اختتم المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 25 إبريل 2016 مشاورات المادة الربعة مع جمهورية موريتانيا الإسلامية.
تدهور المشهد الاقتصادي العالمي منذ إجراء المناقشات في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2014 ولا تزال موريتانيا تواجه صدمة سلبية في معدلات التبادل التجاري نتيجة هبوط أسعار المعادن الدولية.
وقد وجهت السلطات جهودها الأولية لمواجهة هذه التطورات نحو دعم النشاط الاقتصادي بسياسات مضادة لاتجاهات الدورة الاقتصادية مستخدمة في ذلك الاحتياطيات الوقائية في المالية العامة والحساب الخارجي التي تراكمت خلال سنوات الرواج في أسعار المعادن. ومع تزايد الشعور بأن صدمة معدلات التبادل التجاري ستكون طويلة الأمد، باشرت السلطات بتعديل سياسات المالية العامة وسياسات سعر الصرف، بما في ذلك اتخاذ التدابير لتعزيز الإيرادات واحتواء النفقات الجارية، مع السماح بانخفاض سعر الصرف الاسمي.
وقد تباطأ النمو حتى بلغ قرابة 2% في عام 2015 نتيجة تراجع نشاط التعدين وتباطؤ النشاط في قطاعي البناء وصيد الأسماك بسبب آثار فترة الأساس، ومن المتوقع أن يسجل ارتدادا موجبا في عام 2016 ليصل إلى 4.1%
وقد اقترن تباطؤ النمو الاقتصادي في عام 2015 بتراجع التضخم إلى 0.5% نتيجة انخفاض الأسعار الدولية وارتفاع سعر الصرف الحقيقي. وقد أدى ت ا رجع الطلب المحلي وأسعار الواردات إلى تحسن عجز الحساب الجاري، وإن ظل مرتفعا بنسبة%19 من إجمالي الناتج المحلي. وارتفع مستوى تغطية الاحتياطيات إلى 7.7 أشهر من الواردات غير المرتبطة بالصناعات الاستخراجية بدعم من التمويل الخارجي.
غير أن عجز المالية العامة (باستثناء المنح) تدهور على الرغم من زيادة الإيرادات التي تحققت أساسا نتيجة عدم تعديل أسعار الطاقة المحلية في مقابل هبوط أسعار النفط الدولية إلى جانب فرض بعض القيود على الإنفاق الجاري. وقد بلغ الدين العام 93% من إجمالي الناتج المحلي بنهاية عام 2015 (بما في ذلك دين ثنائي راكد يقدر بنحو 20.9% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية 2015 ) حيث اقترضت السلطات لتنفيذ المشروعات الاستثمارية ذات الأولوية ولدعم المركز الخارجي.
وظلت نسبة خدمة الدين إلى الإيرادات عند مستوى 10.3 %، نظرا لأن التعاقد على الدين العام كان غالبا بالشروط الميسرة. ومع تباطؤ النشاط الاقتصادي ت ا رجعت نسب السيولة ولكن الجهاز المصرفي ظل متمتعا بالسيولة بوجه عام
وبينما يتوقع أن يسجل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي ارتدادا إيجابيا ليصل إلى 4.1 % في عام 2016 نتيجة زيادة إنتاج الحديد الخام من منجم جديد، فمن المتوقع أن يظل نمو إجمالي الناتج المحلي غير المرتبط بالصناعات الاستخراجية مكبوحا مع تعافيه لاحقا ليصل إلى 4% بحلول عام 2018 .
ومن شأن ضعف النشاط الاقتصادي، المقترن بضيق سوق المعاملات بين البنوك وارتفاع مستوى التركز في محافظ الائتمان أو الودائع، أن يعيق قدرة القطاع المالي على توجيه الائتمان إلى أنشطة القطاع الخاص، مما يعرقل الجهود الرامية إلى زيادة تنوع النمو الاقتصادي وصلابته.
وعلى المدى المتوسط، يتوقع خبراء الصندوق أن يظل عجز الحساب الجاري أعلى من 10% من إجمالي الناتج المحلي رغم استمرار تحسن مستوى الصادرات غير المرتبطة بالصناعات الاستخراجية المصاحب لجهود تنويع الاقتصاد، مما سيسفر أيضا عن بعض الانتعاش في الاستثمار الأجنبي المباشر.
ومع فرض إلغاء الدين الثنائي الراكد بنهاية عام 2016 ، من المتوقع أن يصل الدين الخارجي إلى ذروته عند مستوى 79% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2018 مع مواصلة السلطات الإنفاق الاستثماري.
ومن المنتظر أن يصل الدين العام إلى 81 % بحلول عام 2021 وأن ترتفع نسبة خدمة الدين إلى الإيرادات لتصل إلى 22 % في الأجل المتوسط. وتشير التوقعات، في ظل السياسات الحالية، إلى انخفاض إجمالي الاحتياطيات الدولية إلى أقل من الهدف الذي حددته السلطات والذي يبلغ ثلاثة أشهر من الواردات (باستثناء الصناعات الاستخراجية) بحلول عام 2020.
