المسكوت عنه في ظاهرة ترامب | صحيفة السفير

المسكوت عنه في ظاهرة ترامب

أربعاء, 01/02/2017 - 01:00

منذ اظهاره نية الترشح لرئاسة الولايات المتحدة الامريكية اثار رجل الاعمال غريب الاطوار دونالد اترامب الكثير من الجدل و أعتبُر نجاحه المفاجئ بداية حقبة جديدة في التاريخ الأمريكي الحديث الذي عرف نمطا ثابتا من الحكم على مدار القرن الماضي كانت الغلبة فيه للديمقراطيين تارة و للجمهوريين تارة اخرى و ان ظل الجميع خارجا من مشكاة واحدة يحدد المال و الإعلام وجهتها كما ظلت امريكا المنفتحة على العالم عنوان تلك الحقبة انفتاح ظاهره تعزيز التعاون العالمي و باطنه احتلال وتوسع بيد تجارية ناعمة و اخرى عسكرية خشنة. 

في مرحلة معينة بدأت اصوات داخل المجتمع الأمريكي و الغربي عموما ترتفع ضد رأسمالية عالمية وضعت مصالحها فوق كل اعتبار الامر الذي انعكس سلبا على حياة المواطن الغربي و مستواه المعيشي بفعل توجيه الشركات الكبرى استثماراتها للدول الفقيرة تهربا من الضرائب و بحثا عن يد عاملة رخيصة كما سعت الى استغلال ظاهرة اللاجئين الناجمة عن حروبها للبحث عن النفط و النفوذ كوقود لآلة الإنتاج العمياء.

نار الجشع الرأسمالية التي اكتوى بها ثوب الناخب الغربي بعد أن احرقت العالم الثالث شعوبا و حكومات كانت العنصر الحازم في قرار الناخب الأمريكي قلب الطاولة على النظام القائم و منظومته الإعلامية التي ظلت لعقود سلاحه الحاسم في توجيه الرأي العام.

ما حدث في امريكا بداية لنظام عالمي جديد قيد التشكل يحاول فيه المواطن الغربي الانعتاق من ربقة بدأت تطوقه و خروجا عن مألوف أخذت كذبته تظهر على حقيقتها.

ما يهمنا كعالم ثالث تفنيد أباطيل الذراع الإعلامية الطويلة للرأسمالية التي تسعى جاهدة لتجييش مشاعرنا و ربما استخدامنا لاحقا في صراع الأغنياء الداخلي على ثرواتنا تحت طائلة تصوير اترامب كشبح يهدد السلم العالمي و كأن اسلافه لم يكونو محتلين لأرضنا و ناهبين لثرواتنا، انها محاولة أخيرة لاستغلال معاناة مهاجرين او بالأحرى مهجرين خرجوا من بلدانهم هربا من نار حروب النفط و النفوذ او تفاديا لجحيم شروط البنك الدولي و صندوق النقد التي تفرض على العالم الثالث نمط تسيير يتماشى مع مصالح الشركات الغربية العملاقة في اجبار الدول على التخلي عن واجباتها في مجال التشغيل و دعم الأسعار .

الناخب الغربي ظل لعقود مصوتا و داعما لسياسات كانت مصدرا لرفاهه الاقتصادي و سببا في خراب دول و تشريد شعوب على الجانب الآخر من الكرة الارضية قبل ان يبدأ سحرها في الانقلاب عليه.

من يحاول تصوير الأمريكيين و الغربيين بشكل عام كحاضن و مرحب باللاجئين اما ساذج او واقع في فخ إعلامي محكم، ما يحدث في امريكا صراع مصالح تجارية بغلاف سياسي بين رجال أعمال على وشك خسارة جنان ضريبية في المكسيك و آسيا و أيد عاملة رخيصة مهاجرة بفعل سياسات سيد البيت الابيض الجديد.

اترامب كان في البداية صريحا معاديا لكل قادم من وراء البحار او عابر لحدود المكسيك و اصبح في النّهاية خيار الشعب الأمريكي و صفوة مرشحيه تجاوز عشرات الانتخابات التمهيدية و خاض منفردا مواجهة شرسة مع قوى المال و الإعلام الامريكي الذي تجاهله و سخر منه و شيطنه ثم انتصر لأنه لامس هوى الناخب الأمريكي، اترامب بالمحصلة افراز لمجتمع يحاول البعض اظهاره مجتمعا ملائكيا يفتح ذراعيه لللاجئين المُسلمين الذين كان سببا في تهجريهم... من يحاول الفصل بين ترامب و ناخبيه مخادع!!

 

ختار دحن حمود