تعيش بين نارين؛ مجتمع ينظر إليها بدونية ويراها مثيرة للشفقة، ورجال يسعى كثير منهم وراء زواج أسهل (توفير دخل وزوجة بأقل التكاليف) تلك صورة من المعاناة القاسية التي تعيشها النساء المعاقات في رحلة البحث عن شريك العمر، داخل مجتمع ينظر لهن بشكل عام نظرة دونية.
إن انتشار ظاهرة العنوسة بين الموريتانيات ينعكس طردا على فرص المعاقات منهن في الظفر بأزواج، ما يجعل من عنوسة المعاقة قضية ينبغي تسليط الضوء عليها.
في التحقيق التحليلي التالي نطرح قضية منسية تناقش موضوع "عنوسة المرأة المعاقة" الأسباب والحلول.
المعاناة المنسية
(هند) معاقة ـ بصرياـ توحي قسمات وجهها بأنها امرأة متقدمة في الســن، رغم أنها في نهاية عقدها الرابع، تعلو تقاسيم وجهها علامات اليأس والحسرة، وهي تندب حظها العاثر في الحصول على زوج، وتكاد تضيع عليها فرصة العمر في إنجاب طفل يشاركها أعباء الحياة ويكون لها سندا عندما تشيخ.
تلك صورة من عشرات الصور الحزينة لواقع منسي عنوانه المرأة المعاقة العانس.
في منتصف الأربعينات؛ صورة أخرى لـ (مريم) معوقة ـحركياـ تغالب حزنا دفينا، بالمرح والمزاح والضحك، تقول مريم لقد عشت تجربة الزواج مرتين وأنجبت طفلا ملأ حياتي سعادة وحبورا وأنساني جزءا كبيرا من صعوبات الواقع؛ ولكنه فاجأني ذات يوم بسؤال بريئ على خلفية حديث دار بينه وبين أصحابه في المدرسة "ماما حك انتي زحافة" ماما هل أنت مقعدة؟؟
قلت له نعم؛ ولكن لا يحزنك ذلك يا بني؛ فلا ينقص أمك شيء وهي كباقي النساء بل أفضل من كثيرات منهن؛ فقد تغلبت على إعاقتي ـ التي عيرك بها الأطفال ـ وتخرجت من المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء وأعمل في وظيفة محترمة.
ترى "مريم" أن سبب عنوسة المرأة المعاقة هو النظرة الدونية من طرف المجتمع؛ فهو حـَكَمَ عليها بأنها لا تصلح لبناء الأسرة، ولا ينبغي أن يتزوجها إلا معاق. كما أن أهلها لا يميلون أحيانا لتتزوج ابنتهم؛ إذ يعتبرونها مريضة لا طاقة لها على احتمال الأعباء الاجتماعية.
وبنبرة يسودها التحدي تضيف مريم أن المرأة المعاقة ليست سلعة، ولا ينبغي أن تبقى رهينة نظرة سوداء متخلفة ترى أنها لا يصلح للزواج بها إلا معاق، والحال أن العكس هو الصحيح حيث أنها تبحث عن رجل سليم يكملها ويساعدها على تحمل أعباء الحياة.
في لقطة طريفة ومعبرة؛ أكدت في حديثها أن الكثير من الرجال لا يقبلون الزواج بالمرأة المعاقة إلا إذا قدمت بعض الحوافز المادية كتوفير الراتب والسكن.
آمنة بنت المختار؛ أيضا تتحدى الإعاقة الحركية في صورة لا فتة حيث أكملت دراستها وحصلت على دبلوم من المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء وتعمل ـ حالياـ في الوزارة الأولى وترأس جمعية تكتل النساء المعاقات (يضم:43 جمعية ) إنها شخصية نسائية معروفة للرأي العام من خلال خرجاتها الإعلامية، فما فتئت تحمل هموم المرأة المعاقة وتبدو على ملامح وجهها علامات الصرامة والذكاء والاجتهاد من أجل تحقيق طموحات بعيدة لهذه الشريحة التي ظلت منسية إلى عهد قريب.
