تازيازت..أرقام و أحلام! | صحيفة السفير

تازيازت..أرقام و أحلام!

اثنين, 29/06/2020 - 11:43
سيدي محمد طالبنا -جيوفيزيائي /فرنسا

ما يلبث موضوع شركة تازيازت موريتانيا المحدودة TMLSA(TASIAST MAURITANIA LIMITED S.A) المملوكة لشركة Kinross الكندية، صاحبة رخصة استغلال ذهب منجم تازيازت في ولاية اينشري يخبو حتى يظهر من جديد.
تابعت أخيراً ما اثاره الاتفاق الجديد بين الشركة و الدولة الموريتانية الذي أعلن عنه وزير النفط و الطاقة السيد محمد عبد الفتاح، في 16 من يونيو 2020 ، عقب مفاوضات بدأت شهر يناير الماضي، بين الدولة الموريتانية ممثلة بقطاع المعادن و شركة Kinross Gold Coorporation و التي كانت علقت في عهد نظام محمد ولد عبد العزيز، نتيجة خلافات لم يفصح عنها. 
وكان استقبال الرئيس غزواني عقب تسلمه لمهامه بشهر واحد، لـ Paul Robinson الرئيس المدير التنفيذي لشركة Kinross أعاد فتح باب المفاوضات من جديد.
 ومن أهم بنود الاتفاق الجديد، الذي تعتبر الدولة انها سجلت فيه أهدافا لصالحها، بينما يعتبر كثيرون من أصحاب الشأن العام، أنه لا يقل استسلاما عن سابقيه :
- زيادة عائدات الدولة من 4 إلى 6.5٪ من المبيعات Royalty، وتظل النسبة حسب رأيي مجحفة جدا بحقنا.
- تسديد الشركة لـ 25 مليون دولار لخزينة الدولة، كتسوية لبعض الأمور التي لم توضح حسب رأيي.
- تسديد الدولة الموريتانية لمبلغ 45 مليون دولار أمريكي أي 16 مليار أوقية قديمة لصالح شركة تازيازت وهو المبلغ المتراكم من اقتطاعات ضريبة القيمة المضافة على المواد المعفية منها الشركة أصلا، والتي لم يتم تسديدها للشركة، وهو حسب رأيي سوء تسيير وفساد بيًن يتطلب فتح تحقيق عاجل و فعال و تنفيذ ما يترتب عليه من إجراءات.
- منح رخصة استغلال جديدة لمنجم تازيازت الجنوبي Setsa، وهو المذبوح عليه العجل كما يقول المثل، و يحتاج هذا البند للكثير من التوضيح و بالأرقام و خصوصا الجانب البيئي.

وبعد ما اثاره نشر الاتفاقية المذكورة من جدل لدى الرأي العام و خصوصا على منابر التواصل الإجتماعي و نشر حوله من تدوينات و تعليقات و لأهميته، و كونه قضية اهتمام عام أول، أحببت أن أسلط الضوء على بعض الحقائق و الأرقام المتعلقة بالشركة و تاريخ المنجم و استغلاله:

بدأ تاريخ استغلال ذهب  منجم تازيازت - و الذي تم اكتشافه بجهود وطنية بعد حملة استكشاف جيولوجية نفذها المكتب الموريتاني للبحث الجيولوجي OMRG في الفترة ما بين 1993 و 1997 ، باحتياطي قدر بـ 25 مليون أونصة ذهب- في 17 يونيو 2006 عقب اتفاق بين الدولة الموريتانية و شركة تازيازت موريتانيا المحدودة TMLSA المملوكة آنذاك لشركة RED BACK MINING الكندية و كان من أهم بنوده تحديد نسبة عائدات الدولة الموريتانية ب 4٪ من الأرباح، حيث صنف بكونه اسوء اتفاق في تاريخ استغلال الثروات المعدنية.
و في أكتوبر 2010 أشترت شركة KINROSS الكندية حقوق استغلال المنجم من RED BACK MINING بـ 7 مليارات و 100 مليون دولار أمريكي في أكبر صفقة في تاريخ الشركتين.
و أثار الرقم الكبير جدلا واسعا، دفع لاحقا هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية US SECURITY AND EXCHANGE COMISSION (SEC) لفتح تحقيق في أرقام تداولات الشركة و عمولات و رشاوي كبيرة تتعلق بمسؤولين ووسطاء موريتانيين مقربين من النظام المنصرف.
و حين باشرت Kinross إدارة TMLSA في نهاية 2010 كان الإنتاج انذاك  175 ألف أونصة ذهب سنويا ( 5 اطنان ذهب)، حيث وضعت سياسة طموحة تهدف لمضاعفة الإنتاج وتقليل التكلفة و هو ما نتج عنه زيادة مضطردة في الإنتاج مكنت من إنتاج 391 ألف أونصة ذهب (11طن ذهب) في العام المنصرم 2019 بمعدل 1155 أونصة ذهب يوميا. و هي الأرقام التي فاقت كل التوقعات، خصوصا مع تزايد الإقبال على شراء الذهب في الأسواق العالمية و ارتفاع أسعاره في السنوات الأخيرة.
و هنا تأتي التساؤالات المهمة والتي تعني كل الموريتانيين: أين نحن من كل هذا؟ وكيف أصبح الحلم وهما و سرابا؟ و كيف لا تنعكس العائدات و المداخيل إيجابا على الظروف العامة للمنطقة و ساكنتها و على الدولة ككل؟ وكيف نرضى أن نعطى الدنية في ثرواتنا الوطنية؟ وكيف للدولة ان تتهاون في محاسبة و متابعة الفساد البيًن لممثلي مصالحنا مع الشركة؟ والاخطر، تهاوننا وعدم مراعاتنا لمتابعة الجانب البيئي، لما تمثله مادة "السيانيد" المستخدمة في علاج الخامات من تأثير خطير ومباشر و طويل الأمد.
هذه أسئلة تطرح نفسها، وأرجو أن تلقى مسؤولا يلقي السمع و هو رشيد. 
يتبع...