بعد سقوط هذا القائد ومجموعة من خيرة العسكريين أخذت الحرب بين موريتانيا والبوليزاريو منعطفا جديدا بتسلل وحدات عسكرية من العدو إلى داخل البلاد لتصل إلى مشارف العاصمة فيما أطلق عليه عملية "الولي مصطفى السيد"...
استيقظ سكان انواكشوط في 8 يونيو 1976 على فزع:
استيقظوا على أصوات المدافع تقصف أرجاء العاصمة على الرغم من هزيمة الوحدات الصحراوية بفضل شجاعة وصمود بعض قادة جيشنا، وعلى رأسهم فياه بن المعيوف الذي أثار ببطولته تلك إعجاب الشاعر الشعبي:
اسك موجب فياه اقيود اوخر فامنين امش فياه
عن هك إفياه إعود تل ابعيد افياه إلاه
رغم ذلك فإن هذه العملية أدت إلى زعزعة أركان النظام السياسي.
تتابعت الهجمات على المدن في أقصى الشرق ووسط البلاد وتعرضت بعض سفاراتنا ودبلوماسيتنا في الخارج للاعتداء مثل السفير أحمد بن اغناه الل كان ذلك بتاريخ 7/9/1976
لقد أحسن الصحراويون اختيار هدفهم إذ كانوا يريدون إيذاء موريتانيا أو الإساءة إليها.
كان أحمد من نوع نادر من الرجال. كان شديد الوفاء، قوي الإيمان، هادئ الطباع. كان مهابا دون ما فظاظة، مرنا دونما هشاشة.
تقلد مناصب سامية في الخارجية والصحة والطاقة والإعلام، يذكره اليوم بحنين وشوق كل من عمل معه. كان نزيها عادلا يكره الظلم والنفاق وكان كثيرون لا يقوون على مواجهته في أمور غير قانونية.
حين كان سفيرا في باريس (وهي الفترة التي تعرض فيها لمحاولة الاغتيال) كانت تلك الفترة تمثل العصر الذهبي في العلاقات الموريتانية الفرنسية فقد كان أيضا شديد اللياقة الدبلوماسية حسن الخلق، واعيا جدا بمصالح بلاده.
أدت هذه الهجمات إلى أن تستنجد الحكومة بالمساعدة العسكرية الفرنسية في عام 1977م وتقرر الرفع من مخصصات الجنود والإنفاق العسكري عموما مما كلف ميزانية الدولة أعباء جديدة لم تستطع النهوض بها وأصبحت القيادة تبحث عن مصادر تزودها بالأسلحة حتى إذا ضاقت عليها الأرض بما رحبت ولم تجد من الدعم ما فيه الكفاية أخذت تلتمس المساعدة حتى من المواطنين.
كنت وقتها ممن يمارسون التجارة بعينات من أسلحة وبنادق الصيد فأرسلوا إلي يطلبون جميع ما بحوزتي منها وهو 120 بندقية و9000 قطعة غيار على أن يدفعوا إلي ثمنها أو يعيدوها إلي إذا سمحت الظروف، وقد وصلني الأمر في الشأن من وزير الدولة للسيادة الخارجية آنذاك السيد أحمد بن محمد صالح بواسطة "حمود بن الناجي" قائد القوات المسلحة.