موريتانيا : أمة لا تقبل الاستقالة، ولا ترضى بالفشل | صحيفة السفير

موريتانيا : أمة لا تقبل الاستقالة، ولا ترضى بالفشل

أحد, 02/04/2017 - 12:03

(1) عالم يتغير ونحن  لا نرى دورانه؟ روسيا اليوم لاعب رئيسي في دمشق، وأعقل ما في دول المساحات  الصغرى الكويت بصغرها وسلطنة عمان بتفردها ،وتركيا تعيش عصر انهيار الخلافة العثمانية، و رجل المهجر المريض هو الممول الأول للعبة هز استقرار موريتانيا كي ندخل بيت الطاعة  لحوافزه المافيوية،.

وبعضهم عمل علي تطويقنا  بلدنا  من جهات عدة ، ودول في الساحل مثل مالي وليبيا ونجيريا، وتخومهم مثل جمهوريات  اتشاد والسودان وتونس أنظمتها السياسية وأوضاعها الاقتصادية بالغة الهشاشة، والحرب في اليمن تحولت إلي حرب  استنزاف مهلكة للاقتصاد النفطي، وحرب أهلية مدمرة للسلم  الأهلي ، ولمسارات خطوط النقل البحري في العالم.

 والمفاجآت المتعلقة بصعود عائلة اترامب بديلا عن دولة المؤسسات في مركز توجيه العالم (البيت  الأبيض)، و ضبابية  الانتخابات في فرنسا، ومعركة طلاق ابريطانيا مع الاتحاد  الأوروبي، والتحالف القوي مجددا  بين إيران والروس ، والتنافس المحموم بين البرلمان الأمريكي والحزب الحاكم في الصين حول  الإنفاق علي التسلح ، والتنافس علي  استغلال النفط في المناطق المتنازع عليها ، والخلاف الاقتصادي  بين الناتو وآمريكا   والدول المانحة  في مجال  تمويل الحرب ضد الإرهاب.، كلها مؤشرات علي صيف ساخن ، فوق جليد رخو.

(2) التغيير القادم مقلق لأحزاب الفساد وفشل الربيع

شيء من القلق باد علي وجوه حرس سياسي قديم،  فشل في إدارة الأزمات، أو إغلاق ما فتح من الملفات،  وخدم  انظمة الميوعة والفساد51 سنة، هل كل هذا نقيق ضفادع تخشي  الغرق،  أم فحيح  أفاعي تنفذ سمومها، كي تحمي جحورها ، أو كي  تعض خصومها؟

هذا ما نشاهده  في الأفق الوطني من خلال  حراك ثلاثة  رؤساء ، وأربعة  نقباء محامين،  وكشكول المنتدى وتحفز لشباب  ملون الولاءات، ونشاط علني لعرابي الصفقات  التي دمرت مؤسسات الدولة في الداخل، وعراب صفقات بيع الرهائن  وأخذ مكوس الإرهابيين ، مع  نشاط دؤوب لحلف العلمانية والمثليين ، وتحفز لأبواق إعلامية (  تحش منذ سنتين  الفتنة)، و تحلل باسم الأغلبية  وهي لصيقة بالمعارضة  في المنشأ، وفي المآلات، ولا يخدمها البتة   نهج التصالح داخل  الأغلبية.

من الحكمة أن يحتوي المرء من حوله، ومعاداة الرجال  ليست من حكمة قادة  أحزاب تريد أن تفوز، أو سياسيون يريدون  استعادة زمام الميادرة، وهم في بينية  أحزاب هشة، وليست ديمقراطية ، وبعيدة من أن تكون أسسها مدنية فهي في الجملة أحزاب فردية ، أو أحزاب اديولوجية ، أو أحزاب تلبس لبوسا  في كل فترة ينسف شرعيتها  ومشروعيتها القانونية.

لئن كانت  أقدار الجغرافيا  آسرة ، و  كل  شيء في دورة الزمن بمقدار، فان حراكا لهذه  الأحزاب يهدد السلم والاستقرار، أو حقائق الجغرافيا ، ودورة التغيير الحتمية سوف يقود هذه التشكيلات الي  نقطة الصفر، والتجارب ماثلة لعقلاء يشاركونهم في الفكر والطرح خرجوا من المشهد في مصر وتونس وفنزويلا وفرنسا والولايات المتحدة وابريطانيا، أم أقيل صفهم  الأول وتدحرج علي السلم صفهم الثاني كتجاربهم في  المغرب والأردن والكويت وبلدان  أخر.

