حرفيون يعملون على إنتاج مليون كمامة في ظرف وجيز..
تتجه موريتانيا لخلق خطوط انتاج للكمامات قد تساعد في وقت وجيز في سد الاحتياجات الوطنية والتمكن من مساعدة دول الجوار من هذه الاقنعة الصحية الضرورية لمواجهة انتشار فيروس كورونا.
الحكومة الموريتانية كشفت بالفعل أن قطاع الصناعة التقليدية، قام بإنتاج آلاف الكمامات محليا، للمساهمة في جهود الحد من انتشار فيروس كورونا.
جاء ذلك بحسب تصريحات مدير الصناعة التقليدية بوزارة الثقافة الموريتانية، عابدين باب أحمد، وقال باب أحمد إن القطاع (يضم حرفيين من مختلف المهن التقليدية)، سلم 10 آلاف كمامة مصنوعة محليا كدفعة أولى، من بين 30 ألف كمامة يواصل القطاع إنتاجها محليا.
ولكن "السفير" تحصلت على معلومات تكشف نية الجهات الحكومية انتاج قرابة مليون كمامة في ظرف وجيز عبر الاعتماد على الحرفيين والصناع التقليديين، وهو رقم من الواضح ان الطواقم الطبية التي تلقت مساعدات صينية وإماراتية ومساعدات من منظمة الصحة العالمية ورجال الاعمال الموريتانيين قد لا تحتاج بالضرورة لهذه الكمية في ظرفية تستمر فيها الحالة الوبائية في وضعية الصفر، وهذا ما يفسر التحليل الذي كشفته مصادر السفير بأن موريتانيا قد تهيئ لتصدير الكمامات كمساعدات لبلدان الجوار مع تزايد تسجيل حالات فيدول المغرب الكبير وافريقيا خصوصا تونس والمغرب ليبيا والجزائر والسنغال ومالي من جهة اخرى.
رقم المليون قد يكون كبيرا في موريتانيا لا يمثل رقما صغيرا جدا في الازمة الحالية حيث انتج في المغرب فقط 82 مليون كمامة صنعت وبيعت في المغرب فقط.
عنوان "المساعدات" قد يكون الغابة التي تظلل خيارات اخرى كالتأسيس لمشروع استثماري ضخم يتم التفكير فيه لإنتاج الكمامات خصوصا في ظل القراءة العالمية التي تشير ان فيروس كورونا قد يعيش مع البشر لوقت اطول مما تم توقعه خلافا للتعامل مع فيروسات تاجية اخرى كسارس ونيرس حيث ان العالم لم يلتقط انفاسه بعد من الفاشيات الكبيرة للفيروس.
الكمامات ضرورية للعموم
وبعد تأكيد المنظمات الصحية العالمية عدم فائدة الأقنعة الواقية حين لا يكون من يضعها مصابا بفيروس كورونا المستجد، تغير الخطاب الرسمي العالمي في عدة دول، حيث باتت السلطات الصحية في أكثر من بلد تنصح المواطنين بوضع الأقنعة الواقية حين يخرجون من منازلهم، وذلك لخفض انتشار الفيروس الذي تسبب في أكبر جائحة في القرن الحديث وضرب اقتصاد العالم وحول الدول الى جزر معزولة حيث عاش اغلب المواطنين في مختلف الدول في حجر صحي لمدة 24 ساعة.
اتضح لاحقا ان مؤيدي ارتداء الكمامات من طرف العموم كانوا على حق، وان توجيهات منظمة الصحة العالمية كانت تهدف بشكل خاص لتجنب مسارعة العموم للإستحواذ على الأقنعة المخصصة للطواقم الطبية والممرضين والممرضات ما يؤدي حتما الى تفاقم النقص القائم أساسا، على ان الشعوب الآسيوية التي يعتبر استعمال الكمامة فيها شائعا استمرت في استهلاك الكمامات لمواجهة كورونا بشكل متزايد.
ولم يشهد العالم اهتماما بالكمامات الطبية والعادية كما يشهدها اليوم حيث استحوذت بلدان على سفن على متنها شحنات من الكمامات متجهة الى دول اخرى، فيما تمت سرقة مستودعات عالمية وزادت بلدن من حجم انتاجها من صناعة الكمامات لمواجهة فيروس كورونا.
الارقام المرتبطة بوضع الكمامات عالميا يكشفها طلب الحكومة الفرنسية مليار كمامة من الصين ومصادرة المملكة العربية السعودية 5 ملايين كمامة جرى تخزينها لبيعها لاحقا بسعر أعلى.
ويعتقد محمد يحي ولد الكنتاوي وهو رئيس اتحاد الصناعات التقليدية في نواذيبو ان موريتانيا بالفعل قادرة على انتاج حاجتها من الكمامات بل ومساعدة جيرانها في مواجهة فيروس كورونا عن طريق ارسال كميات من الكمامات، وهذه وضعية شبه استثنائية في العالم اليوم.
خلق جسور التعاون
وبطبيعة الحال تستدعي الأزمة الحالية خلق جسور تعاون بين دول المغرب العربي من جهة والدول الافريقية من جهة اخرى بوصفها الخط الثاني المحتمل ان يضربه الفيروس بعد فاشيات خطيرة في آسيا واوروبا والولايات المتحدة حصدت آلاف الارواح، وهذا ما يعيد البريق الى موقع موريتانيا كهمزة وصل جغرافي ودبلوماسي.
وقد يكون من أهم وجوه التعاون الملهمة حتى الان والتي قد تؤسس لدور أكبر هي الجسر الجوي بين موريتانيا والجزائر، عبر ارسال طائرات شحن محملة بالتمر وتعود من موريتانيا محملة بالسمك وهذا ما سيوفر طاقة هائلة للأسواق في البلدين خصوصا في شهر رمضان الكريم.
وينطق الجسر الجوي من الجزائر بطائرة شحن من نوع (B 737-700) ستغادر مطار هواري بومدين نحو مدينتي نواكشوط ونواذيبو، كبداية لست رحلات جوية لطائرات شحن ستزودان السوق الموريتاني بالتمر الجزائري قبل أيام من بداية شهر رمضان الكريم على ان تعود طائرات الشحن محملة بالسمك الموريتاني لتزويد السوق الجزائرية به.
إن نجاح نواكشوط والجزائر في خلق خطوط تواصل –على بساطتها- يعتبر خطوة مهمة في ظل الانزواء الدبلوماسي التي انتهجتها بعض الدول بما في ذلك اوروبيا (اسبانيا والبرتغال نموذجا)، حيث يمكن دائما خلق تعاون بيني حتى على اقل مستوى من التبادل.
من هنا يبدو واضحا ان منح الكمامات كمساعدة هو بالفعل ورقة دبلوماسية مهمة وموقف مهم يمكن لموريتانيا ان تلعبه في ظل وجود قطاع حرفيين وصناع تقليديين جاهز بالفعل لصناعة الكمامات بشكل سريع وبأرقام مليونية، كما ان الكمامات قد تتحول لمجال خصب للاستثمار اذا ما تم الربط بين الحرفيين وقطاع الصحة ما يرفع جودة المنتوج ومعايير الصحة خصوصا بالنسبة للكمامات الموجهة للعاملين ف مجال الصحة.
ورقة دبلوماسية ومشروع استثماري
وفي بلد يقار بعدد سكانه 4 ملايين نسمة يتمتع بطاقة فائضة تصل الى 271 ألف شاب بين 19 و35 سنة لا يدرسون ولا يعملون بحسب وزير التشغيل الطالب سيدي أحمد يبدو انتاج الكمامات الطبية والعادية مشروعا غير مسبوق قد يوفر ورقة تعاون دبلوماسي كما يشكل مشروعا اسثماريا ضخما يسد حاجة البلد من هذه الاقنعة التي تشكل اليوم حاجة عالمية اساسية بالإضافة الى خلق خطوط انتاج للتصدير الخارجي سواء تعلق الامر بالمساعدات او التصدير التجاري.
بالإضافة الى ذلك قد يشكل انتاج الكمامات إحياء لقطاع الصناعة التقليدية الذي عانى من التهميش في الفترة الماضية.
ورغم ان قطاع الصناعة التقليدية في موريتانيا أنتج لحد الان 10 آلاف كمامة لصالح وزارة الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان، مساهمة منه في الجهود الوطنية لمكافحة فيروس كورونا المستجد كخطوة اولى الا ان ماكينة الانتاج قابلة للتوسع بسرعة وانتاج كميات كبيرة وبجودة عالية اذا تم وضع بروتوكول صحي وقانوني يستجيب للظروف الطارئة.
الموضوع الرئيسي ليومية "السفير" في عددها الصادر اليوم الجمعة 24/04/2020