دخل الاقتصاد الوطني منذ منتصف 2014 مرحلة خطيرة، حيث هوى معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من نسبة 6.6 % سنة 2014 إلى 2% سنة 2015، وانخفضت الصادرات بشكل حاد، فبلغ حجم التداول حوالي 1510 مليون دولار أمريكي سنة 2015 مقابل 2651،5 مليون دولار أمريكي سنة 2013؛ ولولا الانخفاض الحاد في أسعار المحروقات على المستوى الدولي، وما صاحبه من تأثير مزدوج على واردات البلد وإيرادات الميزانية العامة لكانت عواقب هذه الصدمة وخيمة. وتكمن الأسباب الرئيسية لهذا التراجع في تدهور أسعار المواد الأولية في السوق الدولية.
من جهة أخرى، فقد كان للإجراءات الإدارية الروتينية، والحواجز الحقيقية التي تُقام في وجه فرص اقتصادية مهمة للبلد كالاستثمارات وإسهام شركات ذات أداء عال في تنفيذ المشاريع، إضافة إلى سوء الظروف الاقتصادية العالمية – كان لذلك كله الأثر السلبي على تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في موريتانيا، حيث سجل هذا التدفق انخفاضا بنسبة 80% في أقل من سنتين، إذ لا يتعدى سنة 2015 مبلغ 246،9 مليون دولار أمريكي، في حين كان في 2013 يناهز 1126 مليون دولار أمريكي.
وتتجلى آثار هذه الوضعية على الميزانية العامة للدولة في قانون المالية لسنتي 2015 و2016:
فبالنسبة لسنة 2015، ينص قانون المالية المعدل على أن "عائدات الضرائب تعاني نقصا مرتفعا نسبيا، مما يعكس فتورا في نشاط قطاع التصدير، ويتجلى ذلك من خلال انخفاض في الإيرادات على النحو التالى: الضرائب على أرباح النشاط الصناعي والتجاري والأرباح غير التجارية، والضريبة الأدنى الثابتة بنسبة 8،60%، والضريبة على الرواتب والأجور بنسبة 19،61%، والضريبة على القيمة المضافة المحلية بنسبة 8%، والضريبة الموحدة على شركة اسنيم بنسبة 43،50%". كما يرد في نفس القانون أن "الإيرادات غير الضريبية سيقتطع منها مبلغ 36 مليار أوقية، كان متوقعا من أرباح اسنيم، ومبلغ 3،7 مليار أوقية من عائدات النفط".
أما بالنسبة لسنة 2016، فإن قانون المالية الأصلي يُورد انخفاضا في الإيرادات على النحو التالى:
تدنى مساهمة اسنيم في المحاصيل الضريبية المقدرة أصلا بمبلغ 25،44 مليار أوقية على الفصول الثلاثة الأولى من سنة 2015،
نقص بمبلغ 10 مليار أوقية من الضريبة الموحدة على اسنيم في نفس الفترة،
نقص 8،35 مليار أوقية من ضريبة القيمة المضافة على واردات اسنيم في نفس الفترة،
غياب أي توقع لمساهمة أرباح اسنيم في إيرادات الدولة، في حين بلغت تلك المساهمة 37،25 مليار أوقية فى 2013 و37،77 مليار أوقية فى 2014.
إن المؤشرات الاقتصادية تدل اليوم على وجود أزمة حادة، سيكون من غير الواقعي، وحتى في غاية الخطورة، اتباع سياسة مالية توسعية في ظلها.
وعلى الرغم من هذا، وفى تجاهل تام للاستياء الشعبي المتزايد على مستوى كافة الطبقات، بسبب حالة الفقر المنتشر، فإن السلطة تصر على:
الاستمرار في استخدام العبء الضريبي من أجل تعويض إيرادات الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية، من خلال زيادة الضرائب على الاستهلاك والضغط على القطاع الخاص، وهو ما تجاوز المستوى الذي يمكن أن يطيقه المواطنون، ويتحمله الاقتصاد؛ ففي سنة 2015، تجلت هذه السياسة الضريبية المجحفة من خلال زيادة شاملة للضريبة على القيمة المضافة بنسبة 2%، تلتها زيادة في الضرائب على المنتجات البترولية والأرز المستورد، وفي نفس الوقت حافظت الدولة، بتعنت، على أسعار المحروقات، على الرغم من الانخفاض الحاد في أسعارها عالميا، مما مكنها من رصد مبلغ 25،3 مليار أوقية خلال الأشهر الستة الأولى من السنة.
وتجدر الإشارة إلى أن الإيرادات غير الضريبية في انخفاض حاد، حيث أن التوقعات لسنة 2016 لا تتعدى مبلغ 89،4 مليار أوقية، في حين وصلت محاصيل 2015 لمبلغ 147،34 مليار أوقية؛ وقد تطورت نسبة الإيرادات غير الضريبية مقابل الإيرادات الضريبة لسنوات 2013، 2014، 2015 و2016 على النحو التالي: 45%، 41%، 55% و28% فقط؛
وثيقة حزب التكتل المعارض الصادرة بتاريخ 19 سبتمبر 2016