قال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، اليوم الاثنين أمام المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد، إنه جميع ثروته بطريقة “شرعية”، مؤكدًا أنها في أغلبها تعود إلى تمويل الحملات الانتخابية وبعض الهدايا التي حصل عليها من قادة دول أجنبية.
ولد عبد العزيز كان يرد على أسئلة القاضي، حول أعمال تجارية كان يقوم بها حين كان رئيسًا للبلاد، وهو ما يتنافى مع نص القانون الموريتاني، ولكن ولد عبد العزيز نفى ذلك بشدة، وقال: “لم أمارس أي عمل تجاري، والشهود الذين كانوا يحتفظون بأموالي لم يشيروا إلى أي أنشطة تجارية”.
وأضاف ولد عبد العزيز: “الأمر يتعلق بأموال الحملات الانتخابية، كنتُ أتركها عندهم (الشهود)، وكنت أسحب منها حسب الحاجة، ولا تربطني بهم أي علاقة تجارية، والشهود لا يمكنهم أن يثبتوا عكس ذلك”.
ولكن القاضي رد عليه بأن هنالك مؤسسات يمكن وصفها بأنها ذات طابع تجاري، منها مصنع للمياه وفندق في مدينة الشامي ومحطات للوقود، فرد الرئيس السابق بالقول: “هذه الشركات لها ملاكها ولا علاقة لي بها، وكل هذه التهم ملفقة”.
وأمام انفعال ولد عبد العزيز، طلب منه القاضي الهدوء والابتعاد عن الغضب والتشنج لأن هذه هي طبيعة عمل المحكمة، فواصل ولد عبد العزيز قائلًا: “خلال وجودي في السلطة لم أمارس أي عمل تجاري، ولم أتدخل في أي صفقة، وحتى بعد أن غادرت السلطة أيضًا، تلك الشركات لها ملاكها، ولكن الهدف هو زيادة التهم الموجهة لي”.
في غضون ذلك، سأله القاضي إن كان يفهم معنى “الإثراء غير المشروع”، فرد ولد عبد العزيز: “نعم أفهمه وأعرفه باللغتين العربية والفرنسية”.
حينها قال له القاضي إن وثائق الملف تشير إلى أنه “شخصيا وأفراد من عائلته وبعض المقربين منه يمتلكون ثروة كبيرة، في حين أنه وعائلته لم يمارسوا أنشطة تجارية للحصول على هذه الثروة، التي تتكون من أرصدة وعقارات وسيارات وآليات وحتى شركات”، فرد ولد عبد العزيز: “لا توجد لدي أي شركات، ولا علاقة لي بتلك الشركات”.
وواصل ولد عبد العزيز: “أموالي كلها مبررة، والشهود الذين حضروا قالوا ذلك، لأن أصولها من الحملات الانتخابية، حتى قبل أن أصل للرئاسة، لا توجد بحوزتي أوقية واحدة غير شرعية، فالحملات الانتخابية كانت تأتيني فيها الأموال وأسيرها”.
ولكن القاضي قاطعه قائلًا إن “حجم الثروة الكبير هو المشكلة”، فرد عزيز: “كل هذه الأموال لا علاقة لها بخزينة الدولة، وليس من ضمنها أي أوقية غير شرعية، هي أموال تتعلق بالحملات الرئاسية، الأولى (2009) والثانية (2014) وحتى الثالثة (2019)، والكثير من الأمور والتفاصيل لا يمكنني الحديث عنها، لأنها قد تمس بأشخاص في السلطة، وحتى في دول خارجية، ما يمكنني تأكيده هو أن أموالي كلها مشروعة وقانونية، ولا رشوة فيها، ولا شيء يتعلق بالمال العام”.
ولكن القاضي قال له إن تصريحه بممتلكاته أمام لجنة الشفافية لم يتضمن حجم هذه الثروة، حينها قال ولد عبد العزيز إنه بالفعل “هنالك خمسين سيارة قدمت لي بعد أن صرحت بممتلكاتي، كانت ضمن الحملة الانتخابية الأخيرة، لأننا بعد الحملة الأخيرة حصلنا على مائة سيارة منحت منها خمسين، والخمسين الأخرى لن أتحدث عنها”.
سأله القاضي: “أنت صرحت بأن عندك 84 سيارة”، فقال عزيز: “سياراتي زادت بخمسين سيارة أخرى، من طراز تويوتا هيلكس جديدة ولم تتحرك”.
بعدها سأله القاضي عن “مبلغ مالي معتبر أعطاه له رئيس دولة شقيقة”، فرد عزيز: “نعم.. إنها 6,5 مليون يورو، كانت هدية بسبب ظروف معينة”، دون أن يكشف طبيعة تلك الظروف.
وبخصوص تهمة غسيل الأموال، سأل القاضي الرئيس السابق عن مسير هيئة الرحمة ويدعى “محمد المشري صالح”، الذي قال خلال التحقيق معه إن “مبالغ بالمليارات كانت تودع عنده من طرفكم ومن طرف بعض أفراد الأسرة، كان يفتح بها شركات وهمية وأرصدة بنكية، واستلمت الشرطة مبالغ من عنده”.
رد ولد عبد العزيز قائلًا: “هذا الشخص هو مسير هيئة الرحمة، ولا علاقة لي به، سمعت أنه صرح بذلك نتيجة ظروف معينة”، ثم تساءل: “لكن من قام بتهديده وتهريبه وتعذيبه، حتى أصيب بالجنون”.
في تلك الأثناء تدخل فريق الدفاع عن الرئيس السابق، وطلب من المحكمة استدعاء مسير هيئة الرحمة ليقدم شهادته أمامها، فرد القاضي بأنه في سفر خارج البلاد.
ووجه القاضي سؤالًا إلى الرئيس السابق حول تهمة استخدام هيئة الرحمة في غسيل الأموال، لأن الهيئة كانت تملك حسابات بنكية مر منها أكثر من عشرين مليار أوقية، حسب ما كشفت التحقيقات.
رد عزيز: “ليس لدي أي رد، هذا يتعلق بهيئة الرحمة، وأنا كنت رئيس دولة”.
وفي الأخير حدث نقاش بين المحامين وهيئة المحكمة حول الاستمرار في استنطاق الرئيس السابق أو التجاوز نحو بقية المتهمين، ليتقرر الاستمرار في استنطاق الرئيس السابق.
بدأ حينها وكيل الجمهورية في توجيه الأسئلة للرئيس السابق، وفتح معه ملف بيع المدارس والقطع الأرضية المقتطعة من مدرسة الشرطة، ولكن ولد عبد العزيز ظل يرفض التعليق بحجة أن هذا يدخل في إطار صلاحيات عمل الحكومة، وقال: “لن أناقش هنا تفاصيل عمل الحكومة”.
قبل أن يطلب الدفاع رفع الجلسة بحجة أن الاستنطاق استمر لعدة ساعات، ويتوجب منحه راحة، فقرر رئيس المحكمة تعليق الجلسة، على أن تستأنف في وقت لاحق من اليوم.