استمرت فترة التذبذب طويلا حيث تحالفت موريتانيا مع الجزائر في البداية لممارسة نوع من الضغط على المغرب لتشريع وجودها وإبطال ما يسميه المغرب "الحق التاريخي في موريتانيا".
لقد ظلت تطالب بعودة الصحراء إليها مبرزة مسؤوليتها القانونية عن هذه المنطقة منذ ما قبل الاستعمار.
وظهرت هذه المطالبة في وقت مبكر منذ كانت المغرب ترفض الاعتراف بموريتانيا، ففي عام 1963 أوضح المختار بن داداه أن إدارته "تتبع سياسة المفاوضات المباشرة لمعالجة مستقبل الجزء غير المحرر من موريتانيا".
وقد اتخذت هذه المطالبة صبغة قانونية عندما أعلنت الحكومة الموريتانية للأمم المتحدة رغبتها في مناقشة القضية مع إسبانيا عام 1964م وفي سنة 1966م طالب مندوبها إلى الأمم المتحدة في خطاب مطول انتقد فيه الأطماع المغربية في موريتانيا والصحراء وطالب إسبانيا بإرجاع الصحراء إلى موريتانيا.
واستجابت إسبانيا لهذه الدعوة حين أوفدت وزير خارجيتها إلى انواكشوط لإجراء محادثات حول مستقبل الصحراء الغربية وعلقت الإذاعة الموريتانية حينها على الزيارة قائلة "إن هناك مشاكل ترابية بيننا وبين إسبانيا".
لم تبد الجزائر أي اعتراض على المطالب الموريتانية في إقليم الصحراء بل إنها اعتبرت القضية مجرد صراع ثلاثي الأطراف.
نتيجة لهذه المواقف التي وجدت فيها موريتانيا تعاطفا جزائريا مع ما يعتبره حقا تاريخيا قام "المختار ولد داداه" بزيارة للجزائر وتمخضت تلك الزيارة عن تأكيد الطرفين على أهمية الدفاع المشترك والأمن الجهوي وقدمت الجزائر دعما ماليا واقتصاديا لموريتانيا.
في مرحلة عادت موريتانيا لتثير القضية من جديد مؤكدة رغبتها في دعم موقف سكان الإقليم وتمسكها بمبدأ تقرير المصير وذلك فيما يبدو محاولة منها للعمل على قيام دولة مستقلة تفصل بينها وبين المغرب وكان ذلك في وقت تصاعدت فيه المطالبة المغربية بضم الإقليم وظهرت بوادر تقارب مغربي ـ إسباني في شأن القضية دون أن يواكب هذا التطور تحسن يذكر على مستوى موقف المغرب من موريتانيا.
في سنة 1966 عبرت الحكومة في انواكشوط عن انشغالها بما يجري في المنطقة دائما عن طريق مندوبها لدى الأمم المتحدة الذي أوضح أنه والوفد المرافق له يريدان التأكيد من جديد على أن الجمهورية الإسلامية الموريتانية لا تعارض إطلاقا التطبيق المخلص لمبدإ تقرير المصير بالنسبة لسكان إقليم الصحراء، وكان نفس المندوب قد أعلن لدى افتتاح الدورة الواحدة والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966م "أنه في إطار التصفية العالمية للاستعمار فإن موريتانيا تحدوها الرغبة في صيانة مصالح سكان الصحراء وحقهم الثابت في تقرير المصير والاستقلال... وإن طلب الحكومة المغربية بالاستقلال للصحراء الإسبانية ما هو إلا مناورة تستهدف المساس بالأمن الوطني والوحدة الترابية..
وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في دورتها الثالثة والعشرين من سنة 1968م أوضح نفس المندوب أن بلاده لا تعترف بأية حقوق مغربية على الصحراء وأن المغرب لا يمكن أن يبدي اهتمامه بمستقبل هذا الإقليم إلا باعتباره دولة مجاورة، وفي نفس السياق عبر عن اعتراف موريتانيا بعدم قدرتها على فرض حل، معربا عن تراجع بلاده عن فكرة موريتانية الصحراء.