"نحن في عالم ينشد الجمال ويستثمر في السياحة" جملة سمعتها كثيرا من صديقي المغربي "رفوش" تذكرتها اليوم؛ وأنا أدلف العاصمة من بوابتها الشرقية، بعد أيام قضيتها بضواحي مدينة ألاك.
حين أخذ السائق مكانه في الطابور؛ عند نقطة التفتيش، استغرقت مليا في التفكير والتساؤل؛ لماذا لا تتمتع عاصمتنا ببوابات عظيمة؛ مثل عواصم العالم اليوم؟! هل مازلنا نعيش عصر التخلف والبداوة؛ بعد ستين سنة على قيام الدولة؟
أحزمة العشوائيات وأكوام النفايات وجيف لدوابَّ نفقت على بعد أمتار من الطريق الطويل، هذا المشهد يتكرر كلما خَلَّفتَ العاصمةَ أو استقبلتكَ، ومن أي جهة من جهاتها الثلاث.
لا تستغـرب أبدا؛ لو دخلت العاصمة ووجدت نفسك تذرع شوارعها دون ممهدات.. فلا شيء يميز مداخلها من فن معماري أو هندسي؛ عصري أو أصيل...
و رغم أن العاصمة تطل على الماء و تتنفس المحيط الأطلسي، لكن لم تبذل جهود من قَبل لاستغلال هذا الموقع الفريد؛ الذي تحلم به عواصم كثيرة، لم تنصفها الجغرافيا.
لا فنادق ولا منتجعات أو مقاهي ولا ممر مسفلتا أو منارة تهدي السفن الكبيرة أو أفلاك صيادي أسماك السطح... لا جَمال إذن على هذا الشاطئ، رغم مالَه _إنْ حسُن استغلاله_ من عوائد اقتصادية كبيرة.
إن جمال المدن و تزيين منظرها؛ يجعلها قِبلة و وجهة للسياحة، وأوْلى ما يجب إبرازه وتلميعه هي البوابات والمواني؛ التي هي المضيف الأول لزائري وضيوف البلاد وشَكْلُ هذه البوابات يُملي انطباعهم الأول، أَكان وجهُ نواكشوط جميلا مستقبِلا، أم كان عبوسا طاردا للزائرين.
في كثير من دول العالم، تُستوحى تصاميم مداخل العواصم؛ من تراث تلك البلدان، وتضاء بشكل جذاب، تعززه لافتات تطرز بخط واضح وأنيق؛ يشير للاتجاهات والأماكن الحيوية و المعالم السياحية بالمدينة.
عند عرض درجات الحرارة للعواصم و المدن في النشرة الجوية؛ يُعَبر عن هذه المدن بمعالمها الشهيرة، والتي لا تخلو من جمال و إبداع، إلا أن العاصمة انواكشوط تبقى يتيمة من مَعلم وطني _ولو مجسما_ يميزها، إلا دوارا تسبح به دلافين متعبة، وإبريق على صينية بدوار آخر...
-----------
محمد سيدنا عمر