تحدثت إلينا بإسهاب عن أسباب عنوسة المرأة المعاقة مؤكدة أن دور المجتمع السلبي هو السبب الرئيس في العنوسة؛ لأنه يقلل من قيمة المرأة المعاقة ويعتبرها غير صالحة للزواج وتحمل مسؤوليات الأسرة، كما أنه يقلل من قيمة أي رجل يتزوج معاقة، بل ويصل الأمر إلى نعت أهله ومحيطه بالدونية، وأحيانا لا يسلم من انتقاد أصدقائه له.
من الغريب بالنسبة لآمنة أن المجتمع الموريتاني ما زال يعتبر المرأة المعاقة إنسانة ضعيفة ويعمل على إخفائها عن عيون الناس.
لقد كانت آمنة تتحدث إلينا بنبرة يملؤها التحدي والأمل بالأفضل في قادم الأيام.
في سبيل التخفيف من هذه الظاهرة، قدمت مقترحات شملت ما تقوم به الجمعية من تحسيس للنساء المعاقات لتخطي نظرة المجتمع الدونية لهن، وبناء شخصية قوية والاعتماد على أنفسهن مع الاهتمام بالعمل والدارسة.
وحثت النساء المعاقات بالبحث عن شريك الحياة على أسس غير مادية، وسعيا لمساهمة الحكومة للتخفيف من هذه الظاهرة طالبت آمنة بإنشاء صندوق من طرف وزارة المرأة والشؤون الاجتماعية مخصص لهذه الفئة من النساء، يمول لهن مشاريع مدرة للدخل ويقدم حوافز مادية للرجال، بهدف الحد من العنوسة في هذه الشريحة على شكل إعانات تتمثل في العون المادي، بناء سكن، علاوات للأطفال، علاج مجاني للحامل أو المريضة.
الإعاقة..طاقة كاملة
كانت مفارقة غريبة عندما تحدثنا لبعض الرجال الذين أقروا ظلم المجتمع للمرأة المعاقة ومساهمته الكبيرة في عنوستها، مؤكدين أنهم لايجدون حرجا للزواج من المرأة المعاقة لأنها تمتلك قدرات فائقة حباها الله بها.
يقول محمد سالم ولد الطيب (طالب جامعي) إنه يقبل الزواج من امرأة معاقة؛ لأن المعاقين بشكل عام يمتلكون قدرات فائقة، معتبرا أن ما يعيقهم هو المجتمع، الذي لم يحفظ لهم حقهم في العيش في منأى عن النظرة الدونية التي يرمقهم بها، ولاحظ أن الإعلام له تأثير سلبي كبير في عزوف الرجال عن الزواج بالمرأة المعاقة، لأنه لا يقدم إلا الصورة الكاملة للمرأة، إذ تسيطر الممثلات و نجمات الإعلام على المساحة التي تظهر فيها النساء، دون أن يُبرز مزايا وتجارب ناجحة للنساء المعاقات.
طالبٌ آخر هو عبد الرحمن؛ لا يرى حرجا في الزواج بمعاقة، ويبرر رأيه بأن "التواصل" هو الأساس المتين للزواج الناجح، كما أن التطور التقني المعاصر أسهم كثيرا في تذليل الصعاب أمام هذه الفئة.
في اتجاه معاكس لا يوافق الأستاذ محمد محمود ولد أباه على الزواج من المعاقة، لأنه يرى أن الحياة اليوم تحتاج امرأة نشطة تستطيع مساعدة الزوج وتربية الأبناء وتحمل المسؤوليات، وأبدى تخوفه من العامل الوراثي الذي قال إن الأطباء يرون أن له تأثيرا كبيرا على الأولاد بالمستقبل، وأن معظمهم لاينصح الرجل السليم بالزواج من المرأة المعاقة.
رأيٌ آخر أبداه امبارك ولد شيخنا؛ طالبٌ بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، وهو أن من يريد ثواب الآخرة عليه أن يسعى لذلك بإدخال السرور على قلب امرأة معاقة بالزواج والإنجاب منها.
