الوزراء الحقيقيون تبخروا من حياتنا السياسية من زمان، اختفى الوزير الواثق من معرفته بحيثيات قطاعه،المطلع على نواحي صلاحياته التي منحها له الدستور لكونه عضوا فى الجهاز التنفيذي للدولة.
•••
منذ خمسة عشر عاما لم أعد أكلف نفسي عناء حفظ وجوه ولا أسماء الوزراء والوزارات،لسبب بسيط
فالوزراء عندنا يرحلون مبكرا عن مناصبهم،تماما كما يرحل صغار الريف الموريتاني المولودون خارج نطاق التغطية الصحية وفى ظروف لا يمكن أن يعيش فيها كائن حي .
نعم يتغير الوزير قبل أن يتاح له تطبيق رؤيته للقطاع،ويتغير اسم الوزارة وتتغير مع ذلك آلاف رأسيات للوثائق ،وينتعش جيب مقاول صغير يُعهد له بتغيير عشرات واجهات المباني الإدارية التابعة للوزارة القديمة الجديدة.
•••
لم يعد الوزير ذلك المسؤول السامي الذي يظهر فجأة فى مجلس؛ فتتغير مصائر جلسائه؛أصبح شخصا غائر العينين،شاحب الوجه وهائم الخطوات ،يمضي نصف يوم عمله مشغولا فى استقبال قطيع قبلي هجر مضارب العشيرة تحت وطأة التصحر الجيبي واضطراب المناخ؛ يواجهونه بسيل طلبات سرمدي،يتنوع بين تثبيت هوائي اتصالات وصولا لذراع طريق معبد يفك عنهم حصار العزلة ويجعلهم من أهل اليوم .
•••
يصاب كل وزير فى حكومتنا بدوار خفيف قبيل الأصيل،فكل طاقته الوزارية المستمدة من فطور ملكي تختفي تحت جحافل الريفيين أولئك المستعجلين دائما. يغالبهم الشوق للحمى وترك العاصمة الرطبة البعيدة.
يتناول غدائه ويشرب نصف لتر من شاي ميكانيكي براده الأول له نفس طعم البراد العشرين.
•••
يعود للبيت رفات وزير وطيف مسؤول،يستريح لبرهة ثم يتابع نشرة الثامنة بوفاء قل نظيره
ثم يبدأ فى استقبال حكماء القبيلة وأساطين التوريد ومحللي الشأن الخاص والعام .
_________________________
من صفحة الصحفي: أقريني أمينوه