كشف مسلمو أفريقيا الوسطى عن ردود أفعال متباينة بعد قرار تعيين الرئيس المنتخب حديثا فوستن تواديرا رئيس وزراء جديدا للبلاد من غير المسلمين. وتفاوتت ردود الفعل بين خيبة الأمل والترقب وبين الترحيب الحذر بهذا التعيين، في بلاد ما زالت منقسمة عقب أعمال عنف طائفية دامية بين الأغلبية المسيحية والأقلية المسلمة.
واختار تواديرا –الذي أدى اليمين الدستورية يوم 30 مارس/آذار الماضي- سمبليس سارنجي رئيسا للوزراء، وهو مسيحي مستقل. وقد برر اختياره في اجتماع عقد أول أمس الاثنين “بالظرف الصعب والملح” الذي تعيشه البلاد بعد مضي عامين على نزاع طائفي بين حركة سيليكا (أغلبها من المسلمين) ومليشيا أنتي بالاكا (مسيحية)، راح ضحيته المئات ودفع آلاف المسلمين للمغادرة باتجاه الدول المجاورة هربا من هجمات المليشيا المسيحية.
وإزاء هذا الاختيار أعرب أمات ديليريس نائب رئيس الأقلية المسلمة بأفريقيا الوسطى لوكالة الأناضول عن شعور المسلمين بالخيبة، “إذ تمنوا أن يكون رئيس الوزراء من دينهم، بما أن رئيس البلاد مسيحي، من أجل ضمان التوازن”.
أما الإمام يوسف نامغينا فقد أشار في تصريح للأناضول إلى أنه كان يجدر بالرئيس الانتظار قليلا قبل تعيين رئيس الوزراء، لكنه تسرّع في اتخاذ القرار، فلم يتبق أمام المسلمين سوى ترقب ما ستؤول إليه الأمور. إلا أن يوسف في نفس الوقت أشاد بتعيين شخصية “مستقلة” قطعت الطريق على المزايدات السياسية.
وفي هذا السياق قال أجا كاتيجا عضو “ائتلاف شباب أفريقيا الوسطى للأديان” الذي يضم مسلمين ومسيحيين على حد سواء، إنه بعيدا عن الانتماء الديني، تظل مصلحة كافة شرائح السكان هي الأهم في النهاية. ولفت في تصريح للأناضول أن الائتلاف ينتظر من الحكومة الجديدة أفعالا “ناجعة” لدمج الشباب.
ترقب وملفات
أما داعمو تواديرا من غير المسلمين فقد أعربوا أيضا عن رغبتهم غير المعلنة في الوصول إلى السلطة، مع توقعهم أن يكونوا ممثلين في البرلمان المقبل المقرر إجراء انتخاباته يوم 27 أبريل/نيسان الجاري.
وقال إدوارد باتريس نغيسونا رئيس حزب “أفريقيا الوسطى من أجل الوحدة والتنمية” -إحدى الحركات التي كانت تتبع مليشيا أنتي بالاكا- “ليس لديّ رأي شخصي في هذا الصدد.. فقط، كل ما أعلمه أن رئيس الوزراء عمل لفترة طويلة مع رئيس البلاد ويعرفه جيدا”، مضيفا أن تواديرا باستطاعته “ممارسة سلطته التقديرية” أثناء تشكيل الحكومة، وأعتبر أن دعوة حزبه للانضمام إلى الفريق الحكومي “ستكون خطوة حميدة”.
في السياق ذاته، يرى مارتن زيغيلي رئيس حزب “حركة تحرير شعب أفريقيا الوسطى” الذي دعم تواديرا بقوة في الدور الثاني من السباق الرئاسي يوم 14 فبراير/شباط الماضي، أن القرار الذي اتخذه الرئيس جاء مراعاة للظرف الذي تعيشه البلاد، خاصة أن رئيس الوزراء حظي بدعم كبير على حد تعبيره، لافتا إلى أن اللعبة لم تنته بعد، في إشارة إلى تشكيل الحكومة المرتقب.
وكان تواديرا تعهد بأداء مهامه دون أي اعتبارات عرقية أو شخصية، حيث يواجه ثلاثة ملفات أساسية: أولهما إعادة الأمن إلى أفريقيا الوسطى المنقسمة، وثانيها تحقيق المصالحة الوطنية. وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أن الرئيس مدعو إلى تشكيل حكومة متناسقة تضم مسلمين ومسيحيين لدرء الخلافات.
غير أن التحدي الأهم -وهو الملف الثالث- الذي يواجه الرئيس الجديد، يظل تحقيق الانتعاش الاقتصادي الذي تحتاجه البلاد التي تعد من بين الدول الأكثر فقرا في العالم، رغم ما تكتنزه أراضيها من موارد طبيعية، مثل معدن الماس.
المصدر: الأناضول, الجزيرة