الناس سواسية..
لغط كثير يدور منذ بعض الوقت حول أسباب انتشار ظاهرة العنوسة بشكل عام في المجتمع، وفي غمرة الحديث حول من يتحمل المسؤولية، واستجلاء للموضوع من زاوية شرعية أفادنا الدكتور الشيخ الإمام ولد الزين، الأمين العام لمنتدى علماء موريتانيا وأفريقيا بأن أسباب انتشار العنوسة في المجتمع يرجع بالأساس إلى التحول الحضاري من البيئة التقليدية إلى متطلبات الحضر؛ حيث كان الزواج ميسورا وفي سن محدد نظرا لسهولة وسائل العيش والإنتاج، فقد كان الرجل يتزوج قبل بلوغه العشرين والمرأة مبكرا.
أما في أيام الناس هذه؛ فقد تغيرت الأوليات وأصبح الرجل يتزوج في سن متأخرة نظرا لانتظاره إكمال الدراسة، والبحث عن الشغل والمال، كما أصبحت الفتاة تنتظر أيضا الحصول على مؤهلات علمية وترسم لفارس الأحلام صورة وتظل في انتظاره.
تلك الأسباب تتقاسمها المجتمعات المعاصرة ولكن ينفرد المجتمع الموريتاني ـ رغم حداثة النشأة ـ بتحكم مزيج من العقليات والعادات أسهمت في جعل الزواج صعبا (غلاء المهور والبذخ الفاحش...)
فضيلة الإمام أكد أن جميع الناس سواسية بما فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة في الحقوق والواجبات.
مظاهر خادعة..مدمرة
الزواج يخضع للأعراف، والأسرة تحتاج تفاهما ومحيطا سليما ونظرة تقدير واحترام من كلا الزوجين، حول رأي علم الاجتماع في عنوسة المرأة المعاقة وأسس الزواج الناجح؛ حملنا تساؤلاتنا إلى الدكتور الداه ولد آدبه أخصائي في علم النفس الاجتماعي فكانت ردوده على النحو التالي:
إن النظرة الدونية للمعوقين بشكل عام والمرأة بشكل خاص ترجع إلى أن المجتمع يرى أن دور المرأة ينحصر في الإنجاب، كما أن مجتمعنا يهتم بالمظهر الخارجي للمرأة أكثر من الجوهر، والمرأة المعاقة يصعب عليها الإنجاب وتربية الأبناء وتؤثر إعاقتها البدنية على أدائها، كما أن نظرة المجتمع المادية لا تقيم وزنا للجوهر.
وبين ولد آدبه أن أسس الزواج النجاح هي التي لا تنبني على الماديات، بل على الخصال الجوهرية في الشريك؛ وتتلخص في التفاهم والتضحية المستمرة والدين والمروءة.
الدكتور؛ أوضح في جوابه أن الإعاقة البدنية تتفاوت من امرأة إلى أخرى، وهنالك محفزات بالزواج من المرأة المعاقة تتمثل في المكانة الاجتماعية، والمستوى المادي والمعرفي وحظها من الجمال، وبالتأكيد يؤثر فقدانها أو بعضها على فرص سرعة زواج المرأة المعاقة.
وختم ولد آدبه كلامه بالقول: إن المرأة المعاقة تفيض حنانا ورقة، وهي تحتاج لبناء أسرة، ونصحها أولا بأن تتقبل نفسها كما هي، كما أن عليها الاختيار السليم للطرف الثاني، والإقامة بالقرب من أهلها ليقدموا لها العون والمساعدة ، مضيفا أن الدراسات تؤكد أن الزواج أكثر نجاحا بين المعاقين نظرا لمراعاة كل منهما لظروف الآخر وتفهمه لوضعية إعـاقـته.
ودعا الدولة إلى إنشاء صندوق خاص يساعد على زواج المرأة المعاقة وتوظيفها وإتاحة فرص العمل المناسبة لها، كما على وسائل الإعلام تسليط الضوء على قصص لربات بيوت لم تمنعهن الإعاقة من بناء أسر ناجحة.
