إنتخابات الرئاسه المصريه.. وأنفجرت القنابل في وجه عنان! | صحيفة السفير

إنتخابات الرئاسه المصريه.. وأنفجرت القنابل في وجه عنان!

أربعاء, 24/01/2018 - 16:36

كما توقعت في مقالي السابق (القنابل الموقوته في خطاب عنان ) إن الأيام القادمه حُبلي بأحداث جسام علي الساحه السياسيه المصريه بعد إعلان الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش المصري السابق ترشحه للرئاسه المصريه وتضمين ذلك بياناً نارياً مس أوتاراً حساسه ,ومناطق ألغام في الممارسه السياسيه المصريه الحاليه ما كان لها أن تمر مرور الكرام دون رد فعل من السيسي المعني بهذه الإنتقادات وهذا التحدي الذي ورد في هذا البيان  القوي ,وبالفعل أتي رد الفعل سريعاً ومزلزلاً حيث تم إختطاف الفريق عنان من سيارته بالشارع (حسب وصف المتحدث بإسم حملته بالخارج) ,ثم تبع ذلك بيان من القوات المسلحه المصريه مفاده أنه تم تحويل سامي عنان للتحقيق بواسطة النيابه العسكريه لإعلانه الترشح لرئاسة الجمهوريه وهو مازال علي ذمة الإستدعاء للقوات المسلحه,وقيامه ببث الفتنه بين الجيش والشعب والتحريض علي القوات المسلحه المصريه ,وقيامه بالتزوير حيث أدرج إسمه في كشوف الناخبين ولا يحق له ذلك,إلي هنا والمشهد كان متوقعاً لكن ليس بهذه الصوره الفجه والتي يغلب عليها العصبيه والإنزعاج من ترشح الفريق عنان ,فقد توقع الكثير من المراقبين أن يتم إقصاء عنان بطريقة ما ,أظهرها ألا يعطي له المجلس العسكري هذا التصريح فيفوت عليه الفرصه للترشيح بطريقة هادئه ,أو بمساومته من خلف الستار بالطريقة الشفيقيه (نسبة لما تم مع الفريق شفيق  حتي تم عدوله عن الترشيح),أو علي أسوأ الفروض إن أصر علي الترشح أن يتم التضييق عليه وعلي مؤيديه وخنقهم وتخويفهم حتي يخسر ألإنتخابات بطريقة محترفه ودون جلبه أو ضوضاء ,لكن يبدو أن القنابل التي ألقاها عنان في وجه السيسي والحجر الضخم الذي قذفه في المياه الراكده للسياسه والواقع المصري لم يكن من السهوله تجاهله أو التغاضي عنه ,فقد خاطب بيانه كل فئات الشعب المصري وأعطي لكل فئه ما تريد ,خاطب رجال الأعمال وأشار إلي تغول الجيش علي المشروعات المدنيه ,وخاطب الثوريين ومؤيدي ثورة يناير بشعار(عيش حريه عداله إجتماعيه ),وخاطب الوطنيين بالإشاره إلي ملف تيران وصنافير ومياة النيل ,وخاطب جموع الشعب بالإشاره إلي إرتفاع الأسعار وتدني المستوي المعيشي ,ولذا كان من الطبيعي أنه لو أتيح له ألإستمرار في السباق الإنتخابي أن يجذب جموعاً عده من الشعب المصري  فلكل طائفه مأرب ونقطة إلتقاء مع هذه الشعارات ,ولذا كان من الضروري وأد هذه الخطوه في مهدها خاصة بعد أن صرح السيسي أنه لن يسمح لفاسد بالإقتراب من كرسي الحكم أبداً, ولذا بمجرد إعلان عنان ترشحه فتحوا له ملفات قديمه كانت قد نشرتها جريدة صوت الأمه عن تربحه وإكتسابه الملايين وإستغلال منصبه في الحصول علي إمتيازات ماليه وأراضي وتعيينات مرموقه لأبنه وزوجته ,وهو