تفعيلا لبرنامج عملها الهادف إلى حماية المعالم التراثية الإسلامية وصيانتها ، أقدمت الإيسيسكو على مبادرة غير مسبوقة تحمل دلالات عميقة وتنم عن اهتمام عملي وميداني بأعلام الفكر الإسلامي. فإذا كانت الساحة الثقافية والفكرية العربية والإسلامية قد أنتجت عددا هائلا ومهما من الكتب والدراسات عن العلامة ابن خلدون ، أغنت الخزانة العربية والإسلامية وساهمت في التعريف بهذا العالم الألمعي الذي يعد من مؤسسي علم الاجتماع ، فإن ترميم البيت الذي ولد فيه ابن خلدون يوم 27 مايو 1332 ميلادية بمنطقة باب الجديد، أحد أبواب مدينة تونس العتيقة ، يعد عملا مهما سيمكن الأجيال الحالية والقادمة من زيارته واستحضار الظروف التي عاش فيها ابن خلدون وألف فيها أمهات الكتب بدون وجود مصباح كهربائي أو آلة رقن .
لقد أعلن الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، عن هذه المبادرة الحضارية خلال كلمته في حفل ختام تظاهرة تونس عاصمة الثقافة الإسلامية 2019، الذي أقيم في مدينة الثقافة بالعاصمة التونسية مساء يوم الأربعاء الماضي . ولعل كثيرا من المواقع الأثرية التاريخية في الدول الإسلامية تحتاج لمثل هذه المبادرات لتعزيز الهوية الثقافية وإبراز الموروث الثقافي الضارب في القدم وتعريف الأجيال به واشراكهم في الحفاظ عليه باعتباره من الكنوز النادرة والنفيسة المهددة بالانقراض.
وهي مبادرات تندرج في إطار تنزيل الرؤية الجديدة للإيسيسكو التي اتى بها الدكتور سالم المالك والهادفة إلى تعزيز الجهود المبذولة لحماية التراث الثقافي وتأهيله واستثماره، وذلك من خلال التركيز على البرامج والأنشطة الهادفة إلى إيلاء هذا التراث المكانة التي يستحقها وتعزيز دوره في ترسيخ الهوية الثقافية، وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ومما لا شك فيه أن ترميم دار ابن خلدون سيجلب السياح المهتمين بالمعالم الثقافية الإسلامية والإنسانية يشكل عام وبتاريخ علم الاجتماع وبالفكر العربي والإسلامي المتنور ، مما سيسهم في تعزيز السياحة الثقافية في تونس وسيقوم بدور مهم في تصحيح المعلومات الخاطئة والصور النمطية عن الإسلام والمسلمين وعن الحضارة الإسلامية التي أنجبت علماء ومفكرين خدموا العلوم والمعرفة وساهموا في البناء الحضاري الإنساني.
بقلم: محجوب الوادنوني