رحلة البحث عن الإدارة
كانت رحلة شاقة؛ تلك التي بدأنا فيها البحث عن إدارة شؤون المعوقين، فقد وجهتنا الوزارة المعنية إلى الإدارة التي تقع بمنطقة قرب سوق عثمانٍ، بحثنا طويلا ضمن رحلة التّـيه تلك لنسجل في النهاية مفاجأة كبيرة!!
بعد رحلة بحث مضنية في تلك المنطقة، عثرنا بشق الأنفس على تلك الإدارة الملاصقة لسوق الأثاث والأفرشة المعروف "بسوق عثمان" لـم تكن تحـمـلُ لا فتة إدارية تميزها عن المخازن والمحلات التجارية، ومن المفارقة الغريبة أن هذه الإدارة المخصصة للمعاقين، لا توجد بها ممرات ممهدة سلسلة تمكن ذوي الإعاقة الحركية من مراجعتها، ولجنا الإدارة وكان لنا لقاء مع المدير العام"على حيدرة إسحاق" الذي استهل الحديث بأنه لا توجد إحصائيات حديثة رسمية للمعاقين، مضيفا أن آخر إحصاء لهم أجري سنة 2013 وحدد عددهم بـ 43 ألف معاق، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تقدر في دراساتها أن نسبة المعاقين تمثل نسبة 6ـ7 من مجموع السكان في معظم بلدان العالم، ونوه المدير بأن الحقوق الأساسية للمعاقة هي الصحة وتعزيز الوقاية من الأمراض وإعادة التأهيل وتعزيز المهارات والدعم الشخصي، وما دامت هذه الحقوق يسجل فيها بعض النقص فإن إثارة موضوع "عنوسة المرأة المعاقة" يبقى من ترف القول.
وبخصوص موضوع عنوسة المرأة المعاقة، أكد المدير؛ أنه لم يسبق أن تَـمَّ التطرق لهذا الموضوع بصورة رسمية، وفي ختام حديثه معنا عرض بعض المقترحات يرى أنها تساعد المرأة المعاقة على الاندماج في المجتمع، وترسم خططا تساعد في الحد من ظاهرة عنوسة المعاقة:
تَــمَتَّعْـــنَ بالشخصية اللازمة لمواجهة المجتمع، وذلك من خلال الاعتماد على النفس وبنائها من حيث الدراسة وتوفير عمل أو دخل يعين على الاستقلالية.
القيام بجملة دروس توعوية للنساء المعاقات؛ من أجل ضمان مشاركتهن الفعالة داخل المجتمع.
استحداث أقسام خاصة لإدماج المرأة المعاقة بمختلف الإدارات وتوفير فرص عمل أخرى مناسبة لطبيعة إعاقــتهن.
إشراك المرأة المعاقة في وضع البرامج، الخاصة بالمعاقين والإشراف على تنفيذها ومتابعتها داخل المؤسسات الرسمية.
واستكمالا لِلتَّحَرّي أجرينا لقاء قصيرا مع مديرة الأسرة "لبْـنَـيْـكْ بنت سولة" كانت خلاصته أنه لا توجد معلومات عن شريحة النساء المعاقات بموريتانيا، ومع أننا ترددنا على مصلحة الإرشيف بحثا عن وثائق حول الموضوع، إلا أنها كانت مغلقة ـرغم تكرارنا للزيارةـ وقد بررت المديرة ذلك بضعف الإقبال على العمل في ظل الجائحة.
