دعا حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب إلى وحدة صف ثقافية عربية لضمان فوز عربي مشرف برئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو).
وأكد، في بيان وزعته الأمانة العامة للاتحاد اليوم، تقديرَه الشخصي وتقدير الاتحاد لكل المرشحين العرب، لافتًا إلى أن الدعوة للتوافق على مرشح واحد ضرورة لا مفر منها لحفظ صورتنا أمام أنفسنا قبل العالم كأمة عربية واحدة.
وفيما يلي نصّ البيان:
"طالما رددنا –أقصد الشعراء والأدباء والفنانين العرب– أن الثقافة هي الجسر الوحيد نحو وحدة عربية، وأنها هي المظلة التي يجب أن يلتقي تحتها العربُ من الماء إلى الماء عندما تضيق بهم مظلات الاقتصاد والسياسة.
ولكننا مع مرور الوقت، اكتشفنا أننا نتحدث عن الثقافة بإفراط شديد في حسن النية، أو أننا –من دون وعي منَّا- أسقطنا حُلمَنا وسحبناه على المجتمعات العربية كافة ظنًّا منَّا أنها تشاركنا الحلم أو تشعر به بطريقتنا نفسها، وهو أمر بدا غير صحيح.
ومع الممارسة، علمتنا التجارب أن للثقافة العربية عدة وجوه، أبرزها الوجه الذي ترسمه أحلامُ النخبة، والوجه المجتمعي الذي يمكن التقاط ملامحه من خلال جمع القواسم المشتركة بين المجتمعات، ثم الوجه الرسمي الذي لا يعدو أن يكون وجهًا آخر للسياسة.
لا بأس في تعدد الوجوه، إنما البأس في أن يكون التعدد دليلَ تصارع. الأصل في الثقافة هو التعدد المترابط، بمعنى أن لا يطغى وجه على آخر بهدف أن يمحوه، إنما أن تتحاور الوجوه جميعها، حتى لو تصارعت في مساحات محددة، ويبقى صمام الأمان أنها –جميعها- جاهزة للاصطفاف معًا في وجه أي خطر يهدد أحدها أو مجموعها.
فهل نمتلك هذا الصمام؟
لدينا الآن فرصة مذهلة لاختبار هذا الصمام، لنثبت لأنفسنا أولًا، وللعالم بعد ذلك، أن الثقافة بالفعل هي غِراء الجسد العربي الكبير، وأن هذا التعدد المذهل إنما هو جسد واحد كبير تسري في عروقه ثقافة واحدة متعددة المشارب والأصول والتوجهات، وليس أبدًا مجرد كيانات متجاورة.
لدينا الفرصة لنثبت أن الثقافة بالفعل هي روح هذا الجسد، روح متعددة، فسيفساؤها إبداع وليس تشرذمًا، لنثبت أن الثقافة هي النسغ الذي يسري في عروق هذا الكيان الهائل، نسغ حار متنوع الأصول والمشارب ومتجاوز للحضارات والتصنيفات.
ماذا تقول عناوين الأخبار عن استعداد العرب للمنافسة على رئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)؟ تقول:
- بدأت معركة التنافس، بين أربعة مرشحين عرب.
- العرب يُفتتون أصواتهم لصالح الآخرين.
- رهانات عربية في سباق اليونسكو (وليس رهانًا عربيًا واحدًا)
- صراع عربي/ عربي يُصعّب مهمة العرب لرئاسة “اليونسكو“
- الصراع على اليونسكو ينشر الغسيل العربي!
ليس من داعٍ للاستطراد، فلن تخلو صحيفة من تعريض بالأمر، والسؤال: هل يدرك العرب -والحديث هنا لأصحاب القرار السياسي قبل الثقافي- أن هذا التصارع يُفقدهم فرصتَهم الأخيرة للحديث مع العالم باعتبارهم كيانًا واحدًا؟
نُكنّ كامل الاحترام والتقدير لكل اسم تم ترشيحه، ولكل دولة بادرت نحو ترشيح أحد أبنائها أو إحدى بناتها، واثقين في صدق النيات ورقي الأهداف، ولسنا هنا في معرض تفضيل أو تقويم للمرشحين –أشخاصًا أو دولًا- وأبدًا لا يجوز أن نتحدث بهذا المنطق، لكن الأصل أن تكون أهدافنا مشتركة وأحلامنا واحدة، على الأقل في الثقافة، ولا يمكن للثقافة ان تغير طالما وضعت نفسها في موضع الحياد واللارأي واللافعل..
ثمة توجه دولي يمكن رصده، على أن هذه الدورة هي "دورة العرب"، فإذا كان موقف المجتمع الدولي كذلك، فهل يليق بنا نحن أن نفعل العكس؟ هل يخسر العربُ موقعهم في اليونسكو في "سنة العرب"؟ نرجو أن لا يحدث ذلك، فالتاريخ لن يرحم من يشارك في هذه السُبّة بالقول او حتى بالصمت.
إننا، باسم الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ندعو أصحاب القرار السياسي في البلدان التي قررت الترشح باسم العرب على رئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، أن يُعيدوا النظر في الأمر متشبثين بروح الفريق العربي الواحد.
وندعوهم إلى عقد اجتماع عاجل تحت مظلة جامعة الدول العربية أو المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليكسو) للتوافق على مرشح عربي واحد نصطف جميعًا من خلفه، فالصالح العربي يقتضي ذلك، الآن وبشدة، حتى لا تسقط الثقافة، فأملنا أنها الورقة الأخيرة التي تستر الجسد العربي الواحد."
حبيب الصايغ
الأمين العام
للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب
صدر في أبو ظبي: 22/ 8/ 2016.