ثلاثة أشهر فقط، وملامح التغيير بدأت تلوح في الأفق؛ ففي كل القطاعات والمرافق العمومية تلحظ بأن هنالك عمل، وأهداف مرسومة، مع إرادة قوية و ناجعة لفريق حكومي يسابق الزمن لفعل شيء يستحق الإشادة والتنويه.
طبعاً لا شيء يأتي بين عشية وضحاها، وإرادة الإصلاح لا يمكن أن يصاحبها أي تسرع، بل تقتضي التريث والصبر والعمل في صمت حتى تتكل الجهود بالنحاج ونقطف الثمار معاً في جو من الهدوء والسكينة والوئام، هكذا نريد، وهكذا بالضبط ما فهمناه من رئيس الجمهورية وحكومة الوزير الأول اسماعيل ولد بدًه.
لقد أثارت اللقاءات التي أجراها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني قبل اسابيع، مع مختلف الطيف السياسي وتأكيده لهم على قيم الانفتاح والتشاور والشراكة، والتي تدخل في صلب برنامجه الانتخابي الذي لاقى ترحيبا واسعا لدى الموريتانيين، آمالا عريضة لدى الرأي العام الوطني بإمكانية العبور إلى مرحلة جديدة يتم فيها التغلب على عوامل الاحتقان والتوتر بغية نشر مناخ من الطمأنينة تستعيد في ظله البلاد توازنها وتستنهض مختلف الطاقات الوطنية للمشاركة الفعالة في النهضة المنشودة.
وقد لاقت أولى الخطوات العملية التي قطعتها حكومة الكفاءات التي اختارها الرئيس، ارتياحا داخل أوساط المواطنين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية، خصوصاً ما يتعلق منها بقطاعي الصحة والتعليم، من إعادة لتصحيح وضعية المستشفيات، وفرض إجراءات جديدة حول استيراد الأدوية وتوزيعها، فيما تخضع ابرز القطاعات والمؤسسات المالية لحملة تفتيش ستضع لا محالة الأصبع على الجرح، وتطلق مسارا جديدا قوامه عقلنة وشفافية تسيير المال العام، كما أن الانطلاقة الرسمية للسنة الدراسية لهذا العام كانت مثالا على الجدية و الصرامة في إصلاح أهم ركائز التنمية، في وقت يخضع فيه قطاع العدالة لإعادة الهيكلة قصد إعطاء مسار جديد للسلطة القضائية تمنحه كامل الاستقلالية.
ولاشك أن للدور الذي لعبته الإدارة الإقليمية في أزمة السيول التي شهدتها بعض المدن والقرى الداخلية، من خلال التدخل في الوقت المناسب وإعادة تأهيل الطرق والمباني وإسعاف المتضررين، أثره البالغ في نفوس المواطنين والذي اشفع لاحقا بلجان ميدانية قامت بواجبها على أحسن وجه، قبل أن تحقق السياسة الخارجية إنجازاً تاريخياً بحصول بلادنا على عضوية المجلس الأممي لحقوق الإنسان، وهو أحد أهم الهيئات ذات المصداقية والتأثير الدولي والإقليمي.
ورغم كثرة المعوقات وتشعًب القضايا العالقة أو بالأحرى "التركة" الثقيلة التي تركها الرئيس السابق ونظامه، في كافة المجالات، فقد لمسنا إرادة قوية لرفع لتحدي وتحملاً للمسؤولية من طرف رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة وهو ما يبعث الأمل في إصلاحات جوهرية قادمة ستبدأ حتماً بقطيعة نهائية مع حقبة طبعها الغموض و فساد في البلاد والعباد.
السفير