نتبين مما تم عرضه أن "المختار ولد داداه" و"سيد المختار بن يحيى انجاي" كانا مهندسا الاستقلال وعملا على وضع الأسس الضرورية للدولة وقد وجد الرجلان أكبر سند في مواقف الحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال.
استجابت فرنسا لتلك المطالب التي يطرحها هؤلاء وأولئك بقبول مبدإ المفاوضة لكن مع الذين ترى فيهم نوعا من القرب من تصورها للأمور وفعلا كان "المختار ولد داداه" ورفاقه يمثلون ذلك الجيل الذي مكنته ثقافته الفرنسية من السير قدما في اتجاه انتزاع الاستقلال.
كان المختار يحظى أكثر من غيره بدعم الفرنسيين واحترامهم، فهو المثقف الذي أتيح له أن يدرس باكرا في أبي تلميت ثم في مدرسة أبناء الشيوخ وأن يكمل دراسته الثانوية في مدينة سينلوي ويعمل فيما بعد مترجما في بلدة "بير ام اكرين".
وفي سنة 1948 توجه إلى باريس لإكمال دراسته ثم حصل على شهادة الباكلوريا وتابع دراسته العليا بجامعة الصوربون ليتخرج منها بشهادة الليصانص في الحقوق كما حصل على شهادة من مدرسة اللغات الشرقية الحية.
تفرغ بداية لمهنة المحاماة وقضى فترة تدريب في مكتب المحامي "بالون" في مدينة "دكار" وكانت البلاد حينها حبلى بالنشاط السياسي، وبعيد رجوعه إلى أرض الوطن رشح نفسه مستشارا عن دائرة آدرار وانتخب في 31 مارس 1957 بعد أن عين كاتبا للحزب الجمهوري الموريتاني ثم بعد ذلك مستشارا لحزب الاتحاد التقدمي الموريتاني.
في 28 نوفمبر 1958 انتخب نائبا في الجمعية التأسيسية ثم انتدب بعد ذلك وزيرا للشباب والرياضة والتربية القومية، ولما حصلت البلاد على استقلالها الذاتي تم تعيينه نائبا لرئيس الحكومة وعمل المختار على دمج حزبي "الاتحاد الموريتاني" و"الوفاق الموريتاني" في حزب واحد هو حزب التجمع الموريتاني وانتخب أمينا عاما له.
هكذا يتضح من خلال هذا المشوار مدى الثقة التي كان يحظى بها "ولد داداه" سواء تعلق الأمر بمستوى التأهيل الثقافي أو المواقف السياسية.
لم تكن تلك المواقف في مجملها تختلف كثيرا عن الرؤية الفرنسية لما ينبغي أن تجري عليه الأمور في سبيل تلبية مطلب الاستقلال الذي كان الجميع يتفق على وجوب تحقيقه كل من موقعه وحسب تصوره
ووفقا لهذه المعطيات بدأ "المختار بن داداه" يعبئ هو ورفاقه الساحة الوطنية لدعم الانفصال عن فرنسا وتكلل ذلك المجهود باستصدار قرار الانفصال بعد ذلك بقليل.
بدت موريتانيا في ذلك العهد نبتة لا جذور لها تكاد تجتثها عوامل الإحباط والتخلف، حيث لم تعرف في تاريخها قيام دولة مركزية مستقرة تظلل بجناحيها هذا الفضاء الحضاري العريق.
بقى أن نشير إلى أن النخبة الجديدة التي بدأت تتحفز لأخذ زمام الحكم في الدولة الناشئة لم تذق معاناة الكفاح في سبيل الحرية بل أخذتها دون كبير عناء ونشأت دولة يفرض عليها الواقع أن تبقى تحت مظلة المستعمر وإن أصبحت إدارتها بيد أبنائها فهي مكبلة بحكم اتفاقيات التعاون الثنائي والدفاع المشترك مع الدولة المستعمرة.
لقد كانت الدولة تفتقر إلى الأطر الأكفاء لعلنا نتذكر بعضا ممن كانوا مؤهلين للقيام بواجب الخدمة في مؤسسات الدولة على سبيل المثال لا الحصر: المختار بن داداه، أحمد بن محمد صالح، محمد فال ولد البناني، محمد سالم بن امخيطرات، محمد عبد الله بن الحسن، أحد بن أبا، سيد أحمد بن محمد، صل عبد العزيز، باه ببكر ألفا. صنبول، عبد العزيز صل، محمذن بن باباه، شيخنا بن محمد لغظف، سيد أحمد لحبيب، أحمد بن سالم هيب، عبد الله بن الشيخ، محمد المختار بن أباه، محمد بن الشيخ، محمد بن مولود، محمد بن جدو، سيد محمد الملقب الديين، محمد المختار بن أباه، دود ولد صمب نور، محمد بن اخليل، حمود بن أحمدو، كان ألمان، يحي بن منكوس، محمد بن مولود، حمود بن عبد الودود، محمد صالح المكنى النن وأخوه بيها أي لمرابط، اعل بن سيد المهدي، عيد بن أحمد العيد، أحمد بن عبد الله الناجي بن المزدوف، ببكر فال، سي إبراهيم، سيد المختار بن فيس، بياك بن عابدين، دمب كلو، والي انضو، سيد محمد دكانا، يوسف كويتا –صمبا ديوم، الداه ولد سيد هيبه، أحمد بزيد ولد أحمد مسكه وغيرهم.