لم تبخل الجزيرة جهدا لمساعدة ماكرون في الخروج من ورطته و التخفيف من عزلته في العالم الإسلامي الثائر ضده. لقد استجابت بسرعة لدعوته، و روجت لخطابه بانتقاء أكثر كلماته مرونة وليونة وسهولة ونعومة لاستعطاف المسلمين وجبر خواطرهم ولفت انتابهم عن جهل الرجل وتعنته. لقد منحته شاشتها ومساحة معتبرة من وقتها ليتحدث للعرب والمسلمين بما يريد وعما يريد وكيفما يريد دون إحراج ولا محاججة ولا مجادلة. كنت أنتظر سؤالا واحدا، وهو: سيادة الرئيس، هل ترون لحرية التعبير حدودا، أم ترونها مطلقة؟ و إن كانت لها حدود، فما هي تلك الحدود، يا فخامة الرئيس؟
شعوري أن مقابلة ماكرون من شأنها أن تزيد الطينة بلة، و تزيد فرنسا و رئيسها عزلة في العالم الإسلامي. لو كان له مثقال ذرة من عقل لأدرك أن الأنبياء يختلفون عن القادة والزعماء السياسيين، ولا مجال لمقارنة كاريكاتير هؤلاء بكاريكاتير أولئك.. لو كان له عقل لما ظهر بمظهر الحريص على رعاية الدين الإسلامي وتعريف المسلمين بما ينبغي أن يكون عليه دينهم بحديثه عن "الإسلام الصحيح" و"الإسلام المتشدد".. إلخ.. لو كان له عقل لما تحدث عن الرؤساء السابقين وعن ترجمة القرآن والسوربون.. حتى لا يقول له الناس: إنك أسوأ خلف لؤلئك الرؤساء الكبار.
أرادت الجزيرة مساعدة ماكرون.. فأساءت لنفسها ولم تنفعه.
_______________________
من صفحة رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات: محمد فال ولد بلال