في حوار نشرته صحيفة المساء المغربية :
• نحن ضد مبدأ الكراهية أياً كانت ذرائعه، ولنا في الرابطة مسؤولية مباشرة بخصوص التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا.
• الرابطة تعمل من أجل مصلحة العمل الإسلامي والإنساني عموماً وتحرص على إيضاح الصورة الذهنية الحقيقة عن الإسلام.
• من صالح الجاليات المسلمة احترام دساتير وقوانين وثقافة البلدان التي يعيشون فيها
والدفاع عن حقوقها بأسلوب حضاري يليق بأدب الإسلام الرفيع ولا ينال من سمعته.
نشرت جريدة المساء المغربية في عددها الصادر يوم الخميس 3 يونيو 2021 النص الكامل للحوار الذي أجراه الإعلامي وخبير الاتصال المحجوب بنسعيد ، مع فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى ، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ، رئيس هيئة العلماء المسلمين، وذلك بمناسبة زيارته للمغرب للمشاركة في ندوة علمية حول وثيقة مكة المكرمة ، وفي المؤتمر الدولي حول السيرة النبوية .
وفي بداية هذا الحوارتحدث الشيخ الدكتور محمد العيسى عن جائحة كوفيد 19 مبرزا دور القيادات الدينية في التوعية بمخاطرها، وقال إن دورهم ينصب على التوعية باتخاذ الإجراءات الوقائية لها حسب تعليمات الدولة الوطنية، وتحفيز الجميع على وجوب أخذ اللقاح، والتحذير من أساليب الدجل التي يمارسها البعض عن حسن نية أو سوء نية، سواء فيما يتعلق بالعلاجات الوهمية أو نشر الدعايات الكاذبة حول اللقاحات. وعبر عن أسفه في وجود بعض الأطروحات المرتجلة سواء فيما يتعلق بالعلاجات أو اللقاحات خرجت من أناس محسوبين على العلم الشرعي مؤكدا أن ذلك أمر خطير جداً، ومن واجب القيادات الدينية ومن يتبعهم حسم هذا الأمر لكونه منوطاً بهم من حيث الأصل. ودعا المؤسسات والهيئات والمجامع العلمية في كل دولة إلى التصدي لأي إرجاف يتعلق بهذا الأمر، ومن ذلك بعض الدعاوى الكاذبة بأن مشتقات بعض اللقاحات تحتوي على مواد محرمة شرعاً. وأشار إلى أن رابطة العالم الإسلامي تعمل في كل ما يتعلق بمصلحة العمل الإسلامي والإنساني عموماً على توحيد الجهود وتنظيمها، وقال أن الرابطة قامت خلال جائحة كوفيد 19 بتأمين المتطلبات الطبية في عدد من مناطق الاحتياج حول العالم من دول إسلامية وغير إسلامية، كما أسهمت بدعم دول أوروبية كانت على محك انهيار نظامها الصحي قبل أكثر من سنة وقدمت لهم معدات طبية عاجلة .
وجوابا عن سؤال حول بنود وثيقة مكة المكرمة وتوجهاتها وأهدافها،أوضح الشيخ الدكتور محمد العيسى أن هذه الوثيقة تميزت بأنها جمعت كلمة علماء الأمة الإسلامية في مكة المكرمة، حيث حضر لها عموم مفتي العالم الإسلامي وكبار العلماء مشمولين بمفتي وعلماء دول الأقليات الإسلامية، فضلاً عن التمثيل الرسمي لهيئات كبار العلماء، واللجان العلمية وبخاصة الإفتائية . وقال إن بنود هذه الوثيقة تحدثت عن عموم القضايا الإسلامية والإنسانية ذوات الصلة والاهتمام، وعن حوار وتحالف الحضارات في مواجهة صدام وصراع الحضارات، وعن خطاب الكراهية، وأهمية سن التشريعات اللازمة لمواجهته، وعن تمكين المرأة وعن الشباب والطفل وأيضاً عن البيئة والسلوك الأمثل في الاستهلاك وغير ذلك من القضايا المهمة والملحة. وأشار إلى أن ديباجة هذه الوثيقة أوضحت أنها امتداد لوثيقة المدينة المنورة التي أمضاها النبي صلى الله عليه وسلم مع كافة التنوع الديني في ذلك الوقت.
