم آنذاك من قبل السعودية وبريطانيا،

وعندما وقعت نكبة حزيران 1967 احتفل الاخوان في كل انحاء المعمورة بسقوط الحلم العربي في تحرير فلسطين والخروج من دائرة الهيمنة والتبعية للمشروع الغربي الاستعماري،

وعندما غيب الموت الزعيم عبد الناصر وأتى السادات وأدار ظهره لمشروع عبد الناصر التحرري اتجه الاخوان للتحالف معه بعد أن ايقنوا أن وجهته هي التحالف مع الحلف الامريكي البريطاني الاسرائيلي الاستعماري الغربي المعادي للعرب والمسلمين،

وعندما زار السادات القدس تلك الزيارة المشئومة ووقع مع "بيغن" اتفاقية كامب ديفيد وتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني وحق الأمتين العربية والإسلامية في مقدساتها وإرثها الحضاري شنً الاخوان حربا لا هوادة فيها على نظام الرفض والتصدي لهذا المشروع الاستسلامي في دمشق الذي غيب اكبر جبهة عربية عن ساحة المواجهة مع العدو الصهيوني.

لقد دخل الاخوان في مواجهة دموية مع نظام حافظ الاسد في سوريا بعد وقوفه في وجه السادات ورفضه لمشروع كامب ديفيد، وعملوا على تركيعه أمام حالة الانهيار العربي التي احدثها مشروع كامب ديفيد بحق أمتنا ولم يكن غريباً أن عصابات الاخوان كانت تتلقى السلاح والذخائر من بوابتي حزب "الرٌز" في لبنان المرتبط بقواعد الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب اللبناني والمخابرات الاردنية المرتبطة بآل سعود والسي آي أي في أمريكا،..

لقد كانت مهمة الاخوان هي إرباك النظام السوري وإشغاله في الداخل عن مواجهة تبعات كامب ديفيد على الساحة العربية؛ فقتلوا على الهوية بدم بارد ونفذوا المجازر مثل مجزرة طلاب كلية المدفعية في حلب ومجزرة باص أطفال روضة الازبكية في دمشق، هذا الى جانب تصفية العلماء والمهندسين السوريين في محاولة لإفراغ الدولة السورية من كادرها العلمي المتخصص وهو بالضبط ما قامت به سيدتهم أمريكا عند اجتياحها للعراق، وهو ما تفعله اليوم عصاباتهم الارهابية في سوريا،

وعندما بدأ السادات في الالحاح على إدارة الرئيس الامريكي جيمي كارتر للإيفاء بما تعهدت به لمصر من أموال لإنفاقها في مجال التنمية تعويضاً عن حصتها في صندوق دعم دول المواجهة اصدرت الادارة الامريكية تعليماتها لأحد الاذرع المسلحة للإخوان بالتخلص منه فكان لها ما ارادت على يد خالد الاسلام بولي وعبود الزمر.

وفي تسعينيات القرن الماضي صدرت تقارير من أكثر من مصدر غربي تفيد بأن الجمهورية الجزائرية تتجه لامتلاك الذرة بالتعاون مع جمهورية الصين الشعبية فتم تحريك فيالق الاخوان لتفجير حرب أهلية في الجزائر لشل قدرتها وتوجيه مدخراتها نحو العسكرة الامنية وإبعاد مشاريعها عن جميع مجالات الإنعتاق العلمي، وكان أول ما اتجهت إليه عصابات الاخوان في الجزائر هو إفراغ هذا البلد العربي المسلم من جميع ادمغته العلمية في مختلف المجالات فتمت تصفية خيرة اساتذة الجامعات والمعاهد فأجهض المشروع التنموي العلمي للدولة الجزائرية وأدخلت في نفق مظلم ظلت تترنح فيه الى عهد قريب،

وعندما صممت أمريكا مشروع الربيع كحلقة من حلقات مشروع الفوضى الخلاقة الذي هو آخر ما ابتكرته الصهيونية العالمية لتدمير البلدان العربية تم إسناد هذا المشروع لحركة الاخوان لأنها أثبتت عبر تاريخها الطويل في خدمة المشاريع الاستعمارية أنها خير من يتولى هذا النوع من المشاريع التدميرية الموجهة ضد العرب والمسلمين،

لقد اثبت الاخوان عبر تاريخهم الدموي انهم جيش احتياط لإمبراطورية الشر الامريكية على مستوى المنطقة والعالم والحقيقة الصارخة هي أن الاخوان هم من اجهضوا حركة التحرر العربي والإسلامي ومكنوا لأعدائها من الانتصار عليها في جميع محطات صراعها من أجل الحرية والإنعتاق.

فمثلما كانت نشأة الاخوان في دهاليز المخابرات البريطانية مشبوهة، فإن تاريخهم السياسي كله اسود وملطخ بدماء الابرياء وإن المتتبع لسيرة الاخوان ومسيرتهم السياسية يجد أن لديهم ثابتان لا يحيدان عنهم: "فقه الضرورة" من الناحية الدينية و"الغاية تبرر الوسيلة" من الناحية السياسية.