هكذا وقبل أن تلتقط البلاد أنفاسها بعد معركة مريرة مع التخلف وتحديات الوجود، وفي خضم احتفالاتها بعودة الجزء المفقود من "أرضها" إذا بها تنغمس في أوحال حرب لم تكن مهيأة لها ولا قدرة لها على تحمل نتائجها. دخلت البلاد محنة استعمار جديد فقدت في ظله حرية الإرادة في هذا الوقت الذي أخذت الجزائر توجه البوليساريو إلى مكامن الضعف على جبهة القتال وأصبحت ذلك ثغور البلاد مكشوفة كما أصبح كما أصبح شريانها الاقتصادي الأول عرضة لهجمات موجعة. تفجر الوضع من جديد وتملك القلق والخوف مشاعر الكثيرين، ولم تمض فترة حتى أخذت الحرب تلقي بظلالها على الأوضاع العامة للبلاد فساءت الأوضاع المعيشية وتضاعفت الديون وأصبح المواطن ينوء تحت وطأة ضرائب مجحفة.
لم يلفت هذا الوضع أنظار السلطات إلى ضرورة التخلص من عقدة النزاع وتغليب المنطق السياسي والتفرغ لمواجهة مشاكل التخلف المزمنة بل إن "المواطنين" من داخل المحيط الضيق للرئيس ومن خارجه أخذوا طريقهم إلى التوشيح بعدما تمكنوا من اختراق دائرة صنع القرار والتحكم فيه. أصبحت البلاد تسير وفق منطق الحرب ولم يبق من خيار أمام القيادة الوطنية إلا أن تزج بخيرة أبناء هذا الوطن إلى أرض المعركة غير آبهة بالمصير المحتوم الذي ينتظرهم وتم استدعاء القادة العسكريين الكبار بدعوى المشاركة في أداء الواجب والدفاع عن حوزة الوطن ليقدم بعضهم قرابين للعدو.