بعد عام من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يتساءل الكثير من المراقبين عن أسباب الغموض الذي يلف الخطاب السياسي للنظام ، وما فيه من تناقض في الظاهر.
وصل الرئيس محمد ولد الغزواني السلطة بخطاب سياسي مبني على استمرار نهج الحكم السابق في التخطيط والقيادة، وكذا المرجعية السياسية.
لم يستمر التوجه كثيرا بعد انتخاب محمد ولد الغزواني رئيسا للبلاد. فكان خلاف المرجعية السياسية القشة التي قصمت ظهر البعير، فبرز خطاب حاد تجاه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز تصدره النائب السابق الخليل ولد الطيب، وبدعم وتوجيه، حسب البعض- من السلطة.
دخل الرئيس مباشرة في مواجهة مع صديق دربه، فبدأ نوابه الاندماج في اللجنة البرلمانية للتحقيق في تسيير العشرية الماضية.
هذه اللجنة تأسست نواتها من نواب في أحزاب المعارضة التقليدية وكانت محل تحفظ من زملائهم في الأغلبية، قبل أن يتصدر الحزب الحاكم الجماعة المؤسسة لها.
بعد أزمة المرجعية و ما تبعها من أحداث توجت بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في بعض ملفات العشرية. قرر النظام اعتماد خطاب جديد مغاير للخطاب الماضي الذي عبر من خلاله الانتخابات الرئاسية.
الخطاب الجديد كانت أبرز معالمه محاربة الفساد والقطيعة مع نظام العشرية الماضية ( شخوصا و تسييرا).
بدأت قاطرة الأحداث تسير بوتيرة سريعة حيث تم التحقيق مع عشرات المسؤولين خلال فترة حكم ولد عبد العزيز ، كما تمت مصادرة الكثير من أموال الأخير. وجمدت الكثير من الحسابات المتعلقة به وعائلته وبعض وزرائه.
من جهة أخرى قام النظام بإعفاء بعض الوزراء والمسؤولين المحسوبين على النظام السابق من مهامهم.
غير أن هذا الخطاب السياسي ورغم ما لقي من ترحيب في الأوساط السياسية وأصحاب الرأي و أغلبية المواطنين، إلا أن ما واكبه من ارتباك، ضرب مصداقيته وخلخل الثقة في نتائجه.
إذ يتساءل الكثيرون، كيف نصف عشرية بالفساد، في الوقت الذي يتم انتقاء المسؤولين عنها لتسيير الشأن العام؟ وكيف نفسر التناقض البين بين تبرير الوزير الأمين العام لإقالة الحكومة باحترام نتائج التقرير البرلماني، وإعطاء الفرصة للمشمولين للدفاع عن أنفسهم، وتعيين آخرين في نفس الوضعية، والإبقاء على بعضهم في مناصب سامية رغم ما طبع مسيرتهم من شوائب تعلقت بالماضي التسييري السيء لكثير من الأشخاص الذين وقع عليهم اختيار الرئيس لتولي مناصب سامية. إضافة إلى تمسكه بأكثر رموز العشرية الماضية جدلا و كرها في أوساط المواطنين؟؟
هذا إضافة إلى المنحى الذي طبع التحقيقات والذي أصبح الجميع يشك في نزاهتها، وعدم بعدها عن تصفية الحسابات السياسية خاصة مع الرئيس السابق ومحيطه العائلي.
إن هذا الانفصام السياسي، و ما واكبه من ممارسات على أرض الواقع، جعل المراقب يتساءل عن أسبابه أو الإكراهات التي أدت إليه، خاصة في ظل صمت أصحاب القصر وبعدهم عن الواجهة الإعلامية للأحداث؟.
يختلف الكثير من المتابعين في تشخيص الوضعية السياسية للبلاد في ظل العهد الحالي، فمنهم من يرى أن الأمر مجرد سحابة صيف، ونتيجة حتمية لمخاض التحول السياسي للحكم.
بينما يضعها البعض الآخر في إطار صراع الأجنحة داخل دائرة صنع القرار. الأمر الذي أثر على تسيير الأحداث بشكل جعلها تظهر وكأن هناك تناقضا في القرار أو ارتباكا في تسيير الملفات.
نقلا عن موقع المستقبل