لا يمكن لموريتاني  مدرك  وعاقل ، أن يتنكر لأقدار الجغرافيا ، ودورة الزمن، فنحن  جغرافيا   نعيش بين  حاجز صحراوي  قبلته  اليابسة ومجابات الصحراء ، حاجز متجندل بحركات التهريب والتكفير، وعاصف بأزيز طائرات وبوارج الأحلاف العسكرية، وبغبار جماعات الإجرام المنظم  العابر للقارات ، يلقب بثنائية الساحل والصحراء

وبين محيط  أطلسي  أمواجه تطفو عليها، سفن المهربين للبشر، وللسلاح، وللمخدرات،والطامعين في  فتح جميع الأسواق، والترويج لقيمهم، ونفوذهم ، وعديد سياساتهم من مبشرين ومروجين للسياحة الجنسية ولعلمانية الالحاد

ومن حيث  الزمن ، فقدرنا  أن كل جيل   لا يمكن أن  يتجاوز قرنا واحدا علي الأكثر، علي الرغم من أن  ابن خلدون  وهو  أبو علم الاجتماع ذكر في مقدمته ، أن الأمة التي تملك مشروعا له صلة بالوحي والنبوة، يمكن أن تحكم 120 سنة، مكونا ثلاثة حقب أربعينية،ومبرهنا علي جيل شغف العيش الذي يسميه جيل تكوين ملامح المشروع، وجيل بناء المشروع، وجيل الانحناء والترف والفساد أي جيل  الأفول  الذي يقل نسله ، وتكثر هجرة أدمغته، ويقل  تحوطه لإدارة  الأزمات ودرء الأخطار الداخلية والخارجية، ويقف حائرا في مراكز القوي التي تشيع الغل والبغضاء، وتنشر داء الحسد وما دب هذا  الداء في أمة   إلا  أكل بعضها بعضا، وجاءها الغرماء من كل فج ، ولو  حبوا وأخذوا  بدون حياء  غلالها، وحرزوها إلي جب الحزن؟

(3) ركوب السفينة، و ترك الصخب

إن  ظواهر التطرف الديني، والتشنج العرقي، وخطاب الكراهية الموجه ضد المشترك، تجاوزت  إلي الاستهزاء بالمقدس، وبالشهيد، وبقيم المقاومة، وبحماة  الحوزة الترابية للجمهورية

وأصبحت نذر  الأزمة الأخلاقية ، والتشكيك  في الأرض، والإنسان والحوكمة، والسلم الجماعي والفردي ، وحتى في النوايا السليمة والنزاهة الفكرية ، طافية في المانيفيست، والبيانات المحشوة بالحقد، الفارغة من  قيم شرعية ، وتاريخية ومن الأسس القانونية  والدستورية  

لذلك فان المنعطف التاريخي الذي نحن بصدده الغرض منه، الوقوف بحزم في وجه هذه  الهجمة الغير أخلاقية ، ورسم  إطار مرجعي شامل  يعتز  بوحدة المكون الديني الذي هو المنبع،والوحدة الوطنية التي هي السماد، والوحدة الترابية التي هي المنجز، واللغة العربية التي هي التعبير عن أمة في وجدانها وهويتها ، ويكرس نهج إنجاح  تفاهمات جوهرية  في  المرحلة التاريخية التي تضغط فيها استحقاقات مثل : الاستفتاء، وانتخاب برلمان وطني موسع، ومجالس  جهوية مكرسة للتنمية، والتمسك بمنهج الحوار المتمدن لحلحة كل الخلافات الحاضرة و المستقبلية بين أبناء بلدنا الواحد.

لو تعقل ساستنا، كلهم في  الأغلبية والمعارضة ، دون اصطفاف لربحنا جميعا، فاليد الممدودة، والتغييرات المطلوبة، والسلم القائم ، يحتاج إلي الحوار الهادئ ، والي العقل  المحاور،وليس إلي المقاطعة والصخب...

فان رست السفينة فكل ما هو مطلوب متاح، وان تهور من تهور، فموريتانيا الجديدة  لن تقبل إلا المباح.، وهي تملك باقتدار كل أوراق النجاح، وإفشال كل مخططات   أصحاب الوهن.

يقال في السياسة: من يضحك أخيرا، يضحك أولا.. وفي اللغة:من عز فقد بز

 موريتانيا  ضمير لا يقبل   الاستقالة، وأمة   لا ترضي بالفشل.