كلام قديم ولو كان هناك جديه في المحاسبه لتم التحقيق في الأمر الذي لم يكن هو متفردا به بل أثيرت إتهامات لأغلب القيادات بهذه المسائل علاوه علي أن من ثبت عليه الفساد الفعلي  والتربح قد تمت تبرئتهم أو التصالح معهم علي دراهم معدوده دفعوها وهم فيها من الزاهدين !,زائد أن السيسي نفسه في إجابته لسؤال عن هل تخشي لو حدث وخسرت الإنتخابات ألا يكمل من يجئ يعدك المشروعات التي بدأتها؟ فكانت إجابته أنه سينتهي من كل المشروعات خلال 8سنوات (أي شامله الفتره الرئاسيه الثانيه)بمعني أنه متأكد من فوزه ويحسب حساباته علي ذلك!.
التقارير كانت تشير إلي أن الفريق عنان كان قد أستوفي التوكيلات وجمع حوالي 180 ألف توكيل كان يريد رفعها قبل الترشيح إلي 300 إلف معتمدا علي شهرته وشعبيته الجارفه وتربيطاته مع كيانات مؤثره في الإنتخابات مثل رجال الطرق الصوفيه التي يعد شقيقه أحد أعمدتها,علاوه علي تأييده من أتباع شفيق الذين أصابهم ما حدث مع مرشحهم المفضل بالصدمه ,علاوه علي الكثير من الناقمين علي الوضع العام بسبب الغلاء أو عدم تقديم الأولويات في المشاريع الجاريه أو ملف نقص مياة النيل والخطر القادم بسبب بناء سد النهضه الذي يهدد حياة المصريين بصورة حقيقيه وفعليه,أو ماحدث في ملف تيران وصنافير وعدم الأعتداد بالحكم القضائي النهائي بمصريتها ثم تسليمها للسعوديه بالرغم من ذلك,أو المشروعات المشكوك في جدواها مثل تفريعة قناة السويس التي إستنزفت مدخرات المصريين دون عائد يذكر ثم ظهر إنها كانت لرفع  الروح المعنويه وإثارة روح التحدي لدي المصريين!,أو مشروع تعويم الجنيه والذي أفقد المصريين ثلثي قيمة مدخراتهم بضربه واحده مفاجئه دون تمهيد!
إن حالة ألإنسداد السياسي الحادثه الآن والتي تتمثل في خنق وإستبعاد كل مرشح قوي أو منافس حقيقي مؤثر في منتهي الخطوره علي المدي القريب والبعيد في ظل حالة الإحتقان المجتمعي بالذات وسط الطبقات الفقيره والمتوسطه وصعدت الآن إلي الطبقات العليا المهتمه بالشأن العام والتي لا تجد لها متنفسا سياسيا تعبر به عن نفسها وما يجول في خاطرها أو ماتتمناه لبلدها من مشابهة الدول المتقدمه في الحريات والديمقراطيه ,وهي حاله ومناخ شبيه تماماً بحالة ومناخ إنتخابات برلمان 2010 في عهد مبارك والتي كانت من أسباب قيام ثورة 25 يناير وهو وضع يمكن تداركه ألآن بقليل من الحكمة وسعة الصدر والأفق السياسي الواسع ودراسة التجارب السابقه والسعيد من إتعظ بغيره ,فالبلاد لا تحتمل قلاقل جديده فتحدياتها كبيره والخطر المتربص بها من إرهاب وتآمر خارجي واضح وجلي ,وسقوط مصر لا قدر الله سقوط للعرب وللمنطقه بأسرها وهو ما نحذر منه ولا نريده بحال من الأحوال.
إن قنابل عنان التي أطلقها في بيانه وإن كانت إنفجرت في وجهه وأصابت شظاياها مؤيديه لكنها بلا شك أحدثت حراكاً كبيرا ,والوضع بعد إطلاقها لن يكون كالوضع قبلها ,وماتزال الأيام حُبلي بالكثير والكثير المثير .

 

دكتور جمال المنشاوي