وتميل الاحتمالات المتوقعة غالبا إلى الجانب السلبي ولا ي ا زل الاقتصاد معرضا للصدمات الخارجية. فالاقتصاد الموريتاني معرض لمخاطر ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من المستوى المتوقع و/أو انخفاض أسعار الحديد الخام، وتدهور الأوضاع الأمنية على المستوى الإقليمي، والمخاطر المترتبة على تنفيذ السياسات الداخلية. وقد يترتب على هذه الأمور جميعا انخفاض النمو الممكن على المدى المتوسط. وعلى الجانب الإيجابي بالنسبة للنشاط الاقتصادي، يمكن أن تتحسن آفاق الاقتصاد في حالة حدوث ارتداد إيجابي في أسعار الحديد الخام، وزيادة الطاقة الإنتاجية في قطاع تعدين الذهب، وتسارع وتيرة الاستكشاف المصاحبة لاكتشاف الغاز الذي توصلت إليه شركة "كوزموس".
تقييم المجلس التنفيذي
أثنى المديرون التنفيذيون على السلطات الموريتانية لسياساتها الداعمة للاستقرار الاقتصادي الكلي في مواجهة الصدمة السلبية الكبيرة والمستمرة في معدلات التبادل التجاري. ومع تكثف أجواء عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، حثوا السلطات على توخي اليقظة المستمرة وتكثيف جهودها على مستوى السياسات لوضع الدين العام على مسار تنازلي، ودعم الاستقرار الخارجي، وتنشيط الإصلاحات الهيكلية لتعزيز التنويع الاقتصادي والنمو الاحتوائي.
ورحب المديرون بالتصحيح التدريجي لسعر الصرف الاسمي منذ سبتمبر 2014 .
وقالوا إن عجز الحساب الجاري لا يزال مرتفعا واتفقوا على أن استمرار مرونة سعر الصرف، إلى جانب ضبط أوضاع المالية العامة وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، سوف يسمح بسلاسة التواؤم مع الأساسيات الاقتصادية ودعم الاستقرار الخارجي، وذلك بزيادة قدرة الاقتصاد على الصمود في مواجهة الصدمات. وسيكون من الضروري تعزيز إطار السياسة النقدية وتنفيذ إصلاحات سوق الصرف الأجنبي لدعم زيادة مرونة سعر الصرف.
وحث المديرون السلطات على رفع القيود على الصرف التي تدخل ضمن نطاق اختصاص الصندوق بموجب المادة الثامنة وفي أقرب وقت ممكن. ورحب المديرون بعزم السلطات على مواصلة التقدم في ضبط أوضاع المالية العامة عن طريق زيادة الإيرادات غير المرتبطة بالصناعات الاستخراجية وتقييد الإنفاق الجاري مع حماية الاستثمار في البنية التحتية.
وأعربوا عن أ ريهم بضرورة تنفيذ تصحيحات إضافية لوضع الدين على مسار تنازلي في الأجل المتوسط مع ضمان حماية النمو. وفي هذا الصدد، أعربوا عن تأييدهم لمواصلة توسيع القاعدة الضريبية؛ وترشيد الإعفاءات الضريبية والدعم مع حماية الإنفاق الاجتماعي؛ بالإضافة إلى الشروع في إصلاح نظام الخدمة العامة.
وأكد المديرون كذلك ضرورة تحسين إدارة المالية العامة والدين العام، وتوخي الحرص في اختيار الاستثمارات العامة ومتابعتها. وقالوا إنهم يتطلعون إلى صدور قانون الموازنة الأساسي والبرنامج المعني بإعادة هيكلة المؤسسات العامة والمؤسسات المملوكة للدولة. وأوصوا بتعزيز إطار المالية العامة بمرور الوقت، بما في ذلك ما يتعلق بإدارة الثروة التعدينية.
وأكد المديرون أهمية الحفاظ على الاستقرار المالي. وقالوا إنهم يتطلعون إلى صدور القانون المصرفي وقانون البنك المركزي الجديدين لتعزيز إطاري السلامة الاحترازية وتسوية الأوضاع المصرفية ودعم استقلالية البنك المركزي التشغيلية، تمشيا مع التوصيات الصادرة عن "برنامج تقييم القطاع المالي".
وحثوا السلطات على تقوية الامتثال للقواعد التنظيمية وتعزيز الرقابة، خاصة فيما يتعلق بمخاطر السيولة والنقد الأجنبي والتركز والمخاطر المرتبطة بالأطراف ذات الصلة.
وذكر المديرون أن صدمة معدلات التبادل التجاري زادت من الحاجة الملحة لتنويع الاقتصاد وزيادة الإنتاجية وتحقيق نمو أكثر احتواء لجميع فئات السكان.
ورحبوا بالتقدم الذي أحرزته السلطات في مجال تعزيز بيئة الأعمال وتشجيع استثمار القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر، وسلطوا الضوء على أهمية مواصلة بذل الجهود لتحسين الحوكمة والنهوض بالتعليم والتدريب، وتعزيز فرص الحصول على التمويل.
موريتانيا: مؤشرات اقتصادية مختارة، 2012-2017: