اتهم خبراء في علم الحيوان الإنسان بالتسبب في انتشار فيروس «كورونا» المستجد، الذي أسفر عن وفاة وإصابة الآلاف في العديد من دول العالم.
ونقلت قناة «سي إن إن» الأميركية عن علماء قولهم إن تدمير الإنسان للأماكن التي تعيش بها الحيوانات، مثل الغابات، وكذلك العدد الهائل من البشر الذين يتحركون يومياً أتاحا الفرصة للأمراض التي كانت منحصرة في الطبيعة للانتقال إلى الإنسان.
وأوضحت القناة الأميركية أن العلماء لا يزالون غير متأكدين من مصدر الفيروس، ووصفت عملية تحديد مصدر «كورونا» بـ«المهمة الصعبة»، لأن العلماء لن يتمكنوا من ذلك إلا إذا قاموا بعزل الفيروس حياً في الكائنات المشتبه بها، ولكن بعض الفيروسات المشابهة لـ«كورونا» وجدت بالفعل في خفافيش صينية، وهو ما دفع العلماء لطرح أسئلة عاجلة حول كيفية انتقال المرض وانتشاره في العالم من الخفافيش التي عادة لا يختلط بها البشر، وتشير الإجابات إلى الحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية تعاملنا مع الكوكب، بحسب القناة.
ويقول العلماء إن الخفافيش هي الثدييات الوحيدة التي يمكنها الطيران، مما يسمح لها بالانتشار بأعداد كبيرة على مساحة واسعة، ما يعني أنها يمكن أن تأوي عدداً كبيراً من الأمراض أو مسبباتها.
ويوضح العلماء أن الطيران يتطلب من الخفافيش قدراً هائلاً من النشاط، ما يجعل أجهزتهم المناعية قوية للغاية، ويقول أندرو كانينغهام، أستاذ علم الأوبئة في الحياة البرية بجمعية علم الحيوان في لندن: «عندما تطير الخفافيش، تحاكي درجة حرارة جسمهم الحمى، وبهذا تطورت مسببات الأمراض التي تطورت في الخفافيش»، وحذر من أن الفيروس لن يتأثر على الأرجح بارتفاع درجة حرارة الجسم التي عادة ما تقتل الفيروسات.
وأضاف أن الأسباب وراء انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ من الخفافيش أو غيره ثبت أنها ترجع للسلوك البشري، الذي يضغط على تلك الكائنات عن طريق الصيد، أو إتلاف الأماكن التي تعيش بها عبر إزالة الغابات، ما يجعل أجهزة المناعة الخاصة بها تواجه تحدياً، وتجد صعوبة أكبر في التعامل مع مسببات الأمراض التي تحملها.
وأوضح كننغهام: «عندما يعاني بعض البشر من الإجهاد ولديهم فيروس فسيصابون بالمرض الذي يسببه هذا الفيروس، ويمكن أن يحدث هذا للخفافيش كذلك، ولفت إلى أن السوق التي تباع فيها الحيوانات بمدينة ووهان الصينية، والتي خرج منها (كورونا)، تُحتجز فيها الحيوانات البرية معاً للبيع كطعام أو حيوانات أليفة، وهنا يمكن أن يحدث مزيج مرعب من الفيروسات»، بحسب كانينغهام.
وقالت كيت جون، رئيسة قسم البيئة والتنوع البيولوجي في جامعة كوليدج بلندن: «إننا نزيد من نقل الحيوانات لأغراض مختلفة، مثل الطب، أو لتناولها كطعام أو كحيوانات أليفة على نطاق لم نقم به من قبل»، وتابعت: «بالإضافة لذلك ندمر الأماكن التي تعيش بها في الطبيعية بشكل أكبر، ونخلط الحيوانات بطرق غريبة لم تحدث من قبل، فكثير من الحيوانات توضع في الأقفاص بعضها فوق بعض».
وأشار كل من كونينغهام وجونز إلى عامل واحد يعني أن الحالات النادرة من انتشار الفيروسات من الحيوانات للبشر يمكن أن تتحول إلى مشاكل عالمية في غضون أسابيع، ألا وهو سهولة التنقل عبر المواصلات، وقال كانينغهام: «في هذه الأيام باستخدام وسائل النقل والطائرات، يمكنك أن تكون في غابة في وسط أفريقيا في يوم من الأيام، وفي مدينة مثل لندن في اليوم التالي».
وتابع: «هناك عشرات الآلاف من الفيروسات يُنتظر اكتشافها، وما نحتاج إليه حقاً هو أن نفهم أين توجد نقاط التحكم الحاسمة لانتشار الحيوانات من الحياة البرية ووقف حدوثها في تلك الأماكن، وستكون هذه هي الطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة لحماية البشر».
وقالت جونز إن استعادة الأماكن التي كانت تعيش فيها الحيوانات هو الحل، لأن الدرس النهائي المستفاد من تلك الأزمة هو أن الأضرار التي لحقت بالكوكب يمكن أن تضر بالبشر بشكل أسرع وأكثر حدة من التحولات التدريجية لتغير المناخ، وتابعت: «لا يمكنك القيام بهذه الأشياء في عزلة دون التفكير فيما يفعله ذلك بالبشر».
«الشرق الأوسط أونلاين»