جدل صاخب أثاره كلام الأمين العام الأسبق للجامعة العربية عمرو موسى عن واقعة صدامه مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
فبعد نفي وزير الخارجية العراقي الأسبق ناجي صبري الواقعة وتكذيبها على الملأ أصدر الصحفي خالد أبو بكر، محرر مذكرات عمرو موسى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، بيانا مصحوبا بتسجيل صوتي، للرد على ما ذكره وزير خارجية العراق الأسبق ناجي صبري، في بيان نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”، وكذلك في مقابلة له مع “قناة العربية” زعم فيها عدم صحة ما جاء في مذكرات موسى الصادرة أخيرا عن دار الشروق في كتاب “سنوات الجامعة العربية” بشأن بمقابلة موسى بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين في بغداد بتاريخ 19 مارس 2002.
بيان أبو بكر جاء فيه “تم توثيق رواية عمرو موسى في كتابه بواسطة شهادة مسجلة صوتيا عام 2016 في مقابلة أجراها أبو بكر مع الأمين العام المساعد الراحل لجامعة الدول العربية الدبلوماسي الجزائري المرموق أحمد بن حلي، وهو التسجيل الذي يؤكد تطرق لقاء موسى وصدام إلى مسألة المفتشين الدوليين، ويروي التفاصيل من واقع محضر اجتماع رسمي موجود لدى الجامعة ما ورد في كتاب السيد عمرو موسى “سنوات الجامعة العربية” أو المقتطفات التي نشرت منه في صحيفتي “الشرق الأوسط” اللندنية و”الشروق” المصرية، بشأن هذه المقابلة اعتمد على محضر الاجتماع الرسمي الموجود لدى جامعة الدول العربية، والذي أعطاني صورة منه السيد/ السفير أحمد بن حلي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية في سنة 2016، قبل أن يلقى ربه بعام.
اعتمد كذلك على شهادة حصلت عليها من السفير أحمد بن حلي – بصفتي محررا لمذكرات السيد عمرو موسى – مسجلة بصوته، وصف فيها أجواء المقابلة واللهجة التي تحدث بها الأمين العام مع الرئيس العراقي وبعض التفاصيل الأخرى التي لم ترد في محضر الجلسة. وقد نشرنا الشهادة بنصها كاملا في الكتاب، ونشرنا مقتطفات منها في صحيفتي “الشرق الاوسط” و”الشروق المصرية”.
وأكد البيان أن كلام الوزير يفتقد للصدق والدقة، مشيرا إلى أن النص الحرفي لمحضر الاجتماع المنشور ضمن ملاحق الكتاب بين صفحتي 535 و546 يؤكد أن الحديث عن عودة المفتشين استغرق وقتا طويلا من اللقاء.
وجاء في البيان: “وهو ما يتطابق مع شهادة السفير بن حلي المرفقة بهذا البيان. ونكتفي هنا بذكر ما ورد في الصفحة الأخيرة من المحضر، والتي تسرد خلاصة ما انتهى إليه اللقاء، إذ جاء فيه:
لقد أكد الرئيس صدام حسين للأمين العام للجامعة معالى السيد عمرو موسى فى ضوء الحوار الأخوى، وتقديرا للجامعة وأمينها العام موافقة سيادته على: تكليف الأمين العام بالتباحث مع السكرتير العام للأمم المتحدة السيد كوفى أنان حول قضية عودة المفتشين الدوليين عن أسلحة الدمار الشامل إلى العراق. كما يكلف الرئيس العراقى السيد الأمين العام للجامعة أيضا بالاتصال مع رئيس لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش UNMOVI السيد هانز بليكس Hans Blix بغية إيجاد صيغة للحوار بينه وبين العراق.
ويقول الوزير ناجي صبري في بيانه: “تقول المذكرات إن السيد الرئيس قد وافق على عودة المفتشين وفوّض السيد عمرو موسى التحدث باسم العراق؟ هل ثمة دولة في العالم، حتى تلك التي لا يزيد سكانها على سكان حي من أحياء بغداد، تفوّضُ شخصاً من غير مواطنيها ولا يقيم فيها ولا يحتل وظيفة رسمية لديها بتمثيلها في العلاقات مع دول ومنظمات دولية؟
وفي هذا فإن ما ينطق به محضر الاجتماع يكذب ادعاء السيد ناجي صبري، فقد ورد في المحضر الرسمي (ص 544 من الكتاب) على لسان الرئيس صدام حسين مخاطبا السيد عمرو موسى بما يلي:
“الرئيس صدام: أنت مخول بإبلاغ كوفي أنان بأن العراق مستعد لاستئناف الحوار معه في حالة توجيه الدعوة إلى العراق على أساس المرجعية التي عملت بها اللجنة الخاصة، ووفق جدول أعمال مفتوح بدون شروط.”
وتساءل البيان الصادر بإيعاز من عمرو موسى: كيف ينسى السيد ناجي صبري كل ذلك؟ وكيف يمكن مع كل هذا النشاط الخاص بعودة المفتشين ألا يكون موضوعا رئيسيا في حديث الأمين العام مع الرئيس العراقي الاسبق.
وفي النهاية يود الأمين العام أن يؤكد ألا معركة له مع من يدافعون عن زعمائهم أو يؤكدون ولاءهم لفكرة أو شخص، حتى لو اختلف معهم بالنسبة لجوهر الفكرة أو مواقف الشخص، وهذا شيء يحييهم الأمين العام عليه، ولكن كان يرجو ألا يؤدي بهم ذلك إلى إنكار أحداث أو تطورات جرت أو أمور تقررت بناء عليها.
الأسف
من جهته قال د.حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إنه تابع الجدل الدائر حول الجزء الثاني من مذكرات عمرو موسى،مشيرا إلى أنه يشعر بالأسف تجاه هذه النزعة النرجسية المبالغة في تضخيم الذات التي تتملك عمرو موسى وتلقي بظلالها على مصداقية مذكرات مطلوبة كان يمكن أن تكون مرجعا هاما للباحثين والمؤرخين لو أنها تحلت بقدر اكبر من الدقة والموضوعية.
وأردف نافعة قائلا: “خسارة!!”
شخصية صدّام
مصدر دبلوماسي عربي استبعد رواية موسى ،مؤكدا ل”رأي اليوم” أن شخصية صدام القوية ما كانت لتسمح لأحد كائنا من كان مجرد أن يرفع صوته في حضرته كما أن شخصية عمرو الحذرة لا تنسجم مع الرواية.
وأنهى متسائلا: “وما الهدف اصلا من الرواية؟”.
انتصارات وهمية!!
برأي البعض فإن المفروض أن تكون المذكرات لحظة صدق تعبر عن ضمير الشخص ، يعترف فيها بلحظات ضعفه او قوته ،مشيرا إلى أن عمرو موسى يصنع لنفسه انتصارات وهمية هو ابعد ما يكون عنها.
__________
نقلا عن: “رأي اليوم”