من دروس التصويت على موركو 2026 : | صحيفة السفير

من دروس التصويت على موركو 2026 :

أربعاء, 13/06/2018 - 21:16
د.طارق ليساوي

تم اليوم اختيار البلد الذي سينضم كأس العالم في كرة القدم للعام2026، و أسفرت النتائج عن تصويت كاسح لصالح الملف الثلاثي (أمريكا كندا المكسيك)، الذي حصل على 134 صوتا، بينما الملف المغربي حصل على 65 صوتا، ولم يصوت للمغرب أغلب بلدان الخليج باستثناء قطر واليمن و سلطنة عمان، بينما كانت أصوات بلدان المغرب العربي لفائدة المغرب ، الواقع أن النتيجة مؤلمة لعموم الشعب المغربي، وإهانة لهذا البلد الذي قدم ترشيحه لرابع مرة..لكن ينبغي على المغاربة أن يقفوا عند هذا الحدث و يستخلصوا منه العبر، بدل توجيه الاتهام للبلدان التي صوتت للملف المنافس...
فوقف بلدان الخليج خاصة السعودية و الإمارات جاء منطقيا و كان متوقعا، فمن لم يتورع في التلاعب بمصير بلدان الربيع العربي وتدمير مستقبلها و انتقالها الديموقراطي وسفك دمائها لأنها عبرت عن رغبتها في الإنتعتاق من قيود الاستبداد ،إنهم دمروا بلدانا وشردوا شعوبا حماية لعروشهم المحمية أصلا بمظلة أمريكية..
فهم اختاروا التصويت لصالح سيدهم وولي نعمهم، وعلينا طبعا أن نفرق بين الحكام و الشعوب، فهذه الأخيرة تعيش تحت وطأة استبداد غاشم، وتقييد للحرية منقطع النظير، فالبلاد التي تسجن مواطنيها على تغريدة في تويتر تدعوا للمصالحة مع قطر أو وقف نزيف الدم في اليمن، من العبث المراهنة عليها في دعم تنمية أو كسب قضية...فالسعودية و الإمارات فيروس قاتل ينهش جسد الأمة العربية و الإسلامية وهم وراء كل مصيبة تلحق بأهل الإقليم، والقادم أسوأ فلن يتورعوا في تسليم مكة و المسجد النبوي حماية لنزواتهم و تطلعاتهم المرضية...
لكن علينا كمغاربة ان نرتب بيتنا الداخلي، فالرهان هو تطهير المغرب من الفساد و المفسدين ، و لما كان السياق هو الحديث عن ملف مروكو2026، فينبغي محاسبة المسؤولين عن الترويج للملف المغربي، وذلك من جانبين:
أولا_ تكلفة الترويج للملف من أين تم استخلاصها وفيما تم انفاقها، ومادام أن الأمر تطوعي كما يروج، فهؤلاء عليهم استرداد ما أنفقوه من أموالهم تضامنا، لاسيما وأنهم في الغالب أغنياء و ينتمون إلى دائرة المحظوظين الذي يمسكون بالثروة و السلطة..
ثانيا_ على أي أساس تم اختيار هذه اللجنة، ولما يغلب على أعضاءها نفس اللون السياسي، فأغلبية أعضائها من حزب الأحرار، فهل هذا الحزب هو الوحيد الذي يتوفر على كفاءات، وأي كفاءة هذه في ظل نتيجة مخزية...
أيها السادة..قلنا أكثر من مرة أن البلاد تعيش تحث وطأة فساد سياسي، و أوليغارشية لا تفكر أو تخطط لمصلحة الغالبية من الشعب، وإنما تخطط لمصلحتها، فالبلاد تعاني عجزا تنمويا كبيرا، فالتعليم سيء و الخدمات الصحية رديئة، والبنية التحتية دون المستوى المطلوب..و الاقتصاد المغربي في غالبه اقتصاد غير منظم، ولازال مرتبطا بالتقلبات المناخية، و الاستقرار السياسي و الأمن الاجتماعي هش، فالبلاد شهدت في السنوات الأخيرة احتجاجات شعبية كبيرة، وسببها الفقر والتهميش والفساد السياسي و الاحتكار الاقتصادي.. فحراك الريف لازال قادته وراء قضبان السجون و نفس الأمر حراك جرادة وغيرة...
وإذ بالقائمين على الملف يحاولون إقناع البلدان بالتصويت للمغرب، فإذا بالبلاد تعيش تحث وقع حملة مقاطعة تجاوزت شهرتها حدود البلاد، وأصبحت قصاصة إخبارية مجانية على وسائل الإعلام الدولية..قصاصة تلخص حال المغرب، وتعطي صورة عن نموذج تنموي هش، يركز على المظهر ويهمل الجوهر، نموذج تسويقي تفنذه المؤشرات الاقتصادية و الإجتماعية...
نتمنى أن يدرك الشعب المغربي، أن القائمين على إدارة البلاد دون المستوى المطلوب، و لايتمتعون بالدراية و الكفاءة لتحقيق إقلاع تنموي أو وضع مخطط تنموي طموح يخرج البلاد من أزمتها و تخلفها...ففي ظل عالم مفتوح وقائم على المنافسة، والبقاء للأصلح و الأفيد،لم يعد من المقبول تغليب الولاء على الكفاءة ، و مصالح الأشخاص على مصالح الشعب و الوطن..فعلينا إعادة ترتيب البيت الداخلي، فلا محيد عن إقامة نظام حكم ديموقراطي يحاسب المسيء و يجازي المحسن، نظام يحترم إرادة الناس ويعبر عن تطلعاتهم و معاناتهم، نظام لا يحمي الفساد و المفسدين ويغض الطرف عن نهب ثروات البلاد و العباد...
وأيضا من الدروس المستفادة من نتائج التصويت، أن بلدان المغرب العربي كانت مع المغرب و في مقدمة الداعمين، الجزائر حكومة و شعبا.. فعلى المغرب ان يعيد حساباته السياسية، فالتحالف مع الجزائر وباقي بلدان المغرب الكبير لن يعود إلا بالنفع على المغرب وباقي شعوب المنطقة.. فالطريق للتنمية و الإقلاع الاقتصادي و الاستقرار السياسي و الاجتماعي، يمر عبر بوابة العمل الجاد والرصين وتبني الحلول الواقعية بدلا من سياسة الأوهام ..
وفي الختام، عزائنا هو الموقف المشرف للجزائر و تونس و ليبيا و موريتانيا فالعمل على توحيد هذه البلاد في كيان سياسي و إقتصادي جامع ... خير من الجري وراء سراب التظاهرات الكبري التي تنهك ميزانية البلاد ولا طائل منها.. بل إن ضرها أكثر من نفعها..لاسيما و أن الملف المنافس كان ملف وحدوي إقليمي، فهل الولايات المتحدة او كندا لا تتوفر على الموارد المالية و البنية التحتية الكافية، لتنظيم المونديال بشكل منفرد..?! والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون
إعلامي و أكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي..