"لا أشرَب الخَمر ولا أشتهيها ولا أحَد في الغرب يحضّني علَيها".
بهذهِ الكلِمات المُختصرة استهَل نجم كُرة القَدم المَصرية والعالمية محمد صلاح إجابتَه على سؤال لمُحاوره عمرو أديب عَنْ شُرب الخَمر.
سجّل صلاح هَدفاً صاروخياً بِهذه الإجابة في مرمى العقول التي طالما سممَتها أهداف أبوتريكة الوهَمية ! وتقوم بعدَها عاصِفة مِنْ الإستِهجان والهجوم الشَديد على صلاح داخِل أوساط المُجتمعات العرَبية.
لا يُعرَف تَحديداً سَبب هَذهِ الهَجمة الشَنعاء عَلى صلاح بِسَبب هَذهِ الإجابة. رُبَماّ كانت الإجابَة المُنتَظَرة مِنْ صلاح عَلى غِرار إجابة أبوتريكة التَقليدية وهيّ أنّ الخَمر حَرام شَرعاً والغَرب الكافِر يدعم شُرب الخَمر وهَذهِ مؤامَرة عَلى أبنائنا وثقافتنا وتَقاليد مُجتَمعنا، وحيّ عَلى الجِهاد أو عَلى أقَل تَقدير المُقاطعة!
كأنَّ على صلاح نِجم كُرَة القَدم المُحتَرِف أنْ يُصدِر فَتوى دينية ليسَت مِنْ وظيفته في بِرنامِج غَير ديني. إضافَة إلى أنَّ أُموراً مِثلَّ حُرمَة الخَمر هيّ أُمور لا خِلاف عليها ولا تَحتاج إلىَّ فَتوى مِنْ صلاح أو غَيره. ولكَن المَطلوب هوّ أنْ يُكَفِر صلاح زُملائهِ في نَفس الفريق مِمَنْ يمتلكون ثَقافات وتقاليد مُختلَفة وحيّ على القِتال داخِل الفَريق الواحِد!
ثُمَّ يُسَجِل صلاح هَدفاً صاروخياً ثان في مرمى تِلكَّ العُقول باحتِفالهُ بالكريسماس كمُشارَكة وِجدانية للمُجتَمع الذي يعمَل فيهِ. وهَذا لاّ يعني إطلاقاً أنهُ يؤمِنْ بما يؤمنون، وهَذا ما يفعلهُ أيضاً المسيحيون في مصر المحروسة. فيحتَفلون بتِلقائية بِشَهر رمضان والمولد النبوي الشريف.
اهتزت تماماً أركان وأحجار هَذهِ العقول وفقدت توازُنها حتى أنَّ كَثيراً منها شمَت بصلاح بعدما أضاع ركلَة جَزاء في مُباراة لاحقة، ووصفت ذَلك بأنهُ لَعنَة مِنْ الله! وتناست أنَّ صلاحاً هَذا سجَل عشرات ضربات الجزاء ومئات الأهداف والعَديد مِنْ البُطولات وحَقق لنفسهُ ولِوطَنهُ ما لَم يستَطع أحَد مِنْ هؤلاء تحريك شعرة فيهِ!
مِنْ ناحية أُخرى يتصدر أبوتريكة دائماً تريند دعمهُ في الوطَن العربي. وهذا ليس فخراً لهُ فنَفس هَذهِ المُجتَمعات التي تُصدر التريند هي نفسها مَنْ تَتصدر قوائم مُشاهدة الأفلام الإباحية والتحَرُش، وعدَد لا بأس بهِ مِنْ المَشاكل السُلوكَية والأخلاقية.
أبوتريكة ظهَر في برنامج رياضي مؤخراً ليتَحَدث خارج سياق البرنامج عَنْ قَضية مُجتمعية كالشذوذ وهو لا يفهَم بُعدها كما لا يفهَم الفَرق بين دَعم الشواذ ودَعم الشذوذ. فالإنسان السوي يُدين الخَطيئة وليس الخاطئ. يدعَم الفاعل حتى يَنجو ويُشين الفعِل القَبيح كالشذوذ.
أبوتريكة الذي لا يترَدد لَحظَة في دَعم القَضية الفلسطينية وكل القضايا الإسلامية مِنْ وجهَة نَظرهُ، تَرددَّ انهُ رفض مُساعدة أو دَعم أهالي المُقطم مِمَن تتضرروا جراء سيول اجتاحت مَنطقتهم وذَلك لأنهم مسيحيون.
مُشكلة أبوتريكة وفريقهُ الإخواني لَيس مَع هَذا أو ذاكَ، إنما مع كُل آخر عَلى وَجه هَذهِ البَسيطة.
أنت لَست إنساناً عندَما تُساند أبناء طائفتك بَل عندما تُساند الإنسان أياً كان وأينَما كان.
بالعودة إلى صلاح فالمعروف عنهُ تدَينهُ الشديد. فهو لا يتحرك تقريباً إلا وفي يدهُ المُصحَف. وهو شَخص وفيّ جداً لزوجته المُحجَبة. ولَكَنهُ فهم الشعَرة البَسيطة التي تفصل بين المُتدين الذي يهتَم بعلاقتهُ بربهُ وبين المُتطَرف الذي يهتَم بعلاقة الآخرين بربهم. ولا شكَّ أنَّ هَذا الأمر كان أحَد أهم أسباب نجاحه على مُستوى جَميع الأصعدة داخِل مُجتمع مُتعَدِد الثقافات كالمُجتمَع الأوربي.