اليوم: 22 يونيو 2020، تحل الذكرى الأولى لانتخاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني من طرف الشعب الموريتاني، ومن المؤكد أن الثاني والعشرين من يونيو 2019 هو "يوم تاريخي" بمعيارِ الحدث في فلسفة المؤرخين.
سوف نذكر بلحظة "الحظ الواعي"، إن صح التعبير، والتي تقول إن الرئيس ولد الشيخ الغزواني أول رئيس عربي وصل السلطة عبر مسلسل انتخابي لا استثنائية فيه، والميزة الأهم أن شعبه اختاره في انتخابات حرة وشفافة، وتم الاعتراف بشرعية الانتخابيةِ من قبل جميع منافسيه.
إن البعد الانتخابي لوصول ولد الشيخ الغزواني للسلطة يترك للدراسات السياسية ومحللي خرائط الانتخابات والمختصين فيها؛ كل وشأنه في تقييم الحدث، وإن كانت انتخابات الثاني والعشرين يونيو 2019 ستظلُّ أعلى القممِ في المرتفعات الانتخابية العربية النادرة، وأقوى حلقة في سلسلتنا الاقتراعية، التي كسرت نمطيةِ نسب الانتخابات العربية والأفريقية، وهبطت بها إلى علامات ترقيم انتخابية غير قابلة للجدلِ في نزاهة هذه الانتخاباتِ، بل العكس من ذلك أصبحت دليل نموذجيتها، وفق بيانات الاتحادِ الإفريقي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمرِ الإسلامي والاتحاد الأوروبي ومنظمة دول عدم الانحياز والأمم المتحدة.
الآن، وبهذه المناسبة السعيدةِ، دعونا نستخلصُ أهم المعطيات من هذا الحدث.
ثمة ثلاث خطاباتٍ أسست للثاني والعشرين يونيو المجيد.
الخطاب الأول هو "خطاب الترشح فاتح مارس 2019، كان خطاب الحسم الانتخابيِ بكل دلالاته الأبوية والأمومية الحضارية، رجل فصيح يدخلُ السقيفةَ بينَ مسندي الأم واللغة الأمِّ. لغة الشعب وقيم البرورِ، لقد كان خطاب تأشيرة دخل إلى قلوب الموريتانيين. لقد فرض ذلك الخطاب سقفا للمنازلةِ، لغة بليغة، حجة قوية، وأفكار واضحة.
"خطاب دكار"، في نوفمبر 2019، ففي هذا الخطاب التاريخي، كشف العضو الجديد في نادي رؤساء العالم والرجل الأقوى في منطقةِ الساحلِ، من خلال شرحه للطرح الأمني والمقاربة الأمنية الموريتانية، التي كان مهندسها بدون منازع، أنَّه لبلوغ استراتيجية ناجعة لرفع التحدي الأمني للمنطقة والقارة بصفة عامة، لا بدَّ من تغيير وظيفة الأقطاب والأطر التقليدية نحو منظومة فكرية وأمنية وتنموية استباقية للتحولات الفكرية والاجتماعية الكبرى.
"الخطاب المرجعي المحلي والدولي"، ونطلق هذا التعبير على أنساق خطابات الرئيس خلال الأحداث الوطنية والقمم واللقاءات الدولية والثنائية، التي واكبها الرئيس بخطاب رافد لتعزيز مرجعية الإصلاح، التضامن، التكامل. فقد بهر تماسك خطابات الرئيس ومداخلاتهُ المكتوبة والمرتجلة أنَّ الرجلُ يمثلُ "حكما استراتيجيا" قوامه التعبير الشهير "القوة الهادئة والحكيمة."
في لقاءاتهِ مع مواطنين وهيئات مدنية واجتماعية وشخصيات مرجعية وطنية وإقليمية ودولية، تمكن ولد الشيخ الغزواني وبكاريزما آسرة، من كسب الإعجاب بشخصيته وأفكارهِ حتى قال الرئيس السنغالي ماكي صال عبارته "إن شخصية الرئيس ولد الشيخ الغزواني تمثل بالنسبة لي اكتشافا".
فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الذي لم يكمل عامه الأول في دفة الحكم، لا يمكننا حصر إنجازاتهِ في عجالة، وهي إنجازات من عناوينها المركزية "تفعيل الديبلوماسية الحكيمة والمتوازنة والمبنية على مصالح موريتانيا مع الجميع.
فقد بادر الرئيس ولد الشيخ الغزواني إلى إصلاح الأعطاب الرئيسية في علاقاتنا مع الجيران، فهذه هي المرة الأولى في تاريخ الدولة الموريتانية التي يتم فيها تصفير المشاكل عبر التوافق وحسن العلاقات مع دول الجوار الأربع (الجزائر، السنغال، مالي، المغرب).
لقد تم تأصيل ذلك بحنكة تامة، فالرئيس أخذ يتتبع منظومة علاقاتنا الإقليمية والدولية بالإصلاح والتطوير وحقق الكثير في ظرف وجيز، فارضا دخول الرقم الموريتاني في كل معادلة دخولا غير كسريٍّ، حيث تعتبر رئاسته الحالية لمجموعة دول الساحل الخمس مبشرا للاستقرار في منطقة الساحل خصوصا وإفريقيا عموما.
كما تجلى الحضور الفعال لموريتانيا رئيسا وشعبا في كل المحافل الدولية المهمة.
وفضلا عن الاحتفاء الكبير بزيارة الرئيس ولد الشيخ الغزواني للسعودية والإمارات والسنغال ومالي، وما خلفته تلك الزيارات من إنجاز حقيقي في علاقتنا مع أهلنا العرب والأفارقة، فقد كانت لزيارة الرئيس لقوى عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، فرنسا، وبريطانيا دور هام في تحسين علاقاتنا بكافة الأقطاب المؤثرة في القرار التنموي والسياسي الدولي.
وذات السياق، كان من اللافت زيارة وفدي الكونجرس الأمريكي والخارجية الأمريكية شهر فبراير الماضي والتي صرح بعدها رئيس وفد الكونجرس الأمريكي ورئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الأمريكي السناتور الجمهوري جيم انووهوف "بأن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني شريك حقيقي للولايات المتحدة الأمريكية ويمكنه الاعتماد على أمريكا في كل ما فيه مصلحة البلدين.
كما أن زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون ورؤساء دول مجموعة دول الساحل مع المسؤولين الدوليين وشركاء التنمية، والمقررة 30 يونيو الجاري بعد أيام، وفي هذه الحقبة الزمنية الهامة من تاريخ البشرية، يوضح مدى نجاعة الدبلوماسية الرئاسية الجديدة.
خلال هذه الشهور، التي تم فيها استلام الحكم، وما يقتضيه ذلك من دراسة واطلاع على الملفات والأولويات، قام الرئيس بإعادة هيكلة الدولة مشاريع وخطط وبطريقة تكون الدولة دولة القانون في خدمة المواطن، و"الإدارة المواطنية" التي تنشد المواطن الموريتاني هدفا وغاية.
إنني، بهذه المناسبةِ السعيدةِ، أهنئ نفسي وأهنئ الشعب الموريتاني الذي أعتبره هو الفائز الأول بانتخابهِ لرئيس على قدر التحديات والطموحاتِ.
وفي الأخير أضم صوتي إلى الشخصية الوطنية والدولية الأمين العام المساعد للأمم المتحدة السابق، أحمدو ولد عبد الله بتسمية مطار نواكشوط الدولي باسم الرئيس المؤسس المختار ولد محمدن ولد داداه، وكذلك إعادة النشيد الوطني إلى قصيدة المجاهد العلامة المجدد باب ولد الشيخ سيديا بتلحينه الأصيل تلحين المرحوم الفنان الخالد سيداتي ولد آب، لنسترجع ذاكرتنا دون فزورة حزينة، مستوردةِ.
عاشت موريتانيا حرة مزدهرة،
والمجد لشعبنا العظيم.
الناشط السياسي،