في إطار سلسلة التقارير والتحقيقات التي نعدها عن أداء فساد الطبقة السياسية المتحكمة في إدارة الشأن العام؛ تعيد "السفير" نشر تقرير مفصًل أعده مكتب دراسات محلي بالتعاون مع مكتب أجنبي متخصص في التدقيق المالي لصالح الشركة الموريتانية للصناعة والمناجم " سنيم"، كشف عن عجز قدره ثمانية مليارات أوقية في حسابات شركة ATTMخلال فترة تسيير وزير التجهيز والنقل السابق والوزير الأول الحالي المهندس يحي ولد حدمين لها.
وبموجب التقرير الذي حصلت عليه السفير في يناير 2013، وقعت الوزارة مجموعة اتفاقيات مع الشركة الوطنية لصيانة الطرق ENERبقيمة 9 مليارات من ميزانية القطاع بهدف معلن يتمثل في دعمها للإشراف على الاتفاق مع شركات خصوصية لإنجاز الطرق، وحقيقته استنزاف الأموال لصالح نافذين.
الاتفاقية همشت دور ATTMالتي توجد بها خبرات وطنية جيدة في مجال تشييد وإنجاز الطرق بسبب وجود خلاف بين مديرها المهندس محمد ولد بلال مع وزير التجهيز لصالح شركة ENER.
وبموجب الاتفاقية تتنازل ENERللخصوصيين لا يمتلكون تجربة في المجال، عما يتجاوز طاقتها في إنجاز الطرق، رغم أنها ليست مكلفة بذلك أصلا وإنما مهمتها صيانة الطرق بعد إنجازها، ويتم التعامل مع تلك الشركات وفق ذلك دون وجود مكتب إشراف ومتابعة مستقل حيث تتولىENERدور الخصم والحكم في الوقت ذاته.
ويلزم القانون الشركات التي تتقدم لمناقصات في مجال إنشاء وتشييد الطرق بملف يثبت لها خبرة وتجربة لا تقل عن حمس سنوات.
ويهدف الوزير من وراء الاتفاقية إلى تحييده عن المسؤولية المباشرة رغم أنه مسؤول بالدرجة الأولى عن كل الأفعال التي تجري في قطاعه.
الغريب في الأمر أن الميزانيات التي رصدت لإنشاء الطرق منذ وصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى السلطة، والتي فاقت ميزانيات التعليم والبحث العلمي والدفاع مجتمعة، لم تفلح حتى الآن في تدشين طريق واحد رغم الكم الهائل من وضع الحجر الأساس، حتى أن مأمورية الرئيس شارفت على نهايتها دون أن يتم تسليم الطرق التي استقطبت جزءا كبيرا من التعهدات والخطابات والأموال.
المراقبون يرون أن ما نهب من أموال الدولة باسم الطرق لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد، ومع ذلك لم يؤد إلى تشييد طرق بالمعايير الفنية المطلوبة.
فلم ينجز بالكامل أي طريق رابط بين المدن حتى الآن، وهناك طرق ما زالت تراوح مكانها كطربق كيفه - كنكوصه،و تجكجه - أطار، وكرمسين - اعويفيه، وباركيول - الغايره؛ ولكصيبة- امبود وهي المناطق التي تمثل مثلث الفقر الذي تعهد الرئيس بفك العزلة عنه.
أما الطرق الحضرية داخل المدن التي أنجز العديد منها في مدن: انواكشوط - أحياء الترحيل وفي انواذيب وروصو و النعمة فقد التفت على أكثر المبالغ بعدما ضخمت فواتيرها بشك غير مسبوق.، في غياب تام للمعايير الفنية والخطوات الإدارية السابقة على التنفيذ واللاحقة له؛ كإعلان المناقصة والإشراف والتسليم والتدشين.
وبين الفينة والأخرى يقام بترقيع بعض المقاطع في طرق نواكشوط لكنها سرعان ما تعود لحالة التقعر كلما مرت شاحنة أو نزلت أمطار، بالإضافة إلى لصق طرق متوازية كما هو حال طريق جمال عبد الناصر ومدخل طريق أكجوجت، وكذلك طريق مدريد - توجنين، وبفواتير تفوق أحيانا تكاليف التشييد.
فهل سيكون للتقرير المقدم لمجلس إدارة ATTMتأثير، بحيث يتيح فتح ملفات فساد رؤوس كبيرة في النظام أينعت وحان قطافها، خاصة أن التقرير سيسلم لمجلس إدارة الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم)، التي تلزمها الاتفاقيات بإرسال نسخة منه لشركائها ؟