وعن إمكانية حدوث تغيير في النظرة السلبية للرأي العام الغربي نحو الإسلام والمسلمين ، والاقتناع بأن الجماعات الإرهابية لا علاقة لها بالدين الإسلامي ، أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي استعادة وعي مطمئن في هذا الأمر وإن لم يكن بالصورة المطلوبة، موضحا أن الرابطة تواصل الجهود لإيضاح الصورة الذهنية الحقيقة عن الإسلام . كما شدد على أنه لا يجيب مواجهة التطرف بتطرف مضاد بل يلزم مواجهة الإساءة بالحوار الحكيم والفعال الذي يحفل بالقيم والمبادئ المشتركة.
وبخصوص الزيارة التي قام بها الشيخ الدكتور محمد العيسى السنة الماضية رفقة عدد من الشيوخ والقيادات الدينية المسلمة لمعسكر الإبادة " أوشفيتز" في بولونيا والصلاة على أرواح اليهود ضحايا المحرقة النازية، قال إن هذه الزيارة كانت ضمن مجموعة زيارات لأماكن الإبادة الجماعية حول العالم، وكان الهدف منها تقديم رسالة إسلامية واضحة وصريحة ينقلها علماء الإسلام بانهم ضد هذه الجرائم البشعة أياً كان مصدرها وأياً كان مستهدفيها. واستطرد قائلا " لقد أعطينا باسم هؤلاء العلماء العالم بأسره بأن علماء المسلمين يتضامنون مع اليهود في هذا الشأن المؤلم،ولا يخفى أن المسلمين آووا عدداً من اليهود الذين تمكنوا من الفرار من النازيين وبخاصة في شرق أوروبا، بل كان للمغرب وقفة مشرفة في إيواء عدد من اليهود الذين تعرضوا للاضطهاد على يد التطهير العرقي، وقمنا كذلك بزيارة مهمة للغاية ومعنا وفد كبير شاملاً كذلك عدداً من أتباع الأديان لزيارة موقع الإبادة الجماعية المروع في سربرينتشا بالبوسنة والهرسك، ولقينا من اليهود في هذه الزيارة ومن غيرهم تفاعلاً كبيراً يستحق التقدير."
وجوابا عن سؤال حول المؤسسات المؤهلة للقيام بتنقية الإسلام من التطرف ومن التفسيرات الخاطئة، وإعطاء التفسيرات الصحيحة للإسلام، صرح الشيخ الدكتور محمد العيسى بأن رابطة العالم الإسلامي تعمل على ذلك من خلال هيئاتها ومجامعها العالمية، ولدينا شركاء كبار في هذا الشأن وفي مقدمتهم الرابطة المحمدية لعلماء المغرب ، منوها بجهودها في تفكيك خطاب التطرف بمهنية علمية عالية.
وبخصوص المشاكل المرتبطة باندماج الجاليات الإسلامية في المجتمعات غير المسلمة وممارسة حقوقها الدينية والثقافية ، ودور رابطة العالم الإسلامي في مساعدتهم على مواجهة هذه المعضلة قال الشيخ الدكتور محمد العيسى أنه لا حل لذلك سوى نشر الوعي بوجوب احترام دساتير وقوانين وثقافة البلدان التي يعيش فيها المسلمون سواء بحمل جنسيتها أو الإقامة الدائمة أو العارضة فيها ، وأكد أنه من الأنجع المطالبة باحترام الخصوصيات الدينية للجاليات المسلمة التي جرى تجاوزها في بعض البلدان عن طريق أدوات الحسم الدستورية، و بأسلوب حضاري يليق بأدب الإسلام الرفيع ولا ينال من سمعته
وتطرق الشيخ الدكتور محمد العيسى في جانب من هذا الحوار إلى الحملة الدولية للمطالبة بحظرمروّجي التخويف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) والمحتوى المسيئ للإسلام عبر منصات التواصل الاجتماعي. وأشار إلى أن الحملة لا تزال في بداياتها ولحسن الحظ أنه تضامن مع الرابطة رموز دينية غير إسلامية، هذه الرموز الصادقة والمحايدة آمنت بعدالة هذه الحملة ومنطقها الأخلاقي والإنساني. واستطرد قائلا " نحن ضد مبدأ الكراهية أياً كانت ذرائعه، ولكوننا في رابطة العالم الإسلامي مسؤولين مسؤولية مباشرة بخصوص التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا فإننا نبذل في ذلك ولا نزال كل ما نستطيع ووجدنا تفاعلاً ملموساً على حين هذه الحملة كما ترون لا تزال في البدايات، وأملنا بالله تعالى كبير في أن تحقق نتائجها تامة "
