خبراء: مشاهدة مباريات كأس العالم قد تطيل العمر | صحيفة السفير

خبراء: مشاهدة مباريات كأس العالم قد تطيل العمر

اثنين, 12/12/2022 - 23:30

يؤكد خبراء في علم النفس أن تشجيع الفرق خلال مباريات كرة القدم يعود بمنافع كثيرة على صحة الإنسان النفسية والجسدية، كما أنه يخلق لدى الإنسان شعورًا بالهوية ويعدّ فرصة رائعة للتواصل مع الآخرين، حسب تقرير نشره موقع "دويتشيه فيله" الألماني.

وتزخر بطولة كأس العالم هذا العام في مونديال قطر 2022 بالإثارة والمتعة، وسواء كنت من مشجعي كرة القدم أو لا، فأنت بالتأكيد تشعر بالحماسة وأنت ترى منتخب بلادك أو منتخبك المفضّل يتقدّم في التصفيات وصولًا إلى الأدوار النهائية، أو ينتابك شعور بالحسرة عندما ترى فريقك المفضّل يخرج من المونديال إثر هزيمة مفاجئة في اللحظات الأخيرة من المباراة، أو حتى بفارق الأهداف بفعل حسابات المكسب والخسارة في ختام أدوار المجموعات.

ويعدّ السفر آلاف الأميال لمشاهدة مباريات المونديال من المدرجات مسألة بالغة الصعوبة بالنسبة للغالبية العظمى من الناس، ويؤكّد خبراء طب النفس أن هناك أسبابًا علمية جيدة تدعوك إلى مشاهدة مباريات كأس العالم على شاشات التلفزيون، بل ويسردون العديد من الفوائد الصحية التي تنجم عن تشجيع فريقك المفضل في البطولة.

فرصة للتواصل والفرح

وتقول أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة تولان في ولاية نيو أورليانز الأميركية كاري ويلاند إن البشر بطبعهم كائنات اجتماعية، وبطولة كأس العالم هي فرصة رائعة للتواصل مع الآخرين، وإيجاد أرضية اجتماعية مشتركة.

وتوضّح -في تصريحات للموقع الإلكتروني "بوبيولار ساينس" الأميركي المتخصص في الأبحاث العلمية- أن تشجيع منتخب كرة قدم يجعلك تشعر بالارتباط بشيء أكبر منك، كما يخلق لدى الإنسان شعورًا بالهُوية.

وتشير خبيرة طب النفس إلى أهمية الفرح الجماعي الذي يشعر به الإنسان أثناء مشاهدة مباريات كأس العالم، سواء مع أفراد العائلة أو حتى برفقة أشخاص غرباء في مكان عام، مثل: المقاهي أو غيرها، لا سيما إذا سجّل الفريق الذي تشجعه هدفًا أو أكثر خلال المباراة، وتقول "عندما تتشارك في هذه الانفعالات الإيجابية مع آخرين، فإن ذلك يؤدي إلى تعزيز هذه المشاعر الجماعية، وخوض تجربة انفعالية أفضل".

وتضيف أن مشاهدة لحظات الهزيمة تعدّ -أيضًا- تجربة جماعية تعزّز الروابط الاجتماعية مع الآخرين، وترى أن الصلات الاجتماعية تتوطد -كذلك- أثناء التعليق على المباراة بعد انتهائها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحليل الأسباب التي أدّت إلى الهزيمة.

التشجيع يرفع من تقدير الذات

وخلصت دراسة نشرتها الدورية العلمية "كوميونيكشن أند سبورت" المتخصصة في طب النفس الرياضي عام 2019 إلى أن تشجيع الفرق الرياضية الفائزة يرفع من درجة احترام أو تقدير الذات للمشجعين لمدة يومين بعد المباراة.

ورغم أن هذه المعلومة تحتاج إلى مزيد من التوثيق العلمي، فتؤكد ويلاند وجود مفهوم في طب النفس يسمى "الانغماس في المجد الناجم عن إنجازات الآخرين"، ويُقصد به أن "يرتبط شخص ما بانتصار غيره كونهما ينتميان إلى المجموعة نفسها"، وتقول إن الاستغراق في التشجيع يجعل الجمهور يشعر كما لو كان جزءًا من الفريق، ومشاركًا في الفوز.

