يوحنا أنور داود يكتب: "مصر".. | صحيفة السفير

يوحنا أنور داود يكتب: "مصر"..

أربعاء, 10/01/2018 - 11:29

في أحد المقاهي الشعبية في الجيزة بالقرب من جامعة القاهرة حيث يدرس صديق موريتانيّ عزيز في كلّيّة الإعلام،وفي خضم حديثنا عن الأوضاع في الوطن العربي وأفريقيا تحدّث معي عن مصر في عيون أفريقيا والعرب. وذكر لي على أنّه من الرّغم من حملات التّشهير الممنهجة والمنظّمة الّتي تتعرّض لها مصر من بعض وسائل الإعلام العربيّة والأجنبيّة، إلّا أنّه ما زال لمصر في قلوب كثيرين من العرب والأفارقة رصيد حبّ كبير. ويظلّ حلم من لم يحظَ بزيارة مصر من قبل بزيارتها حيث الثّقافة والفنّ والأدب وجوائز نوبل والأهرامات وسبعة آلاف سنة من الحضارة الّتي لا يمكن لأحد أن يمحوها حتّى إنّه عندما حاول أحدهم تدمير أبو الهول لم يستطع أن يسقط إلّا بعض الحجارة من أنفه!.
كتمت في قلبي حديثه الّذي اقشعرّ له بدني، ولم أعلّق عليه لأنّي أعلم أنّ مصر تعاني بشدّة كما قال الأديب الرّاحل نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل في الأدب. لكنّني تذكّرت هذا الحديث عند مشاهدتي تتويج فتى مصر الذّهبيّ، لاعب ّ ليفربول الأنجليزي محمد صلاح بجائزة أفضل لاعب كرة قدم في القارّة السّمراء، في حفل الجوائز السّنويّ للكاف. تلك الجائزة الّتي غابت عن مصر لأكثر من ثلاثين عاماً! بالإضافة إلى حصول مصر على جائزة أفضل منتخب في القارة وحصول الأرجنتيني هيكتوركوبر مدرّب المنتخب المصريّ على جائزة أفضل مدرّب. فقد كان الأمر رائعاً بحقّ. وقد رأيت الفرحة في عيون إخوتنا العرب والأفارقة بهذا التّتويج، وكأنّ مصر عادت من جديد.
مصر، أوّل دولة في التّاريخ وصاحبة السّبعة آلاف سنة حضارة، والّتي ما زال العالم يقف منبهراً أمام ما قدّمه المصريّين القدماء في فنّ العمارة والفلك والطّب وغيرها من العلوم. مصر، الدّولة الوحيدة في العالم الّتي تنفرد باثنتين من عجائب الدّنيا السّبع القديمة: "أهرامات الجيزة ومنارة الاسكندريّة". مصر الحديثة، حيث الأدب والشّعر، والسّينما، والثّقافة، والغناء، وعبّاس العقّاد، وطه حسين، ونجيب محفوظ، وفاتن حمامة، ونجيب الرّيحاني، وعادل إمام، ومحمود مختار، رائد الفنّ التّشكيلي، وأحمد شوقي، وحافظ ابراهيم، وأم كلثوم، وعبد الوهاب، وعبد الحليم، وكثيرين ممّن أنجبتهم مصر لتتبوّأ هذه المكانة في قلوب العرب وأفريقيا. والآن نجم مصر الخلوق المتواضع محمد صلاح.
هكذا هي مصر. مهما غابت شمسها ، ومهما ظنّ أعداؤها الحاقدون أنّها لن تقوم ثانية، فلا بدّ لها من أن تقوم وتشرق شمسها من جديد . ودونها، لن ينهض العرب ولن تتقدّم أفريقيا.