الصورة المشوشة
الصورة مشوشة في أذهان كثيرين، حول قدرات المرأة المعاقة الصحية على الحمل والإنجاب، ولتوضيح الصورة استطلعنا رأي الدكتور سيد محمد ولد الراجل، أخصائي أمراض النساء والتوليد، الذي أكد أن النساء المعاقات يُمكِـنُهُـنَّ الحمل والولادة ولكن في ظروف خاصة، حيث يجب تأهيل قابلات وأطباء نساء وتوليد لاكتساب الخبرات اللازمة لرعاية النساء اللواتي يعانيــن من الإعاقة، ونوَّه الدكتور؛ بأن الحمل قد يسبب للنساء المعاقات معاناة نفسية واجتماعية، موضحا أن الدراسات الطبية المعاصرة أكدت أنه لا خطورة على المرأة المعاقة من الحمل والإنجاب، في ظروف طبية خاصة، وهي ـ للأسف ـ غالبا ما لا تكون متوفرة في أقسام الولادات بالكثير من المستشفيات.
ورأى ولد الراجل أن هناك إجحافا كبيرا بحق النساء المعاقات، ولذلك فإنه لا بد من حملات توعية، لتغيير عقلية المجتمع السلبية تجاه هذه الفئة.
رأي القانون
في دولة القانون؛ وحده القانون هو ما يحدد الحقوق ويرتب الواجبات، وسعيا لمعرفة ما يضمنه لفئة المعاقين، طرحنا الموضوع على الخبير القانوني محمد المامي ولد مولاي أعلي، فرد بأن مدونة الأحوال الشخصية لم تميز بين المرأة المعاقة وغيرها، وإنما تحدثت عن حقوق المرأة بشكل مطلق، طبقا لنصوص الشريعة الإسلامية، كما أكد أن الدستور يَـنُّصُّ على أن الجميع سواسية، وبالتالي فإن القانون لا يميز بين المواطنين على أساس الإعاقة، إلا ما كان من تمييز إيجابي.
وينص أول قانون حول عمل المعوق (الصادرـ 2006) أنه لا ينبغي أن تكون الإعاقة ذريعة لحرمان أي شخص مؤهل من العمل، وقد قامت الدولة الموريتانية بجهود كبيرة في مجال التمييز الإيجابي لهذه الفئة؛ شملت توفير عشرات الملايين من الأوقية لدعم المعاقين في مجالات مختلفة كـ:الصحة والتعليم وتوفير فرص العمل..
كما تتكفل الدولة سنويا بتوفير الكثير من المعدات لذوي الإعاقة الحركية، وتقدم مبالغ مالية للأسر التي تتكفل بمعاقين، كما فتحت مجال التوظيف والتعاقد أمام حاملي الشهادات منهم، وقد تم دمج الكثير منهم في الوظيفة العمومية وفي القطاع الخاص، ووفرت لهم بطاقة رسمية تترتب على أساسها مجموعة من الحقوق لأول مرة في تاريخ البلد.
وطبعا يمكن للمرأة المعاقة أن تنال حظها من هذا التمييز الإيجابي، وبالتأكيد سوف يفتح لها التمتع بتلك الامتيازات المادية والمعنوية آفاقا رحبة؛ تمكنها من الاندماج بسهولة في المجتمع، وهو ما يفتح الباب واسعا أمامها في المستقبل، لتكون ربة أسرة في حال توفر الزوج المناسب.
بين أمواج مجتمع بحره متلاطم العادات والخرافات؛ تعيش "بنات حواء" المعاقات على ضفتين؛ إحداهما كُــرِّسـت للألم والمعاناة بفعل سوداوية الواقع، والأخرى تستشرف أملا يلوح في الأفق، للتخلص من براثن مجتمع لا يرى من إنسانية المرأة المعاقة وصورتها سوى الجانب المُشَــوَّه.
تتصارع إرادتان في هذا الواقع؛ إحداهما تسعى لدمج المرأة وتحسين صورتها إرادة تقودها الدولة، والثانية تسعى إلى تكريس الصورة السلبية للمرأة المعاقة بقيادة المجتمع، صورتان لظاهرة واحدة.
عنوسة المرأة المعاقة مظهر يعكس قوة نواميس المجتمع في فرض حكمه، وفي خلفية الصورة إرادة رسمية تسعى لكسب الرهان في معركة أهم أهدافها الرفع من مكانة المرأة المعاقة.
فأي الصورتين سيكتب لها البقاء؟!
تحقيق: محمد ولد سيدنا عمر