كما تحدث الشيخ الدكتور محمد العيسى عن المؤتمر الدولي حول السيرة النبوية الذي عقدته الإيسيسكو بالشراكة والتعاون مع رابطة العالم الإسلامي والرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب وقال " إن هذا المؤتمر يتحدث بالشاهد الحي عن القيم الحضارية في السيرة النبوية، كما أنه استقطب شخصيات غربية مهمة ومؤثرة مثل الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا وغيره من الرموز المحايدة في الغرب، هذا المؤتمر من خلال محاوره المهمة شرع في تحقيق مستهدفاته، وأعتقد أنكم اطلعتم على بيانه الختامي الحافل." وأشار إلى سلسلة متاحف السيرة النبوية والحضارة الإسلامية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية، موضحا أنها تُقدم سيرة سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأسلوب عصري يستخدم آخر ما توصلت إليه أساليب العرض والتجسيد . وأضاف قائلا " هذه المتاحف هي الأولى من نوعها تاريخياً على الإطلاق، وقد أدهشت بل شغفت قلب كل من زار نواتها الأولى في المدينة المنورة والذي لا يزال يمثل النسخة الأولى التجريبية .
وفي ختام هذا الحوار ، أكد الشيخ الدكتور محمد العيسى أن المغرب لديه علماء ومفكرون كبار في علوم الشريعة تأصيلاً وتفريعاً وفي الفكر الإسلامي بشكل عام تنظيراً وتجديداً، يتميزون بالعمق والتأصيل والرحابة العلمية التي تدل على أنهم طرازٌ عالٍ في الرسوخ الشرعي وسعة الأفق العلمي. وأوضح أن رابطة العالم الإسلامي تتبادل التجارب وتنقلها في العالم الإسلامي لان ذلك من مهامها وواجباتها الأساسية .
يذكر أن رابطة العالم الإسلامي منظمة إسلامية شعبية عالمية جامعة مقرها مكة المكرمة ، تُعنىٰ بإيضاح حقيقة الدين الإسلامي، ومد جسور التعاون الإسلامي والإنساني مع الجميع. أنشئت بموجب قرار صدر عن المؤتمر الإسلامي العام الذي عقـد بمكة المكرمة في14من ذي الحجـة1381هـ. الموافق 18 من مايو 1962م) . ومن بين أهدافها التعريف بالإسلام وبيان حقائقه وقيمه السمحة ، وترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال في وعي الأمة المسلمة،والعناية بالتواصل الحضاري ونشر ثقافة الحوار، والاهتمام بقضايا الأقليات المسلمة عبر العالم . ومنذ تعيين الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى أمينا عاما للرابطة وضع منهجية جديدة للرابطة من خلال خطة عمل شاملة ومندمجة توازي بين العمل الأكاديمي العلمي والخيري الاغاثي لفائدة المسلمين وغيرهم من شعوب العالم المستضعفة . كما قام بمبادرات كثيرة وجريئة في اتجاه تطوير رسالة وتوجهات الرابطة ، وفي التعامل مع القضايا المعاصرة الشائكة مثل الإرهاب والتطرف العنيف والإسلاموفوبيا والكراهية والتمييز العنصري والحوار بين الثقافات والتعايش بين أتباع الأديان .ومن أجل تفسير خطة العمل الجديدة للرابطة والتعريف برؤيتها وبرامجها قام الشيخ الدكتور العيسى بزيارات عديدة عبر العالم للجامعات ومراكز البحث والتقى عددا من القيادات الدينية أبرزهم بابا الفاتيكان ووزراء وبرلمانيين وممثلي منظمات المجتمع المدني والإعلاميين .
وللاطلاع على النص الكامل لهذا الحوار يمكن فتح الرابط التالي :