لم يكن محمد خون وقتها معروفا في الأوساط السياسية، سمع الناس عنه في الأيام الأخيرة لحرب الصحراء، وقد سمعت مرة من أحد رفاقه في الحكم أن أستاذه في المدرسة العسكرية وصفه يوما بأنه "أصبح للحرب منه في تدبير الأمور وسياستها" ومصداق ذك ما أشيع عنه من شجاعة في حرب الصحراء رغم أصابع الاتهام التي وجهت إليه في شأن التواطؤ مع جبهة البوليزاريو، لكن دوره كقائد عسكري وكمحارب متمرس في ميدان المعركة يفند هذه المزاعم، ومما يفندها أيضا وقوف "أحمد بن محمد صالح" إلى جانبه عندما تطور الأمر إلى حد صدور قرار من المحكمة يقضي بإيداعه السجن.
هكذا تسلم "محمد خون" مقاليد الأمور ولم تكن له خبرة ذات شأن في إدارة الحكم ولم يتخذ بطانة من أولى المعرفة والتجربة وحسن المراس في هذا المجال.
كان يفترض أن وقر المسؤولية وجسامة العبء سيعززان الصفات الإيجابية في شخصية الرجل، لكنه سعى إلى تقريب مجموعات معينة أو سعت هذه للتقرب منه.
كانت مجموعات ممن لهم حسابات شخصية استغلوا وظائفهم ومكانتهم من أجل تصنيفها، وتشكلت من هذه المجموعة فئتان:
فئة مثقفة كل همها أن تتحكم في مجرى السياسة وأن تجد الطريقة الملائمة لتحصيل الثروة واحتلال مراكز القرار فالمال من أهم مولدات القوة والقوة أكبر أسباب النفوذ والنفوذ استثمار رابح.
فئة غير متعلمة وغير ذات خبرة بممارسة النفوذ الجديد أغلبها من المحيط العائلي للرئيس ويجري وراء أطماعه المادية. كانت هذه الفترة هي بداية ترسيخ قيمة المال على حساب القيم الأخرى.
أصبح الذين يبحثون عن أمن فردي وجماعي أو عن مصالح ما بحاجة إلى الدخول تحت مظلة إحدى الطائفتين كما أصبح على كل ذي ظلامة أن يستشفع بهما في جو بدأت فيه الدسائس تعمل مفعولها.
لم تعد الوقيعة بالأبرياء مهما كانت منزلتهم أمرا صعبا بالنسبة لهؤلاء الذين استطاعوا أن يصوروا أنفسهم أعوانا مخلصين للرئيس بينما لم يستطع "موشور جنانه الأبيض" أن يميز الخبيث من الطيب حتى ألبسوا عليه أمره ولم يكلف نفسه عناء التأكد من صدق عواطفهم نحوه يقول تعالى: (يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) صدق الله العظيم.
لم تمض سنة حتى ساءت الأوضاع على نحو غير مسبوق ولم يعد أي فرد يشعر بالأمن أو يعلق أملا على الوعود التي يتحدث عنها للنظام، وبالرغم من سيطرته الكاملة على أجهزة الأمن إلا أن ذلك لم يحل دون قيام عدة محاولات لقلب نظام الحكم. من هذه المحاولات ما كان حقيقيا، ومنها ما كان وهميا اتخذ كذريعة لعمليات سجن جماعية، ولعل من تلك المحاولات الجريئة عملية السادس عشر مارس 1981 التي قادها ضابطان من الأعضاء السابقين في اللجنة العسكرية هما: العقيد محمد بن أباه بن عبد القادر والعقيد أحمد سالم بن سيد وقد وجهت أصابع الاتهام إلى المغرب بالوقوف وراء تلك المحاولة، ونتيجة لذلك قطع النظام جميع علاقاته بهذه الدولة وأعدم الضابطين ثم اتخذت هذه العملية ذريعة لإلغاء مشروع الدستور وحل الحكومة المدنية ولمزيد مزيد من خلق الحريات.