أصبحت مشكلة "المتسللين"، هاجساً يؤرق السلطات الموريتانية بعد إعلان انتصارها على كورونا، في وقت ازدادت فيه التحذيرات من التراخي في الإجراءات الاحترازية التي مكنت من تجنب البلاد لانتشار هذا الوباء، رغم استفحال هذه الجائحة في دول الجوار.
وعلى الرغم من أن المطالبات بإعادة المواطنين العالقين على الحدود الجنوبية والشمالية، إلا أن السلطات الأمنية، عززت من يقظتها وأعادت مواطنين عبروا بطرق غير شرعية إلى حيث أتوا، وهو تصرف لاقى استهجانا واسعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومن طرف بعض الأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان، حيث رأوا في القرار نوعا من التخلي عن المواطنين في ظرفية تسعى معظم الدول إلى إجلاء مواطنيها رغم مجابهتها للفيروس، في حين تبخل موريتانيا على أبناءها وطأ أرضهم، ولو أن السلطات مطالبة في ذات الوقت بوضعهم في الحجر الصحي، مع تناقص أعداد الأشخاص الذين خضعوا للحجر الصحي بأكثر من الضعف.
أجانب يرابطون على الحدود!
بحسب معلومات استقتها "السفير" من مصادر محلية، يوجد العشرات من مواطني دول الجوار، يرابطون في بعض المدن الداخلية بعد أن تمكنوا من تجاوز نقاط العبور الحدودية، وينتظرون رفع الحظر بين الولايات ليتمكنوا من دخول العاصمة نواكشوط، وهو ما يشكل خطرا أكبر إن سمحت السلطات بتنقل الأشخاص بين المدن، خصوصاً وأنه نشطت في الأيام الأخيرة عصابات لتهريب البشر، ابلغ عنها الأهالي في الحوضين وتمكنت بعض الدوريات الأمنية من ضبط بعضهم داخل شاحنات نقل البضائع، لكن لم توضع اليد لحد الساعة على من يقفون خلف تلك الممارسات المشينة، ولو كان بعض عناصر الأمن "ضالع" في تسهيل تنقل بعض المتسللين، بحسب المصادر.
تخفيف الحظر
يرى العديد من المراقبين، أنه من المنطقي بعد إعلان خلو البلاد من وباء كورونا، أن يخفف الحظر وتفتح الأسواق، إن لم يرفع وتعود الحياة إلى طبيعتها، خصوصا وأن شهر رمضان بات على الأبواب والعديد من المواطنين يحاولون الوصول إلى المدن لاقتناء حاجياتهم، فيما يفضل البعض الصوم في نواكشوط أو انواذيبو لعوامل أهمها اعتدال الطقس وتوفر البضائع، لكن ارتفاع عدد الإصابات في دول الجوار، وحديث بعض الأوساط عن موجة جديدة من كورونا قد تجتاح إفريقيا مع نهاية شهر ابريل الجاري، كلها عوامل زادت من قلق السلطات، وجعلت المسؤولين يكررون أكثر من مرة على ضرورة المواصلة وعدم التراخي أو استسهال المرض الذي أرعب العالم بأسره.
مرضى ينتظرون!
أكثر ما يؤرق المواطنين، هم المرضى الذين لم يتمكنوا من معاودة أطباءهم رغم معاناة بعضهم من أمراض مزمنة، من بينهم العشرات يتلقون العلاج خارج البلاد، وينتظر ذويهم بفارق الصبر أن تسمح السلطات بالنظر في وضعيتهم؛ ومساعدتهم على الوصول إلى عياداتهم بأقصى سرعة ممكنة.
وغير بعيد عن موضوع المرضى العالقين، في الداخل ينظر العشرات من المواطنين الذين يتلقون العلاج في دول الجوار خصوصا في السنغال والمغرب السماح لهم بالعودة إلى الوطن مع احتمالية أن لا يخضعوا للحجر الصحي باعتبار أنهم غادروا مستشفياتهم للتو، وهو ما سيخفف على السلطات من تكاليف حجرهم حجرا صحيا.
استطاعت موريتانيا رغم تواضع الإمكانيات، أن تتغلب على حائحة كورونا، بفضل التصميم وتكاتف الجميع وأصبحت اليوم مثالاً يحتذى في رفع التحدي وإبعاد الخطر عن بلد لم يعول عليه كثيرا، في تخطي هذه الأزمة التي ضربت اعتي دول العالم، لكن الخطر الآخر يبدو محدقاً إن لم تتخذ بشأنه إجراءات حاسمة ورادعة، وأن توضع عقوبات بحجم الكارثة لكل الضالعين في مساعدة "متسلل" لم تتغلب عليه إنسانيته في يوم من الأيام، وفي المقابل تخصص تكريمات وجوائز لكل مواطن أبلغ عن متسلل أو متمالئ معه.
من يومية "السفير" في عددها رقم: 1162 الصادر اليوم الاربعاء 22/04/2020
إعداد: سيدي محمد صمب باي