يرى مراقبون للشأن المحلي أن حديث الوزير الأول المهندس يحي ولد حدمين أثناء اجتماعه بالآمرين بالصرف، قد خدم ضمنياً أجندة المعارضة، وأكد بصيغة معينة ما ذهبت إليه وثيقة حزب التكتل التي وصفت تسيير البلد بـ"الكارثي..
فمن حيث الشكل يعتبر هؤلاء أن حديث الوزير الأول في خطاب رسمي عن استشراء الفساد في مفاصل الدولة يُعد اعترافاً صريحاً بفشل سياسة محاربة الفساد التي تبناها رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز منذ وصوله لسدة الحكم، بل وأكد الأخير أكثر من مرة على سعيه للقضاء على هذه الآفة نهائياً.
وهو ما اعتبروه هبوطاً هو الأول من نوعه في مستوى الخطاب الرسمي، واعترافاً بفشل رئيس الجمهورية نفسه في اختيار معاونيه، كما أنه يؤكد ضمنياً أن نخبة الرئيس التي يعوًل عليها "فاسدة ومخادعة"..!
أما إسهابه في أدق تفاصيل وجزئيات عمليات الاحتيال والنهب الذي تشهده معظم قطاعات الدولة، بحسب متابعين ـ فلا يعدٌ انهيارا لهيبة الدولة أمام الرأي العام فحسب؛ بقدر ما يعتبر تحطيماً لأسطورة محاربة الفساد ونسف الهالة التي أحاطها الرئيس بتسييره لشؤون البلد.
وخلص التحليل إلى أن الاجتماع بحد ذاته لم يكن مبرراً ما دامت رسالة إدارية مختومة تكفي لتخليص المهمة، مع العلم أن علاقة آمري الصرف بالحكومة لا تعدوا كونها علاقة قانونية محضة وبعيدة عن السياسة، كما أن حديث الوزير الأول عن الفساد في وقت تتعامل فيه حكومته مع مفسدين بطرق غير قانونية كان من الأولى تفاديه، خصوصاً وأن غالبية المشمولين في ملفات فساد وقضايا مماثلة، إما أطلق سراح بعضهم بتفاهمات خارج القانون، أو عيًن في مناصب سامية.