في ذروة الحديث عن تعديل وزاري وشيك، نزلت جائحة "كورنا" ضيفاً ثقيلاً على بلادنا، رغم تسجيل إصابات تعدٌ الأقل في العالم والمنطقة، لكن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة والتي أتت بنتائج إيجابية لله الحمد، خيمت هي الأخرى على الحياة اليومية وغيرت ترتيب الأولويات بالنسبة للعمل الحكومي، وأجلت قرارات حاسمة كانت على الابواب.
ومع تزايد حالة التأهبُ للتصدي لهذا الوباء الذي ارعب العالم وأرغم كبريات الدول على إعلان حالات طوارئ، خفً حديث الصالونات عن السياسة وعن أهلها، وفرض "كورونا" نفسه دون غيره، على الرغم من مؤشرات الاطمئنان التي بعثتها رسائل منظمة الصحة العالمية ، بأن موريتانيا تجاوزت مرحلة انتشار الفيروس التي حددت بالأسبوع الأول من شهر ابريل الجاري..
في غضون ذلك ينتظر الموريتانيون بفارغ الصبر انجلاء الغمًة وسط تزايد الحديث عن تخفيف إجراءات الحظر، وفتح الطرق ما بين الولايات مع إعادة السماح لبعض المواطنين بممارسة أعمالهم على غرار: متاجر أدوات البناء، وبيع قطع غيار السيارات ومحلات النظافة.
وزراء خارج الاضواء
معظم وزراء حكومة المهندس إسماعيل ولد بدًه ولد الشيخ سيديا، خارج دائرة الضوء، ربما لعدم تماس قطاعاتهم بالحياة اليومية للمواطنين، أو لقلة أنشطتهم في الغالب، لكن مراقبين يرون في ذلك ضعف أداء وعدم أهلية في التسيير وإدارة الشأن العام، في حين يذهب البعض الآخر إلى وجود عدم انسجام داخل الفريق الحكومي، وظهور خلافات عميقة بين بعضهم والوزير الأول نفسه.
بيد أن ما يتم تداوله على نطاق واسع من خلافات بين الوزير الأول، ووزير الطاقة والنفط، قد يقود لا محالة إلى تعديل وزاري عند أول فرصة، ومن دون شك أن أزمة "كورونا"، هي من تحول دون ذلك، في وقت تعززت فيه محاسبة بعض كبار المسؤولين ممن كانوا ركائز مهمة في نظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وإن كانت لا تزال شكلية وخجولة بعش الشيء، حسب تعبير مراقبين.
تدوير الفاسدين!
اكتفى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، في تعديله الجزئي أواخر شهر يناير الماضي، بترتيب القطاعين المالي والاقتصادي، في ما فُهم منه يومها سعيه لوضع اليَد على المؤسسة المالية و الموارد الاقتصادية للدولة، غير أن مؤسسات كبرى بقيت في أيدي اصحابها أو تمً تدوير بعضهم على الأصح، وهو ما أثار حفيظة الرأي العام ولقي سخطاً كبيرا من قبل الداعمين الجُدد للرئيس وابرز من التحقوا بالحزب الحاكم، معتبرين أن إعادة الثقة في بعض الفاسدين ليس إلا امتدادا لنهج النظام السابق، وقد آن الأوان للتخلص منهم.
إعادة هيكلة..
يؤكد بعض المتابعين للشأن العام، أن الحكومة عاكفة على إعادة دمج مفوضية الأمن الغذائي داخل المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء "تآزر" لتقاطع المهام والتخفيف من أعباء موازنة الدولة في المؤسسات العمومية التي تلعب نفس الدور، بما أن الهيئتين تحملان رتبة وزارية من المرجح جداً أن تنصر جهودها في قطاع واحد.
وتسعى "تآزر" التي أنشأت نهاية شهر نوفمبر من العام الماضي، على تنفيذ المشاريع المخصصة لمكافحة الفقر والإقصاء والتهميش، كما ستتولى تزويع المساعدات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في خطابه الأخير للأسر الأكثر فقراً ضمن استيراتيجية صندوق التضامن الاجتماعي ومحاربة وباء كوفيد 19 المستجد.
لاقت حكومة الكفاءات التي أعلن عنها الوزير الأول إسماعيل ولد بدًه ولد الشيخ سيديا، أياما بعد تكليفه، ترحيباً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية لتسمية العديد من الشخصيات ذات الخبرة والكفاءة ضمن صفوفها، غير استعانة الرئيس ببعض وزراء سلفه اثارت حفيظة بعض الكتل السياسية التي دعمته في رئاسيات 2019 وأسالت حبر الحالمين بقطيعة نهائية مع الماضي، لكن أمل التغيير في إعادة الأمور إلى السكة الصحيحة خصوصاً في ظل الرسائل المطمئنة التي بعث بها رئيس الجمهورية إلى القادة السياسيين والمركزيات العمالية، وسنة التشاور وتبادل الآراء مع هرم السلطة أعطت حافزاً قوياً لدى الرأي العام بأن القادم أفضل.
تحليل عدد جريدة "السفير" الصادر اليوم الخميس 09/04/2020