وتسري هذه القاعدة -على حد قولها- على جماهير الفرق الموسيقية، أو أنصار الأحزاب السياسية، أو مشجعي الفرق الرياضية، حيث يشعرون أن تشجيعهم ساعد في انتصار الفريق الذي يناصرونه.

يطيل العمر.. لكن بشروط

وتقول ويلاند إن تشجيع الفرق في مباريات كأس العالم يطيل العمر؛ ولكن ذلك يتوقف على طريقتك في التشجيع، سواء كنت تجلس على الأريكة طوال المباراة وأنت تحدّق في الشاشة أمامك، أو أنك تتقافز وتتفاعل حركيًا مع كل فرصة أو هجوم خلال المباراة.

وتوضّح أنه بالرغم من أن هذا النوع من التشجيع الحماسي لا يرقى إلى حد ممارسة التدريبات البدنية؛ فإن هذه الحركات الصغيرة تجعل الجسم في حالة حركة مستمرة، وتجدّد نشاطه.

ويضيف الخبراء أن التواصل الاجتماعي في حد ذاته له تأثير إيجابي في إطالة عمر الإنسان؛ فالعلاقات الاجتماعية والشعور بالانتماء أثناء مشاهدة الفعاليات الرياضية، يقترن بتحسّن الصحة البدنية والنفسية.

وترتبط مشاهدة المباريات الرياضية بتخفيف أعراض الاكتئاب التي أثبتت بعض الدراسات أنها تقلّل عمر الإنسان بواقع 10 إلى 12 عامًا في المتوسط. ومن ثم فعندما تحصل على الدعم الاجتماعي النابع من تشجيع مباريات المونديال، فهناك دلائل علمية على أنك تقلّل مخاطر الوفاة المبكرة.

التشجيع يخفّف التوتر

ويرى باحثون أن الانغماس في متابعة مباريات كأس العالم يساعد في تخفيف التوتر، وصرف الذهن -مؤقتًا- عن متاعب الحياة اليومية.

ويقول المتخصص في طب النفس العصبي بجامعة دريكسل بولاية فيلادلفيا الأميركية إيريك زيلمر إن "مشاهدة الفرق التي تحتفل بالفوز في كأس العالم قد يكون ملاذًا مؤقتًا من الواقع"، مشيرًا إلى أن لعبة رياضية -مثل: كرة القدم- لها قواعد وقوانين منظّمة قد يكون لها تأثير علاجي لمن يشْكون من تقلبات الحياة ومتغيراتها.

ويقول زيملر -في تصريحات لموقع "بوبيولار ساينس"- إن "الرياضة تجعلنا نشعر أننا على قيد الحياة، وهي -كذلك- عنصر محفز كي نجد في أنفسنا صفات لا نراها"، بمعنى أن الرياضة تتعلق أساسًا بالتغلب على العقبات، وإذا كان ذلك ممكنًا في عالم الرياضة، فمن الممكن أن يتحقّق في الواقع.

حافز لممارسة الرياضة وإلهام الأطفال

وترى ويلاند أن مباريات كأس العالم قد تكون حافزًا لدى بعض الفئات لممارسة الرياضة، وقد تُلهم الأطفال الصغار من أجل الاشتراك في رياضات معينة؛ من منطلق الإعجاب ببعض نجوم كرة القدم؛ مثل: ليونيل ميسي أو كيليان مبابي.

وينصح زيلمر بالاستفادة من مباريات المونديال كعامل محفّز، أو كمكافأة للقيام ببعض النشاطات الثقيلة على النفس، فإذا لم تكن تحب ممارسة التمارين الرياضية -على سبيل المثال- رغم أهميتها للصحة، فيمكنك أن تُعدّ في قرارة نفسك أن مشاهدة المباراة المقبلة لفريقك المفضل في المونديال، مناسبة لممارسة الرياضة.

 

المصدر : الجزيرة + دويتشه فيله